اخبار

إيكونوميست: استمرار حرب غزة عار على إسرائيل ويحولها إلى دولة منبوذة

 رأت مجلة “إيكونوميست” في افتتاحيتها أن استمرار الحرب في غزة يجلب العار على إسرائيل. وقالت إن الحرب التي شنتها ضد إيران كانت قصيرة وبغارات دقيقة وأهداف واضحة ونتائج عززت من مكانتها العسكرية. أما الحرب في غزة فقد أصبحت بلا نهاية ولا تمييز وبدون قيمة عسكرية. فهي تحول إسرائيل إلى دولة منبوذة. وقالت “إيكونوميست” إنها دعت لوقف إطلاق النار منذ عام 2024، وقد حان الوقت وبعد أسابيع من المحادثات في الدوحة، العاصمة القطرية، لأن تستخدم الولايات المتحدة كل ما لديها من قوة وإنهاء القتال عبر المفاوضات. وهذا أمر مهم لوقف مجاعة شاملة. وهي في مصلحة إسرائيل وتفتح فرصة حقيقية لبناء حكومة في غزة تستبعد ما تبقى من “حماس”.

وقالت المجلة إن “الوضع خطير، دمر أكثر من 60% من مباني القطاع وشرد مليوني نسمة، ومعظمهم متجمع في وسط القطاع. ورغم أن التوقعات في عام 2024 من جماعات الإغاثة بمجاعة لم تكن صحيحة، لكنها اليوم حقيقية وعاجلة.”

وأشارت المجلة إلى جهود إسرائيل إنشاء ممرات لتوزيع المساعدات تتجاوز فيها مؤسسات الأمم المتحدة والمؤسسات الإنسانية، بزعم أن هذا النظام تستغله “حماس” للتربح. إلا أن حجم الطعام الذي يصل إلى الغزيين قليل بشكل مخزٍ. وحتى لو وصلت المزيد من القوافل، سيموت الناس جوعًا دون وقف إطلاق النار. فالجحيم الذي يعيشون فيه، الذي تجتاحه القوات الإسرائيلية المتحمسة والعصابات و”حماس”، خطير للغاية بحيث لا يمكن السير فيه للحصول على الإمدادات.

وأضافت أن الحرب الآن لم يعد لها منطق عسكري، وباتت القوات الإسرائيلية تسيطر على حوالي 70% من القطاع. مضيفة أن “حماس” مهزومة ومات قادتها ولم يتبق من قدرتها العسكرية سوى جزء ضئيل مما كانت عليه في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ويحاصر مقاتلوها في جيوب تشكل 10-20% من المنطقة. وفي الوقت نفسه تبدو إيران، الداعمة الرئيسية لـ “حماس”، ضعيفة وغير قادرة على تقديم المزيد من الدعم المالي والعسكري.

وفي السياق نفسه، لا تحقق عمليات الجيش الإسرائيلي إلا القليل. ومن هنا، فعدم وجود مساعدات كافية لتقديم المساعدات للمدنيين في منطقة خاضعة للاحتلال هو جريمة حرب. فيما ترقى خطة المتشددين في الحكومة الإسرائيلية لحصر سكان غزة في “مدينة إنسانية” إلى مستوى التطهير العرقي.

وتضيف المجلة أن الكثير من الإسرائيليين يريدون وقف إطلاق النار. ورغم أن 21% منهم فقط يؤمنون بحل الدولتين، إلا أن أكثر من 70% يريدون إطلاق سراح الأسرى وإنهاء الحرب.

ويؤيد جنرالات الجيش الإسرائيلي ذلك أيضًا، ويعتقدون أن خطة “المدينة الإنسانية” غير قانونية. وتريد أغلبية ساحقة من السياسيين خارج الائتلاف الحاكم وقف إطلاق النار ويدركون الضرر الفادح الذي لحق الآن بمكانة إسرائيل حول العالم.

ولم يعد الائتلاف الحاكم نفسه، بقيادة بنيامين نتنياهو، يتمتع بالأغلبية في الكنيست، ويواجه انتخابات خلال 15 شهرًا. وقد أطال نتنياهو أمد الحرب في غزة لمنع المتشددين من إسقاط ائتلافه، لكن هذه الإستراتيجية لم تعد مفيدة، وهو بحاجة إلى تغيير مساره.

