إسرائيل تكشف عن تنسيقٍ أمنيٍّ مع دمشق لحماية الجولان المُحتّل من “الإرهابيين

كشفت اليوم الأربعاء صحيفة (معاريف) العبريّة عن وجود تنسيقٍ أمنيٍّ بين دمشق وتل أبيب، لافتةً إلى أنّ الحديث يجري عن جلب قوّاتٍ من النظام الجديد مسلحة بأسلحةٍ خفيفةٍ لحراسة الحدود مع إسرائيل ومنع قوى المقاومة من تشكيل أيّ تهديدٍ أمنيٍّ لدولة الاحتلال.
ويأتي هذا الكشف الإسرائيليّ في ظلّ نبش “مجهولون” سوريّون قبر أحد مؤسّسي الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين-القيادة العامّة، أحمد جبريل في مخيم اليرموك جنوب دمشق. وتعرض الضريح للتخريب والتحطيم في مقبرة اليرموك في جنوب العاصمة السوريّة، في حادثة أثارت تفاعلاً واسعًا في وسائل التواصل الاجتماعيّ، وأظهرت صور نشرت على منصات مختلفة شاهدة القبر بعد تدميرها، وقد كُتبت عليها عبارة تقول (يلعن روحك).
كما طال التخريب قبر القياديّ البارز في حركة (فتح) خليل الوزير، المعروف بـ (أبو جهاد)، أحد أبرز مهندسي الانتفاضة الفلسطينيّة الأولى التي اندلعت في كانون الأول (ديسمبر) 1987، وكان من أبرز القادة العسكريين في منظمة التحرير الفلسطينية.
وكان أبو جهاد قد اغتيل في 16 نيسان 1988 داخل منزله في حي سيدي بو سعيد بتونس من قبل وحدةٍ إسرائيليّة. ونُقل جثمان أبو جهاد بعد اغتياله إلى العاصمة السورية دمشق، حيث شارك عشرات الآلاف من الفلسطينيين والسوريين في تشييعه، ووري الثرى في مقبرة الشهداء بمخيم اليرموك، التي تُعد أحد أبرز المعالم الرمزية للقضية الفلسطينية في الشتات.
ولم تُعرف حتى الآن الجهة المسؤولة عن الحادثة، كما لم تصدر السلطات السورية أي تعليق رسمي بشأنها.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعيّ هذا الخبر وأكّدوا أنّ هذا الاعتداء على “مَيْت” ليس اعتداءً على شخصه، بل سياقًا متكاملًا يمثّل الاعتداء على الفكرة.
ولفتوا إلى أنّ السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يُعتقل طلال ناجي، ويُطرد قادة الجهاد الإسلامي، ويُنبش قبر أبو جهاد، بينما تُصان مقتنيات الجاسوس الإسرائيليّ، إيلي كوهين وتُجمع بحرصٍ وتوضّب بعنايةٍ وتُرسل إلى كيان الاحتلال بهدوء؟
يبدو أنّ الإجابة على هذا السؤال، قالت منصة (المرفأ) المُستقّلة، تتمثّل بالتالي: إنّها فرصة الكيان للانتقام ممن قاوموه لسنوات، فسوريّة التي كانت تتبنّى فكرة المقاومة دون ممارستها على أراضيها، كان يمكن لنظامها الجديد أنْ يحفظ تاريخها المناهض لإسرائيل مع الإبقاء على تحييد نفسه، ولكن هناك أوراق اعتماد يجب أن تُقدّم واسمها “إثبات حسن النوايا”، على حدّ تعبيرها!
على صلةٍ بما سلف، أكّدت مصادر دبلوماسيّة رفيعة المستوى في الخليج لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة أنّه حتى الآن تمّ عقد اجتماعيْن على الأقل بين مسؤولين رسميين سوريين وإسرائيليين وذلك بموافقة الرئيس السوريّ، أبو محمد الجولاني. وقال المستشرقة سمدار بيري، محللة الشؤون العربيّة في الصحيفة الإسرائيليّة، إنّ دولة الاحتلال لا تنفي ولا تؤكِّد صحّة هذه الأنباء بشكلٍ رسميٍّ، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ دبلوماسيًا إسرائيليًا رفيعًا أكّد لفضائية (العربيّة) السعوديّة أنّ لقاءات مهمة تُعقَد بين الجانبيْن وتُدرَسْ وتُناقَشْ فيها مواضيع حيويّة وهامّة، على حدّ تعبيره.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت الصحيفة العبريّة النقاب عن أنّ ثلاثة رجال أعمال إسرائيليين، يملكون المصانع في الكيان، باشروا بجسّ النبض لدى القيادة السوريّة الحاليّة لفحص إمكانية إدخال منتجاتهم إلى بلاد الشام، وبذلك يصنعون التاريخ، كما قالت الصحيفة، التي استدركت بالقول إنّ دولة الاحتلال ما زالت غيرُ مقتنعةٍ بأنّ الجولاني سيصمد في سُدّة الحكم بسبب وجود أعداءٍ كثيرين له، والذين قد يُقدِمون على تصفيته جسديًا، طبقًا لأقوالها.
المستشرقة الإسرائيليّة تناولت أيضًا طرد السلطات السوريّة لقادة فصائل فلسطينيّة من سوريّة، ومنهم من الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين-القيادة العامّة، وجبهة النضال الفلسطينيّ وقادة من حركة فتح الانتفاضة، كما أنّ السلطات في دمشق صادرت أسلحتهم، وقامت بإغلاق مراكز تدريباتهم على الأراضي السوريّة.
ونقلت الصحيفة العبريّة عن مصادرها في تل أبيب قولها إنّ طرد القادة الفلسطينيين من سوريّة هو جزءٌ من التعهدات التي منحها الرئيس السوريّ الجولاني خلال اجتماعه الأسبوع الأخير في السعوديّة مع الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، بحضور وليّ العهد السعوديّ، محمد بن سلمان.
وفي السياق، أكّد مصدران فلسطينيان لوكالة (فرانس برس) أنّ قادة فصائل فلسطينية كانت مقرّبة من الحكم السابق وتلقت دعمًا من طهران، غادروا سوريّة، بعد تضييقٍ من السلطات ومصادرة ممتلكاتهم.
وكانت واشنطن التي تصنّف فصائل فلسطينية عدة (منظمات إرهابية)، حضّت السلطات الجديدة قبيل أسابيع من رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريّة على تحقيق شروط عدة، بينها أنْ “تمنع إيران ووكلاءها من استغلال الأراضي السورية”.
وطالب الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب نظيره السوري أحمد الشرع خلال لقائهما في الرياض بـ “ترحيل الإرهابيين الفلسطينيين”، وفق البيت الأبيض.
وأكّد قياديٌّ في فصيلٍ فلسطينيٍّ رفض الكشف عن هويته وأصبح خارج دمشق أنّ “معظم قادة الفصائل الفلسطينية التي تلقت دعمًا من طهران غادروا دمشق” الى دول عدة بينها لبنان.