إلى أين ينتهي التمييز؟

ت + ت الحجم الطبيعي
بأي منطق عقلاني اعتبرت السويد، وقبلها الدنمارك وأي دولة أو جماعة، كائنة من تكون، أن حرق كتاب مقدس يخص أمة تعدادها 2 مليار شخص، يشكلون 25 % من نسبة سكان كوكب الأرض، حرية وحق تعبير عن الرأي؟
في الوقت الذي يرى فيه هذا الغرب، أن أي إشارة أو كلمة مسيئة للشواذ والمنحرفين، تمييزاً عنصرياً يستدعي العقاب؟ بل وقد بدأت دولة عظمى، كالولايات المتحدة، تدقق في محتوى المؤلفات والكتب بحذافيرها، إشارة يفهم منها أو يحتمل أن يكون فيها نوع من التمييز أو العنصرية ضد دين أو عرق أو مذهب أو إثنية أو ثقافة معينة!
والواضح أن الولايات المتحدة قد باءت بالفشل، في ما يتعلق بسياسات وتوجهات الفوقية والعنصرية التي أرادوا بها أن يحفظوا خطاً فاصلاً بينهم وبين الأعراق الأخرى، بناء على موقف عنصري شديد التمييز، ويقود دائماً لإشعال نيران الكراهية والفصل والنبذ والتجاوز على حقوق الآخرين.
اصطلاحاً، يعني التمييز في المعاملة، اعتبار الشخص الذي نمارس ضده التمييز في مكانة أقل أو أسوأ، أو أن نفقده حقوقه أو مزاياه، أو أية فوائد من حقه أن يحصل عليها، وعلى هذا، فإن ازدراء الآخرين بناء على لونهم وسماتهم الخلقية، وتحقير ديانتهم أو مذهبهم أو طائفتهم أو رموزهم الدينية، ومنها حرق كتبهم، والسخرية من مضامين ديانتهم وثقافتهم و.. إلخ، كلها تدخل ضمن تعريف التمييز والكراهية التي يعاقب عليها القانون.
لذلك، فإن حرق القرآن ليس سوى نفاق سياسي واضح، وكيل بمكيالين، فهناك من تحميهم قوانين الغرب، ولا تسمح بمسهم بكلمة، مع تجاوزهم لجميع الطبائع والقوانين والمبادئ، بينما يحرق كتاب أمة تشكل ربع سكان العالم، وبتصريح رسمي من السلطات، وتحت حمايتها، وتعتبره الدولة حرية وديمقراطية وتعبيراً عن الرأي، كيف يستوي هذا بذاك؟ كيف يقبل هذا الحكم؟ وأين احترام مشاعر وحقوق الآخرين، الذين هم في الأساس مواطنون مسلمون كاملو المواطنة في هذه الدولة؟.
إن خطاب الكراهية والتمييز ليس جديداً في التاريخ الإنساني، لكنه دائماً ما ينتهي بالعداوات والحروب والهزائم الكبرى، أين ذهبت محاكم التفتيش وعنصرية هتلر والأمريكان و.. إلى العدم.