ومع أن المجلة صدرت قبل إعلان الأمريكيين والإسرائيليين سحب وفديهما من الدوحة وتحميل “حماس” مسؤولية انهيار المفاوضات، إلا أنها تعتقد أن الفجوة بين الطرفين قد تقلصت مع تقديم “حماس” الضعيفة تنازلات. وتشمل الخلافات المتبقية قضايا مثل تمركز الجيش الإسرائيلي داخل غزة خلال المرحلة الأولية التي تبلغ 60 يومًا من اتفاق وقف إطلاق النار، وهذه قضية قابلة للحل. ويعني ضعف حماس أنه يمكن استخدام فترة الستين يومًا لإنشاء هيئة حاكمة جديدة، مدعومة من السلطة الفلسطينية. يمكن أن تسيطر هذه الهيئة على غزة في المرحلة الثانية، بدعم غربي وعربي.

وأضافت أن أمرين يجب أن يحدثا، فعلى قطر إجبار قادة “حماس” المتبقين، وكثير منهم يعيشون في الدوحة، على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، باستخدام التهديد بالطرد وفرض المزيد من القيود على التمويل.

ويجب على دونالد ترامب إجبار نتنياهو على إنهاء الحرب، باستخدام كل النفوذ الذي تتمتع به أمريكا كحليف لإسرائيل. لقد أنهى ضغط البيت الأبيض معظم حروب إسرائيل منذ إنشائها عام 1948.

وقد أثبت منحها هذا القدر الكبير من الحرية في هذا الصراع أن أمريكا لا تزال أساسية. وقد أدى تدخل ترامب الغاضب في حزيران/يونيو إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية الإيرانية. وعليه أن يوسع من غضبه وقوته فورًا لصالح غزة.

وفي تقرير آخر للمجلة قالت إن “غزة تجوع وإسرائيل تواصل القتال”، مشيرة إلى اجتماع رئيس هيئة الأركان إيال زامير مع قادته في 21 تموز/يوليو، الذي قال فيه إن عام 2026 سيكون عام “الاستعداد وتحقيق الإنجازات والعودة إلى الكفاءة والأسس”. وفي هذا الاجتماع، وهو الأكبر منذ بدء حرب غزة قبل نحو 22 شهرًا، قال زامير إنه ينبغي على الجيش الاستعداد لحرب أخرى مع إيران. ولم تكن رسالة الجنرال زامير موجهة فقط للضباط الحاضرين، بل كانت موجهة إلى الحكومة والإسرائيليين بأن كبار قادة الجيش الإسرائيلي لا يعتقدون أن حرب غزة يجب أن تستمر. ومع ذلك، فهي مستمرة، ففي الليلة التي سبقت اجتماع الجنرالات، شن الجيش الإسرائيلي ضد دير البلح، وهي بلدة ساحلية على القطاع كانت قد نجت نسبيًا من الهجوم. وهذا يظهر تباينًا متزايدًا بين الجيش الإسرائيلي وحكومة نتنياهو. إذ يرى الجنرالات أنه لا جدوى من مواصلة الحرب ضد “حماس”، التي لا تزال تسيطر على أجزاء من غزة، من الناحية العسكرية. أما الحكومة فتريد منهم مواصلة القتال.

وهذا يعني لسكان غزة، استمرار الوضع الكارثي الذي يزداد سوءًا يومًا بعد يوم. ففي دير البلح مكاتب العديد من منظمات الإغاثة، وقد لجأ إليها العديد من اللاجئين. ومنذ أن بدأ الجيش الإسرائيلي هجومه في 20 تموز/يوليو، قتل العشرات في غارات جوية إسرائيلية على المدينة. وفي 21 تموز/يوليو، قصف الجيش الإسرائيلي مقر موظفي منظمة الصحة العالمية والمستودع الرئيسي لها، واعتقل أحد موظفيها. وقالت المنظمة إن تدمير المستودع، الذي نهب لاحقًا، قد عرقل جهودها لدعم نظام الرعاية الصحية المنهار في غزة. في الوقت نفسه، تواصل إسرائيل شن ما تسميه “حربًا اقتصادية”. والهدف هو استبدال شبكات الإغاثة الإنسانية الحالية التابعة للمنظمات الدولية، والتي تزعم إسرائيل أن “حماس” تسيطر عليها، بنظامها الخاص.

وفي 21 تموز/يوليو، أدانت دول من بينها بريطانيا والعديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي “التغذية بالتنقيط” للمساعدات ودعت إسرائيل إلى الالتزام بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي. في 23 تموز/يوليو، قالت مجموعة تضم أكثر من 100 منظمة دولية إن نظام التوزيع الإسرائيلي يخلق “فوضى ومجاعة وموتًا”. وقالوا إن الإمدادات “استنفدت تمامًا”، وأن زملاءهم يموتون أمام أعينهم. في اليوم نفسه، أفادت السلطات الصحية في غزة أن 46 شخصًا قد ماتوا جوعًا في تموز/يوليو، عشرة منهم خلال الـ 24 ساعة السابقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى