ماذا وراء فكرة إنشاء حرس أردني – إسرائيلي – فلسطيني في الأقصى؟
دعت كاتبة إسرائيلية إلى تشكيل “حرس مشترك” يضم ثلاثة أطراف من أجل العمل في المسجد الأقصى المبارك، كي لا تفقد هذه الأطراف مكانتها هناك، لصالح فصائل المقاومة الفلسطينية، وخاصة حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”.
وذكرت الكاتبة رونيت مارزان في مقال بصحيفة “هآرتس” العبرية، أن “القيادة الفلسطينية غير معنية بتحمل المسؤولية الحصرية عن الخطاب السياسي حول القدس والأماكن المقدسة، وهي تفضل أن تنقل المسؤولية للمملكة الأردنية، التي تؤدي دورا في السياق المقدسي”.
ونوهت إلى أن “الملك الأردني مسؤول عن الوقف في القدس، والملك السعودي حامي الأماكن المقدسة في مكة والمدينة، وملك المغرب يقف على رأس لجنة القدس، وموقف السلطة الفلسطينية تحت قيادة محمود عباس يشبه الموقف الذي اتخذه ياسر عرفات (الرئيس الفلسطيني الراحل)، والذي حرص على عدم تحمل مسؤولية عن القدس والأماكن المقدسة، وأوضح بأنها وديعة لدى الأمة العربية والإسلامية، وهي فقط المسؤولة عن البت في مصيرها”.
في آذار/ مارس 2013 عباس والملك الأردني عبدالله الثاني وقعا على اتفاق بـ”موجبه الملك، الذي يحمل لقب القيم ويخدم الأماكن المقدسة في القدس، يتعين عليه حماية الهوية الإسلامية وكرامة الأماكن المقدسة، وأن يضمن مصالحها في المنتديات الدولية ويشرف على الأوقاف في المدينة، ويحافظ على وصول حر لإدارة مراسم العبادة”.
ولفتت مارزان إلى أن “منظمة التحرير والسلطة تعهدتا باحترام الاتفاق، وعباس عبر عن ذلك في مناسبتين: الأولى؛ في خطاب تلفوني أمام لجنة التوثيق التاريخي للمسجد الأقصى في حزيران/يونيو 2022، وفي المرة الثانية؛ في مؤتمر صحفي، بعد نهاية زيارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن إلى رام الله في تموز/يوليو 2022، حيث أعرب عن أمله أن تؤدي الجهود إلى “احترام المكانة التاريخية للأماكن المقدسة تحت الرعاية الهاشمية”.
وأشارت إلى أن “إسرائيل أيضا تعهدت بـ”احترام” دور المملكة في فضاء المسجد الأقصى، في اتفاق السلام الذي وقعته معها عام 1994، حيث كتب فيه: “إسرائيل تحترم الدور الخاص القائم للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن المقدسة الإسلامية في القدس، وفي الوقت الذي ستجرى فيه المفاوضات على المكانة الدائمة، ستمنح إسرائيل أفضلية عالية للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن المقدسة، سنعمل معا من أجل الدفع قدما بالعلاقات الدينية بين الأديان الثلاثة، بهدف العمل من أجل فهم ديني والتزام أخلاقي وحرية عبادة وتسامح وسلام”، بحسب زعمهم
ونبهت الكاتبة إلى أن “التعهد شيء والأفعال شيء آخر، ففي كل عام ومع قدوم شهر رمضان، الأردن والسلطة وإسرائيل، يستعدون لمنع مواجهة عنيفة ولا ينجحون حقا، حيث إن خطاب اليهود الذين يحلمون ببناء الهيكل (المزعوم مكان المسجد الأقصى)، وفي ظل رفع شعار “الأقصى في خطر”، تشتعل النار في الفضاء المقدس، ويتدهور الوضع لمواجهة عنيفة”.
وأضافت: “في العقود الأخيرة، ومع محاولات جهات معنية أن تشعل الأوضاع في المسجد الأقصى (من أجل وقف أطماع ومخططات الاحتلال التي ترمي في النهاية إلى السيطرة على المسجد الأقصى بشكل كامل)، تستخدم إسرائيل القوة كي لا تبدو ضعيفة، ودائرة الأوقاف بالقدس (تتبع الأردن) ضعيفة وليس لها الأدوات التي تمكنها من منع الشبان للدخول إلى المسجد الأقصى، وتفضل ألا تتواجه معهم من أجل ألا ينظر إليها كمتعاون مع إسرائيل، والسلطة مقصاة عن المسجد منذ عشرات السنين، وليس لها علاقة بما يجري هناك”.
وأوضحت أنه “في حال كانت الأطراف الثلاثة؛ إسرائيل والأردن والسلطة، لا ترغب بأن تفقد ما تبقى من مكانتها في المسجد الأقصى لصالح حماس والجهاد الإسلامي وجهات راديكالية أخرى، عليهم أن يفكروا بمسار جديد، فتهويد النزاع يبعد عنا كل من وقع معنا على اتفاق تطبيع، كما أن “أسلمة” النزاع يقوض استقرار الحكم للسلطة وفي المملكة الأردنية، ومن ثم كل الأطراف تخسر”.
ورأت مارزان، أنه لأجل عدم خسارة هذه الأطراف الثلاثة، فقد “حان الوقت لدراسة إنشاء “حرس أردني – إسرائيلي – فلسطيني” يتحمل مسؤولية مشتركة عن إدارة “الحوض المقدس” (مشروع تهويدي في القدس المحتلة؛ يبدأ من حي الشيخ جراح ويضم البلدة القديمة بالقدس، وحتى بلدة سلوان وسفح جبل المكبر)؛ لأن مثل هذه الشراكة، من شأنها أن تخلق أجواء أكثر راحة على المسجد الأقصى”، وفق رؤيتها التهويدية.
وختمت مقالها وقالت: “قرار المستوى السياسي بعدم السماح لليهود باقتحام المسجد الأقصى حتى نهاية رمضان، هو قرار صحيح، لكن من المهم ألا يستخدم كإبرة أمان في الثوب الممزق، بل كبداية خياطة لثوب جديد واسع، بما فيه الكفاية لمقاسات المسلمين واليهود على حد سواء”.