رضيع بأسنان مسوّسة !
ظلت تعد الأيام والليالي في انتظار اللحظة التي ترى مولودتها البكر، ثم ترقبت خطواتها الأولى وظهور أسنانها الأولى، ومع قدومها بأشهر لاحظت الأم بقعاً بيضاء في أسنان وليدتها وسرعان ما تحولت البقع إلى لون داكن ما يشي بحدوث أمر غير طبيعي، حملتها إلى أقرب عيادة أسنان لتفاجأ أن الرضيعة التي لم تبلغ عمر العام ونصف العام، تعاني من تسوس في أسنانها اللبنية، صعقت الأم! كيف لطفلة كل طعامها حليب الأم أن تصاب بالتسوس.. فمن أين جاء السوس؟
هذه القصة جعلتنا نتوجه بسؤال طبيبة أسنان الأطفال الدكتورة نور الهدى حجازي عن الأسباب وكيف حدث ذلك، فقالت: إن التسوس الناجم عن الرضاعة يسمى «تسوس الطفولة المبكر» ويصيب الأسنان اللبنية في العامين الأولين من عمر الطفل، وتظهر في الأسنان الأمامية العلوية ويمكن أن يصيب التسوس الضروس الخلفية في المراحل المتقدمة. وعن أسبابه توضح حجازي، أن ذلك يعود إلى الإرضاع المتكرر في الليل وأثناء نوم الطفل، والإرضاع دون تنظيف بقايا الحليب العالقة على أسنان الطفل، لأن سكر الحليب (اللاكتوز) يبقى على سطح الأسنان ويكون بمثابة غذاء للبكتيريا الموجودة في فم الرضيع إذ يتم فرز أحماض تتسبب في تدمير الأسنان في المراحل المتقدمة، ومن الأسباب قلة إفراز اللعاب أثناء النوم ما يؤدي إلى زيادة نشاط البكتيريا الموجودة في الفم ليلاً. وتضيف حجازي: إن تسوس الطفولة المبكر أو التسوس الناجم عن الرضاعة لا يقتصر على الرضاعة الصناعية فقط، فالبكتيريا تعمل علي سكر الحليب أو (اللاكتوز) الموجود في الحليب سواء الصناعي أو حليب الأم، وإن كان الحليب الصناعي في الأغلب يحتوي علي نسبه أعلى، ومن الأسباب أيضاً نوم الطفل وفي فمه زجاجة الحليب أو العصير والنوم على صدر أمه أثناء الرضاعة، ومشاركة الطفل في أدوات لعبه أو أكله أو تقبيله في فمه.
افطميه باكراً
لم تكتفِ الدكتورة نور الهدى بالتحذيرات، وأوضحت للأمهات أن فترة الرضاعة إذا زادت عن حدها تسبب إصابة الأطفال بالتسوس المبكر، فأغلب الدراسات تشير إلى أن الاستمرار في الرضاعة الطبيعية بعد العام والنصف من عمر المولود، يرفع نسب الإصابة بتسوس الطفولة المبكرة، لذلك أوصت الدراسات بفطام الرضيع بين الستة الأشهر والعام على الأكثر، كما طالبت الأمهات بضرورة تنظيف فم الطفل وأسطح أسنانه البنية بعد كل رضاعة بمسحها بقطعة شاش مبلولة بالماء واستخدام فرشاة الأسنان عند بلوغه العام مع ضرورة عرض الأطفال على طبيب الأسنان كل ستة أشهر حتى تضمن الأم لطفلها سلامة أسنانه ونطقه للحروف الهجائية بشكل جيد مع تمتعه بنضارة أسنانه، والمحافظة على الأسنان اللبنية فتعرّضها للخلع في سن مبكرة يؤثر على حفظ مسافات الأسنان وزراعتها.
اكثري من الكمثرى
كشفت اختصاصية أسنان الأطفال حجازي، أن استخدام اللهاية أو (التتينا) والتعود عليها لفترة طويلة يؤدي إلى بعض الأضرار مثل عدم نمو الأسنان بالشكل الصحيح أو حدوث العضة المفتوحة عند الأطفال أو العضة المعكوسة، كما يوثر الاستخدام الطويل على نطق الطفل وتأخره في الكلام في بعض الأحيان وإن كان لابد من استخدامها عند نوم الطفل لفترة صغيرة يجب تجنب وضع أي نكهات مثل الحلوى أو العسل علي اللهاية تجنبا لخطر التسوس. وأشارت إلى أن بعض الدراسات أكدت على أهمية تناول الأطفال للأطعمة الصلبة التي تساعد على نمو الفك، وكذا الأطعمة ذات الألياف مثل الحبوب الكاملة التي تقوي اللثة وتقلل من الالتهابات وتساعد على بزوغ الأسنان، مع أهمية تناول الطفل للفواكه وبالذات الكمثرى والتفاح التي تساعد على تنظيف الأسنان وتقلل من البكتيريا المسببة للتسوس.
أسنان تنمو في الرحم
اختصاصي أسنان الأطفال الدكتورة ريم عبدالرؤوف السيد، ترى أن تسوس أسنان الأطفال يعد واحدا من أكثر الأمراض شيوعاً في من تقل أعمارهم عن الخامسة، وهو من أكثر المشكلات التي تؤثر على صحة الفم والأسنان، ويظهر التسوس ببقع بيضاء تتطور الى ثقوب أو تهدم كامل للسن، وقد تتسبب في صعوبة المضغ وأحيانا تقود إلى حدوث دمل والتهاب للأنسجة المحيطة بالأسنان. وللوقاية من الإصابة تقول الدكتورة ريم، إن ذلك يبدأ بالمسؤولية المجتمعية والتوعية بكيفية حدوث المرض وطرق الوقاية، مروراً بالاهتمام بصحة الحامل والتغذية الجيدة نسبة لأن أسنان الأطفال يبدأ نموها داخل الرحم، مع الأخذ في الاعتبار الزيارة المبكرة لطبيب الأسنان، وعندما يصل عمر الطفل العامين، لا بد من استخدام فرشاة السليكون لتنظيف أسنانه بالمعجون المزود بالفلورايد تحت إشراف الطبيب لتحديد الكمية المناسبة وتركيز الفلورايد فبعض الأطفال يحتاجون إلى تطبيق الفلورايد بالعيادة بصورة منتظمة تحدد من الطبيب، كما يبقى الكشف المبكر عن التسوس من أهم طرق الوقاية. وحذرت الطبيبة ريم، من الرضاعة عن طريق الزجاجة أثناء النوم، إذ يمكن أن يدخل الحليب إلى قناة أستاكيوس والأذن الوسطى ويسبب العدوى.
عض وصعوبة في المضغ
أخصائي تقويم الأسنان الدكتور خالد شيبان قال: إنه في حالة تعرض أي سن لتسوس في الأسنان لا بد من التدخل الطبي سواء كان لطفل أو لكبير، فالأمر يحتاج إلى معالجة بعض التشوهات خصوصاً حال المعاناة بسبب قصور في نمو أحد الفكين وصدور أصوات مع صعوبة في العض أو مضغ الطعام، وأفضل وقت للحصول على أحسن النتائج عند وصول سن الطفل بين 711 عاماً، أي قبل البلوغ، أما إذا كانت المشكلة في تزاحم الاسنان وفراغاتها وتداخلاتها تؤجل المعالجة بالتقويم إلى ما بعد بزوغ الأنياب عندما يبلغ الطفل بين 1213 عاماً، مشيراً إلى أن البدء في تقويم الأسنان في سن مبكرة يكون أكثر فعالية لنمو الفكين والرأس وتكون الأسنان أكثر قابلية للتقويم فيسرّع العلاج ويوفر الوقت.
وبين الدكتور شيبان، أن فترات العلاج تختلف من طفل لآخر بحسب معاناته وظروف أسنانه، ولذلك كأطباء أسنان نوصي دائما الأباء بتمكين أطفالهم من زيارة عيادات الأسنان لمجرد الزيارة من أجل زرع الثقة في نفوسهم وكسر حاجز الخوف عنهم من تأثيرات أجهزة المعالجة.