أزمة ثقة كبيرة مع حكومة نتنياهو.. جنود في سلاح الجو الإسرائيلي: الجيش يكذب بشأن كفاءته
يتواصل الجدل حول كفاءة جيش الاحتلال الإسرائيلي، لا سيما سلاح الجو، في ظل إعلان مئات جنود الاحتياط عن تجميد خدمتهم احتجاجاً على التعديلات القضائية، فيما اتهم طيارون من قوات الاحتياط الجيش بـ”نشر بيانات كاذبة عن كفاءته، من أجل خلق تهدئة لا تعكس الواقع الفعلي”.
واجتمع المئات من جنود الاحتياط في سلاح الجو، الأربعاء الماضي، في لقاء مغلق ومشحون، على حد وصف موقع القناة (12) الإسرائيلية، من أجل التباحث في الخطوات الاحتجاجية المقبلة، على خلفية تغيّبهم المستمر عن الخدمة العسكرية الاحتياطية في الأسابيع الأخيرة.
وهذا هو أول اجتماع مكثف يعقدونه منذ أن ألغى الكنيست الإسرائيلي، في 24 يوليو/ تموز 2023، قانون “حجة المعقولية”، الذي يمنع المحكمة العليا من التدخل في قرارات الحكومة و”منتخبي الجمهور” وإلغائها لعدم معقوليتها.
وضم الاجتماع 800 جندي في سلاح الجو توقّفوا عن خدمة الاحتياط، من بينهم نحو 260 طياراً حربياً. وناقش المجتمعون كفاءتهم “الآخذة بالتراجع” طالما بقوا متغيبين عن الخدمة والتدريبات.
وحصل جنود سلاح الجو على دعم من تامي أراد، زوجة الطيار الإسرائيلي رون أراد المفقود منذ سقوط طائرته في 16 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1986 في جنوب لبنان، إذ قالت للجنود: “أنا أدعمكم، وأدعم الاحتجاجات والشجاعة التي تبدونها”.
من جانبه، هاجم البروفيسور آسا كشير، أحد واضعي قواعد السلوك في الجيش، رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هليفي.
وقال كشير متحدثاً إلى الجنود: “رئيس هيئة الأركان قال في البداية إنه من الناحية الأمنية، فإن الدكتاتورية أفضل من الديمقراطية المتعثرة.. كانت هذه مقولة فظيعة، لكنه تراجع عنها. وبعدما ظهر الفيديو، الذي يحاكي طيارين (في سلاح الجو) يختارون حماية الجنود على الأرض وفقًا لموقفهم السياسي، قال (قائد الأركان) إنه يمكن حدوث أي شيء. كان يجب أن يقول على الفور: أعرف الطيارين، لم يحدث شيء من هذا القبيل من قبل، ولا يمكن أن يقوموا بشيء من هذا النوع”.
يذكر أنه قبل تصديق الكنيست على قانون إلغاء “حجة المعقولية”، وقّع 1142 من جنود سلاح الجو وطياري الاحتياط المنخرطين في الجانب العسكري العملياتي على عريضة لعدم الامتثال لخدمة الاحتياط في حال تمرير القانون.
وقدّم عضو الكنيست عن حزب “الليكود” موشيه بيسل على أثر ذلك مشروع قانون يعاقب كل من يخدم أو خدم في قوات الاحتياط ويدعو لعدم الامتثال للخدمة العسكرية.
في المقابل، قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الثلاثاء الماضي، إن “الجيش الإسرائيلي يتمتع بكفاءة كاملة وجاهز لجميع التحديات على جميع الجبهات”، وذلك خلال جلسة تقييم أمني عُقدت في مقر قيادة المنطقة الوسطى في الجيش، بمشاركة وزير الأمن يوآف غالانت، ورئيس هيئة أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي.
ولفت نتنياهو إلى أن جيش الاحتلال على جهوزية تامة لمختلف السيناريوهات، قائلا: “أنا أرى أن الجيش الإسرائيلي يتمتع بكفاءة تامة، وهذا صحيح لجميع التحديات وعلى جميع الجبهات. أود أن أخبركم بأن الجيش الإسرائيلي ليس قوياً فقط، بل إن الاقتصاد قوي أيضاً”.
أزمة ثقة كبيرة بين عناصر الاحتياط والنظاميين بسلاح الجو وحكومة نتنياهو
ويواجه الجيش الإسرائيلي صعوبة في رصد معطيات دقيقة حول عدد عناصر الاحتياط الذين توقفوا عن الامتثال في الخدمة العسكرية، احتجاجا على خطة “الإصلاح القضائي” الحكومية لإضعاف جهاز القضاء، فيما الوضع في صفوف القوات النظامية معقد للغاية.
وتشير تقديرات إلى أن عدد عناصر الاحتياط في سلاح الجو الذين أعلنوا بشكل واضح من خلال رسالة أو ببلاغ شخصي حول وقف التطوع للخدمة العسكرية يصل إلى “عشرات كثيرة”، وفقا ما ذكرت صحيفة “معاريف” اليوم الجمعة.
وأضافت الصحيفة أنه في موازاة ذلك، بتردد كثيرون في الطواقم الجوية حيال خطواتهم الاحتجاجية القادمة، وقسم منهم لم يسجلوا أنفسهم لتدريبات جوية في الأسابيع الأخيرة، لكنهم لم يبلغوا ضباطهم بشأن قرارهم النهائي بالتوقف عن تدريبات الطيران.
إلى جانب ذلك، فإن الجيش، وليس في سلاح الجو فقط، قلص استدعاء عناصر الاحتياط خلال العطلة الصيفية، في شهري تموز/يوليو وآب/أغسطس، وبذلك أصبح عدد التدريبات في قوات الاحتياط متدن.
وأصدرت مجموعة الاحتجاجات في قوات الاحتياط في الوحدات الخاصة والسايبر بيانا، على خلفية نظر المحكمة العليا في التماسات تطالب بإلغاء قانون الأهلية الذي يمنع عزل رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو. ودعا البيان رئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، ورئيس الشاباك، رونين بار، إلى التحدث علنا ورسم خط أحمر، في أعقاب تصريحات وزراء وأعضاء كنيست من الائتلاف بأنهم لن يحترموا قرارات المحكمة العليا، إذا ألغت المحكمة قانون الأهلية.
وجاء في البيان أن “نتنياهو ووزراءه الكهانيين يشنون هجوم مافيا على المحكمة العليا. وهذه حكومة ستؤدي إلى نهاية دولة إسرائيل وإلى تفكيك كامل للجيش الإسرائيلي. وهي (حكومة) غير شرعية، ولا ينبغي الانصياع لها ويجب إسقاطها فورا”.
وأضاف البيان “زملاءنا رئيس هيئة الأركان العامة ورئيس الشاباك: نحن نعلم بما تقولونه في الغرف المغلقة، ويحظر عليكما أن تسكتا بعد الآن، وعليكما التحدث علنا الآن ورسم خط أحمر”.
ويأتي ذلك في وقت يحاول فيه الجيش تخفيف تأثير الأزمة السياسية على الجيش، “لكن هذه الأزمة تشتد مع مرور الوقت”، وفقا للصحيفة. ويدعي الجيش أنه لم تتراجع كفاءات الجيش حتى الآن، “لكن كلما يمر الوقت وعناصر الطواقم الجوية لا يعودون إلى الخدمة، فإن من شأن ذلك أن ينشئ مشكلة كفاءات كبيرة”.
وأشارت الصحيفة إلى أن أكثر من 30 عنصر احتياط في ثلاثة أسراب طائرات حربية أبلغوا ضباطهم بتوقفهم عن التحليق، “وهذا معطى ذو دلالة ومقلق جدا إثر دورهم المركزي في أسراب الطائرات وكمن لديهم خبرة ويقودون مهمات ويدربون الجيل الشاب من الطيارين”.
ونقلت الصحيفة عن ضباط قولهم إنه بات هناك ضررا ملموسا في وحدات الاحتياط والوحدات النظامية، ونشأ “خطاب تشرذم وتقاطب” في هذه الوحدات.
ونقل موقع “واينت” الإلكتروني عن طيار حربي كبير في الاحتياط، قوله إن أزمة ثقة بات موجودة في صفوف الطيارين النظاميين وليس في صفوف الطيارين في الاحتياط فقط. “ومما أسمعه من الزملاء النظاميين، فإنهم في وضع جنوني، والأشخاص الذين يقودون أسرابا يقولون إنه توجد أزمة ثقة جنونية. وأعتقد أنه الآن فقط بدأوا بإدراكها، وهذا أكبر مما يدركونه”.
وأضاف أن “النظاميين يتواجدون في وضع معقد للغاية، وهذا وضع يوجد فيه تقويض لعدالة الطريق وهذا يربكهم جدا، ويوجد هنا شرخ كبير جدا ونحن نتحدث عنه.
وأسمع الطيارين يقولون لي إنه ’خططنا لتحليق 3 إلى 4 رباعيات (طائرات) ويوجد بصعوبة رباعية واحدة’”.