ترامب برسالةٍ صارمةٍ لنتنياهو: إيّاك ان تهاجم إيران..إسرائيل لا تملك قنابل تخترق الخنادق العميقة لمواقع المنشآت النوويّة ..

كشفت مصادر أمريكيّة وإسرائيليّة وصفت بالمطلعة جدًا أنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب وجهّت رسالةً حادّةً وصارمةً إلى حكومة بنيامين نتنياهو في الأيّام القليلة الماضية. وبحسب المراسلة السياسيّة في القناة الـ 13 بالتلفزيون العبريّ، فإنّ البيت الأبيض اكتشف أنّ نتنياهو يُحاوِل عبر الألاعيب إفشال الاتفاق النوويّ الذي تعمل واشنطن على إبرامه مع الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، لذا تقرر توجيه الرسالة التي حملت تهديدًا صريحًا مفاده أنّه يتحتّم على الكيان التزام الصمت وعدم التدّخل، لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ، في المفاوضات الجاريّة بهدف إفشالها، أمّا البند الثاني في الرسالة فكان تحذير إسرائيل من الإقدام على توجيه ضربةٍ عسكريةٍ لإيران في هذه الفترة، أيْ فترة المفاوضات، على حدّ قول المصادر الرفيعة.
إلى ذلك، أشار المختص بالشؤون الأمنية يوسي ملمان في صحيفة (هآرتس) العبريّة إلى أنَّ مقولة “الجنون هو أنْ تفعل نفس الشيء مرارًا وتكرارًا وتتوقع نتائج مختلفة” تُنسب إلى ألبرت أينشتاين، رغم عدم وجود أيّ دليلٍ مكتوبٍ يؤكّد أنّه قال ذلك، ولكن هذا بالضبط ما تفعله إسرائيل بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منذ حوالي عقد ونصف، فهي تهدد مرارًا وتكرارًا بشنّ هجومٍ على المنشآت النووية الإيرانيّة، لافتًا إلى أنَّ تصعيد الخطاب بشكلٍ متزايدٍ يوضح أنّ إسرائيل لن تسمح لإيران بتطوير سلاحٍ نوويٍّ.
وتابع: “ترافق هذه الأقوال أفعال: إرسال طائرات سلاح الجو إلى تدريبات، بما في ذلك التدرب على إلقاء القنابل والصواريخ على مدى أسابيع عديدة، وتعزيز جهود جمع المعلومات الاستخباراتية، ومسعى دبلوماسي من قبل السفراء ورؤساء البعثات في جميع أنحاء العالم الذين يلحون على دول عديدة لدعم إسرائيل، وإلا.”
واعتبر أنَّ “هذا النشاط يهدف ظاهريًا إلى تحضير إسرائيل، وبشكل خاص العالم، لهجومٍ وشيكٍ، لكن الهجوم يتأخر مرارًا وتكرارًا. في الواقع، الهدف من هذه الإجراءات هو عكس ذلك تمامًا”.
وأضاف: “بتعليماته للجيش وسلاح الجو، يهدف نتنياهو في الواقع إلى إرسال إشارة إلى دوائر الاستخبارات في العالم، وخاصة في الولايات المتحدة، لمراقبة الاستعدادات وفهم نوايا إسرائيل، بمثابة أمسكونا”.
وأوضح أنّه بحسب ما هو معروف، فقد أمر نتنياهو الجيش وسلاح الجو على الأقل ثلاث مرات برفع الجاهزية، أيْ الاستعداد لهجوم على منشآت إيران النووية. في 2008-2009 كان وزير الحرب آنذاك إيهود باراك شريكًا في القرار، لكن رئيس (الموساد) مئير دغان، ورئيس الأركان غابي أشكنازي، ورئيس (الشاباك) يوفال ديسكين عارضوا القرار. كان واضحًا لنتنياهو وباراك أنهما لا يملكان أغلبية في (الكابينت)، الذي كان يضم وزراء مثل دان مريدور، موشيه يعلون وبيني بيغن.
ومضى المحلل قائلاً إنّه أيضًا في عام 2012، كانت هناك استعدادات لهجوم على إيران، ومرة أخرى خشي الرئيس الأمريكيّ الأسبق، باراك أوباما أنْ تكون نوايا إسرائيل جدية. وكانت النتيجة أنّ واشنطن فتحت مفاوضات سرية مع إيران بوساطة عمان، مع استبعاد إسرائيل منها. وبلغت هذه المفاوضات ذروتها في تموز (يوليو) 2015 باتفاق لمدة عشر سنوات (سينتهي قريبًا) بين إيران والدول الست الكبرى، الذي أبعد إيران لمدة سنة ونصف عن القدرة على تطوير سلاح نووي.
والآن، يعيد نتنياهو دق طبول الطمطم ويبدو أنّه يهيئ الجيش الإسرائيليّ لهجوم، رغم أنّ سلاح الجو لا يملك قنابل تخترق الخنادق العميقة لمواقع المنشآت النووية، المحصنة بعمق تحت الأرض.
وتابع: “هذه المرة فرص نتنياهو في تخويف الإدارة الأمريكية تقترب من الصفر. لن يجرؤ على التمرد على ترامب كما فعل مع أوباما وجو بايدن. في مكالمةٍ هاتفيّةٍ منذ حوالي أسبوع، أوضح ترامب لنتنياهو أنّه لا يجرؤ حتى على التفكير في خيارٍ عسكريٍّ، وقال ذلك علنًا أمام الكاميرات. ترامب قريب جدًا من توقيع صفقةٍ نوويّةٍ جديدةٍ، ستؤدي إلى رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران. يطالب طهران بوقف التخصيب نهائيًا داخل الأراضي الإيرانية، لكن من غير المؤكد أنْ توافق إيران على ذلك. وليس من المستبعد أنْ يكون الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه مشابهًا لاتفاق أوباما قبل عشر سنوات”.
ولفت بالخُلاصة إلى أنَّ نتنياهو في عام 2025 ليس كما كان في السنوات السابقة. هو مطارد ويائس ويتصرف كزعيم دولةٍ مجنونةٍ. ولكن حتى لجنونه حدود. إسرائيل لن تهاجم إيران دون دعمٍ أمريكيٍّ. مثل هذا الهجوم سيكون غير فعال، وسيجعل الجبهة الداخلية الإسرائيلية تختبئ في الملاجئ لفترة طويلة. هذا لا يمنع القيادة والجيش من إنفاق عشرات المليارات من الشواكل على الاستعدادات. لكن التوقع بأنْ تكون النتيجة هذه المرة مختلفة عن السابق هو جنونٌ كاملٌ”، على حدّ وصفه.