ما هو الداء البطنى.. عشرة أعراض لمرض الاضطرابات الهضمية التي قد تتجاهلها

يحُدث مرض الاضطرابات الهضمية عندما يهاجم الجهاز المناعي عن طريق الخطأ بطانة الأمعاء الدقيقة عند استهلاك الجلوتين، وهو مكون موجود في حبوب القمح والشعير. يُعتَبَر هذا الاضطراب أحد أمراض المناعة الذاتية التي تؤدي إلى تلف الأنسجة المعوية، مما يؤثر على قدرة الجسم في امتصاص المغذيات بشكل صحيح.

غالبًا ما يُعتقد أن مرض الاضطرابات الهضمية يسبب فقط مشاكل في الجهاز الهضمي مثل الانتفاخ والإسهال وآلام البطن، إلا أن الأمر يفوق ذلك بكثير، إذ يمكن أن يظهر بأشكال غير متوقعة ويؤثر على أجهزة وأعضاء متعددة في الجسم. ومن المهم ملاحظة أن العديد من الأشخاص يعانون من الحالة دون أن يُشخصوا، بسبب غموض أعراضها أو تشابهها مع أمراض أخرى، ما يعوق التشخيص المبكر ويسبب مضاعفات طويلة الأمد مثل هشاشة العظام وتدهور صحة الأعصاب أو مشاكل في الخصوبة.

أعراض قد تتجاهلها وتدل على وجود مرض الاضطرابات الهضمية

يمكن أن تظهر على الأفراد مجموعة من العلامات المرتبطة بالجلد والجهاز العصبي والدم وغيرها، والتي قد يُغفل عن ارتباطها بمرض الاضطرابات الهضمية. فمن بين هذه الأعراض التهاب الجلد الحلئي، وهو مرض جلدي يظهر كبثور حمراء جدًا مُحكة، تظهر عادة على المرفقين والركبتين وفروة الرأس وما حولها، وتعتبر علامة واضحة على وجود مناعة ذاتية محفزة بالجلوتين، خاصة إذا زالت بعد اتباع نظام غذائي خالٍ من الجلوتين.

كما يُعاني كثير من مرضى الاضطرابات الهضمية من فقر دم ناتج عن نقص الحديد، حيث يعيق تلف بطانة الأمعاء الدقيقة امتصاص الحديد، ما يؤدي إلى تعب دائم وشفاه باهتة وضيق في التنفس وضعف عام. ويُلاحَظ أن العديد من حالات فقر الدم التي لا يُجدَى سبب لها تكون في الأصل ناتجة عن الداء البطني لم يُشخص بعد، ولهذا فإن معالجة فقر الدم دون تحديد السبب قد يؤدي إلى إهمال التشخيص الصحيح.

وتشمل الأعراض الأخرى اعتلال الأعصاب الذي ينتج عن تلف الأعصاب، ويظهر بخدر وخز أو حرقان في اليدين والقدمين، ويُعد من العلامات التي تظهر غالبًا بدون أعراض هضمية مرافقة. وقد تصل نسبة الإصابة إلى 42% في الحالات غير المعالجة، بسبب سوء امتصاص العناصر الغذائية المؤثرة على الأعصاب.

كما يُظهر الأشخاص المصابون بالاضطرابات الهضمية أعراضًا مثل الصداع النصفي، وضباب الدماغ حيث يشعر الفرد بتشوش في الذهن، وعدم القدرة على التركيز، وهو أمر يتفاقم نتيجة الالتهاب المستمر ونقص الفيتامينات الضرورية، ويُلاحظ تحسن كبير بعد الالتزام بنظام غذائي خالٍ من الجلوتين.

يُعاني العديد من المرضى من آلام المفاصل التي تتكرر، وأحيانًا يُشخص الحالة على أنها التهاب في المفاصل، لكن في الحقيقة يكون السبب هو تفاعل مناعي مضاد للجلوتين يسبب التهابًا في أنسجة المفاصل ويفسَّر على أنه مرض مناعي ذاتي. وتظهر دراسات أن تقليل استهلاك الجلوتين يساهم في تحسين حالة المفاصل في نسبة كبيرة من المصابين.

وتؤثر اضطرابات أخرى مثل المشاكل الإنجابية، بما في ذلك العقم أو الإجهاض أو اضطرابات الهرمونات، على النساء بشكل خاص، حيث يمكن أن يكون سوء الامتصاص والالتهاب المزمن السبب وراء تلك المشكلات. ويساعد اتباع نظام غذائي خالٍ من الجلوتين على تحسين القدرة على الحمل وتقليل مخاطر المضاعفات أثناء الحمل.

كما ترتبط مشاكل الفم مثل ظهور قرح مستمرة، وحرقان اللسان، وعيوب مينا الأسنان بالداء البطني نتيجة نقص فيتامين ب12 والفوليك، وتظهر تلك العلامات خاصة عند الأطفال، ما يدل على ضرورة التشخيص المبكر قبل تطور الأعراض الأخرى.

وأخيرًا، يُربط مرض الاضطرابات الهضمية باضطرابات في المزاج، مثل القلق والاكتئاب، وأيضًا اضطرابات معرفية وتدهور في الذاكرة، نتيجة للالتهاب المزمن، وعمليات مناعية ذاتية. وعند اتباع نظام غذائي مناسب، يتحسن الكثير من الأشخاص ويشعرون بصفاء الذهن وتحسن الحالة النفسية.

الأعراض العصبية والنفسية الأخرى

يشمل ذلك الشعور بالدوار، وضعف التوازن، والترنح، خاصة عند ترك الحالة دون علاج، إذ يمكن أن تُصبح تلك الأعراض دائمة، وتؤدي إلى مشاكل في التنسيق والحركات اللاإرادية التي قد تتفاقم مع الوقت.

أهمية الكشف المبكر عن المرض

يُقدر أن مرض الاضطرابات الهضمية يصيب حوالي واحد بالمئة من سكان العالم، إلا أن غالبية الحالات لا تُشخص أبدًا، لأن الأعراض غالبًا ما تكون غير تقليدية أو غامضة، وتظهر في أجهزة متعددة من الجسم. ومن هنا، فإن استمرار ظهور أعراض غير مبررة في أي منطقة من الجسم يتطلب تقييمًا خاصًا للداء البطني، والذي يمكن أن يتضمن فحوصات للدم وخزعة من الأمعاء الدقيقة للتأكيد، فالتشخيص المبكر واتباع نظام خالٍ من الجلوتين يُحسن بشكل كبير نوعية الحياة، ويعالج الأعراض المزمنة، ويجنب المضاعفات الخطيرة على المدى الطويل.