الخزانة الأمريكية تفرض عقوبات على كبرى الجمعيات الخيرية الجزائرية في غزة بزعم دعم “حماس”

الخزانة الأمريكية تفرض عقوبات على كبرى الجمعيات الخيرية الجزائرية في غزة بزعم دعم “حماس”
2025 Jun,11
فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على جمعية البركة الجزائرية للعمل الخيري والإنساني، في إطار إجراء واسع استهدف خمس جمعيات ومنظمات غير حكومية أجنبية وخمسة أفراد، تتهمهم واشنطن بدعم الجناح العسكري لحركة “حماس” وتمويل أنشطته المصنفة لديها بـ”الإرهابية”، تحت غطاء العمل الإنساني والخيري.
وأوضحت الوزارة، عبر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، أن جمعية البركة التي تنشط في الجزائر، شاركت في تحويل أموال يفترض تخصيصها لأغراض إنسانية نحو دعم “حماس”، مشيرة إلى أن رئيس الجمعية، أحمد براهيمي، لعب دورًا محوريًا في هذا السياق. وأضاف البيان أن بعض المتبرعين للجمعية لم يكونوا على علم باستخدام أموالهم لدعم أهداف “حماس”، وهو ما اعتبرته الولايات المتحدة “خداعًا متعمدًا ضمن شبكة عالمية تعمل على تمويل منظمات مصنفة إرهابية”.
ويأتي هذا الإجراء استنادًا إلى الأمر التنفيذي رقم 13224، المعدل، والذي يتيح للحكومة الأمريكية فرض عقوبات على كيانات وأشخاص يُشتبه بتقديمهم دعمًا ماديًا أو تقنيًا أو ماليًا لجماعات إرهابية. كما أدرجت الخزانة الأمريكية في الحزمة الجديدة من العقوبات منظمات أخرى تنشط في تركيا، إيطاليا، هولندا، والضفة الغربية، تتهمها بصلات مع “حماس” و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”.
وأكد نائب وزير الخزانة، مايكل فولكندر، أن هذه الخطوة تعكس التزام الولايات المتحدة بمنع استغلال القطاع الخيري في تمويل الإرهاب، وفق زعمه، خاصة من قبل منظمات مثل “حماس” و”الجبهة الشعبية”، التي تواصل، حسب وصفه، “استغلال الوضع الإنساني في غزة لتمويل أنشطتها العنيفة على حساب شعبها”. وشدد المسؤول الأمريكي على أن بلاده ستواصل التنسيق مع شركائها الدوليين لمنع الإرهابيين من استخدام الجمعيات غير الربحية كغطاء لجمع وتحويل الأموال.
وأبرز البيان أن جمعيات مثل جمعية البركة، رغم ما تبدو عليه من شرعية، تخفي صلاتها بالجماعات المصنفة إرهابية، وتستفيد من تعاطف الرأي العام الدولي من أجل تمويل أعمال تتعارض مع القوانين الدولية.
وذكّر البيان بأن “حماس” مصنفة كمنظمة إرهابية من قبل وزارة الخارجية الأمريكية منذ عام 1997، في حين أُدرجت “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” ضمن نفس التصنيف في نفس الفترة.
وتنص العقوبات الجديدة على تجميد جميع الممتلكات والمصالح التابعة للأشخاص والكيانات المشمولة، والتي تقع داخل الولايات المتحدة أو في حيازة أو سيطرة أشخاص أمريكيين، مع منع أي تعامل معهم. كما تنطبق القيود على أي كيان مملوك بنسبة 50% أو أكثر من قبل أحد الأشخاص أو الكيانات المعاقبة.
وحذر البيان من أن المؤسسات المالية أو الأفراد الذين يتعاملون مع هذه الكيانات قد يعرضون أنفسهم لعقوبات ثانوية. كما شددت وزارة الخزانة الأمريكية على أن الهدف النهائي من هذه العقوبات ليس المعاقبة بحد ذاتها، وإنما دفع الأفراد والكيانات المعنية إلى تغيير سلوكهم.
وتنشط جمعية البركة منذ سنوات في دعم الشعب الفلسطيني، وتجمع تبرعات من داخل الجزائر وخارجها لصالح مشاريع إغاثية وتنموية في قطاع غزة والضفة الغربية، لكن عملها أخذ صدى أكبر بعد عملية “طوفان الأقصى”، وما تبع ذلك من عدوان صهيوني على قطاع غزة، ضاعف من الحاجيات الأساسية للفلسطينيين.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، كثّفت الجمعية من حملاتها الإنسانية، مركّزة على إيصال المساعدات الغذائية والطبية العاجلة إلى العائلات المتضررة، بالتعاون مع عدد من الجمعيات والمؤسسات المحلية داخل القطاع. وأطلقت، في هذا الصدد، سلسلة من المبادرات الإغاثية تحت شعار “الجزائر وفلسطين شعب واحد” و”الوعد المفعول”، شملت توزيع طرود غذائية ووجبات ساخنة على مراكز الإيواء والمستشفيات، بالإضافة إلى توفير مواد النظافة والاحتياجات اليومية الأساسية للنازحين.
كما ساهمت في دعم مشاريع طبية عبر تقديم مستلزمات إسعافية وأدوية طبية لمستشفيات القطاع، في ظل النقص الحاد في الأدوية والمعدات. وضمن حملاتها الموسمية، نظّمت جمعية البركة مشروع الأضاحي خلال عيد الأضحى، كما ساهمت في توفير ألبسة وأغطية شتوية خلال فصل الشتاء في إطار حملة “الشتاء الدافئ”، التي استهدفت الأطفال والنساء في مراكز الإيواء.
وتحرص الجمعية على توثيق أنشطتها بشكل دوري، من خلال نشر صور وتقارير ميدانية تؤكد وصول المساعدات إلى مستحقيها داخل غزة، في ظل الحصار والتضييق المفروض على القطاع.
وتؤكد الجمعية في بياناتها أن دعمها الإنساني يستند إلى مبدأ التضامن الشعبي الجزائري مع القضية الفلسطينية، بعيدًا عن أي توظيف سياسي، وأن أولويتها تبقى إنقاذ الأرواح وتلبية الحاجات العاجلة للمدنيين، لا سيما الأطفال والنساء.
وسبق للجمعية أن كانت في قلب جدل داخلي بالجزائر، بعد تدوينة العام الماضي لرئيسة الهلال الأحمر الجزائري، ابتسام حملاوي، التي قالت فيها إن الهلال الأحمر هيئة إغاثية إنسانية تنتمي إلى الحركة الدولية الإنسانية وتتعامل مع الهيئات الإنسانية الأخت والدول، ولا نتعامل مع المرتزقة وسماسرة الحرب”. وأردفت: “كما أن كل المساعدات التي جمعناها كانت عينية، ولم نفتح مجالًا لجمع الأموال”.
وفُهم ذلك الموقف على أنه يقصد جمعية البركة الجزائرية، ما جرّ على حملاوي حملة انتقادات واسعة، وصل صداها إلى البرلمان، خاصة مع تداول حديث عن مراقبة السلطات الأمريكية لنشاط الجمعية. وتوجهت حينها “حركة مجتمع السلم”، وهي أكبر حزب إسلامي في البرلمان، بسؤال للوزير الأول تطالبه فيه باتخاذ إجراءات ضد هذه المسؤولة. واعتبر أحمد صادوق، صاحب السؤال، أن ما صدر عن حملاوي يدعو للأسف، كونه “يعدّ فرصة سانحة للاستغلال الخارجي من جهات عديدة تتربص بالجزائر نظير مواقفها المشرفة تجاه القضية الفلسطينية”.