اخبار الإمارات

السعي للقبول!

ت + ت الحجم الطبيعي

لنتخيل ما الذي سيحدث لو علم الناس أسرار بعضهم بعضاً أو سمعوا بما يدور في أذهانهم؟ كيف سيكون شكل الحياة والعلاقات بينهم؟ يبدو السؤال قريباً من تلك الفكرة التي طرحتها بعض الأفلام السينمائية التي تناولت أشخاصاً يمتلكون القدرة على قراءة أفكار الناس وما يدور في أذهانهم لحظة بلحظة، فيعرفون ما يخبئونه قبل أن ينطقوا به، تلك القدرة لو وجدت لتحولت الحياة إلى جحيم.

تقول إحدى الدراسات المنشورة قريباً إن ما يقارب الـ 70 % من الناس في أي مجتمع، يخفون آراءهم وقناعاتهم، أسرارهم الحياتية، واتجاهاتهم عن الغير، خوفاً من المشاكل وتجنباً للانتقادات. والأهم من كل ذلك رغبة في الحصول على القبول والرضا من الآخرين، وهذا تحديداً يعتبر من المساعي الوجودية التي يستميت الإنسان في الحصول عليها انطلاقاً من حقيقة اتفق عليها أساتذة الاجتماع والسلوك الإنساني منذ القدم وخلاصتها (الإنسان كائن اجتماعي بالفطرة) واتفقت عليها الذاكرة الشعبية وهي تكررها يومياً (الجنة بدون ناس ما تنداس)!

يعرف السعي للقبول ونيل الرضا بأنه الرغبة في أن تنال أقوالك، وآراؤك، وأفعالك قبول الآخرين وموافقاتهم، وبما أن البشر بطبيعتهم اجتماعيون، وكائنات مستطيعة بغيرها، فإنه لا يطيب لهم العيش إلا ضمن جماعات، وأن يكونوا محل إعجاب وتقدير وعناية وإطراء واحتواء، وهذا ما يفسر بالرغبة الملحة بالانتماء في الجماعات التي يعيشون في وسطها، وهنا يعتبر النبذ والعزل والتهميش أحد الأساليب الأشد قسوة التي تمارس ضد أي فرد وهذا تحديداً ما يلجأ له بعض المدراء والمسؤولين عند تشديد العقاب على بعض الموظفين!!

لا يعتبر السعي للقبول والبحث عن علاقات سوية أو طبيعية، أمراً منكراً أو خطأ أو مأزقاً في حد ذاته إلا بالقدر الذي يتحول عند البعض إلى شرط للتحقق والحياة وسط الآخرين، بحيث يرى البعض أن إطارهم المقبول ووجودهم المشروع لا يكون إلا بقبول الآخر الذي يحدد له ذلك الإطار وذاك الشكل! هنا يصبح السعي للقبول إشكالية حقيقية، وأكثر من يعاني منها هي المرأة لأنها أكثر تقييداً واستلاباً بحكم موضعها ومكانتها وارتباطاتها الاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى