اخبار

هل تنتحر إسرائيل بصمت؟ د.علي الهزيل

كتبت الصحافية الإسرائيلية رافيت هيخت في صحيفة هآرتس أن سلوك إسرائيل في الحرب على غزة والضفة الغربية، ورفضها وقف الحرب، قد يؤديان إلى عزلتها الدولية بشكل متسارع، مما يعني انتحار إسرائيل بصمت في ظل قيادة يمينية متطرفة تتعامى عن الواقعين الداخلي والخارجي للدولة.

يُذكّرني كلام هيخت بتصريح مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي كارتر، زبيغنيو بريجنسكي، خلال المفاوضات بين إسرائيل ومصر حول اتفاق كامب ديفيد في أواخر السبعينيات من القرن الماضي. من بين مواضيع المفاوضات، اقترح السادات إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ودعم الرئيس الأميركي كارتر ومستشاره بريجنسكي بشكل قوي مطلب السادات. إلا أن مناحيم بيغن، رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك، رفض الفكرة بقوة، وقال مشددًا: “الضفة الغربية هي يهودا والسامرة، أرض الميعاد للشعب الإسرائيلي، ولن نتنازل عنها تحت أي ظرف”.

حينها قال بريجنسكي جملته الشهيرة: “من ينقذ إسرائيل من نفسها؟”. وقد يكون ما كتبته هيخت بشأن “إسرائيل تنتحر بصمت” ترجمة تاريخية لما قاله بريجنسكي، خصوصًا أن الدولة فقدت توازنها السياسي والدبلوماسي والاجتماعي بعد “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر، في وقت تمكّن فيه اليمين الديني واليمين الليبرالي المتطرف من الحكم، ويرى في الحرب فرصة لحسم الصراع وتحقيق ما قصده بيغن في مفاوضات كامب ديفيد فيما يتعلق بحدود الدولة اليهودية بين النهر والبحر.

وعليه، ليست من قبيل الصدفة أن يتكرّر قول بريجنسكي بعد حوالي خمسين عامًا: “من ينقذ إسرائيل من نفسها؟” في سياق ما كتبته الكاتبة الإسرائيلية هيخت: “إسرائيل تنتحر بصمت.”

خلاصة القول: من ينقذ إسرائيل من نفسها، وهي تنتحر بصمت، على حد تعبير الكاتبة، الذي سبقها إليه بريجنسكي برؤية استراتيجية ثاقبة، رأت “طوفان الأقصى” وما بعده من طوفانات، إذا ما أصرت إسرائيل على عقيدة بيغن ونتنياهو وسموتريتش، التي أسس لها الأب الروحي جابوتنسكي بقوله إن الدولة اليهودية لن تستطيع الاستمرار في العيش في البحر العربي الإسلامي دون تطبيق استراتيجية “الجدار الحديدي”. وتعني هذه الاستراتيجية أن ما لم يُهزم بالقوة، سيُسحق بقوة أكبر.

وهذا ما يحدث في غزة اليوم، وهو ما يفسّر فهم عملية “مركبات جدعون”. ومن المثير للاهتمام أن إسرائيل أطلقت سابقًا على إحدى عملياتها أثناء نكبة 1948 اسم “عملية مركبات جدعون”، والتي استهدفت السيطرة على منطقة بيسان الفلسطينية وطرد سكانها. وهذا ما تسعى إليه فعليًّا اليوم في قطاع غزة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى