المقدسية زينة عبده.. من سنة ونصف في الحبس المنزلي إلى 6 أشهر في “سجن الرملة”
سلّمت الشابة المقدسية زينة عبده (17 عاما)، من سكان جبل المكبر بالقدس المحتلة، نفسها إلى إدارة سجن الرملة، لقضاء محكوميتها البالغة 6 أشهر.
وكانت الفتاة عبده قد قضت فترة محكومية مدتها عام ونصف في الحبس المنزلي.
وقبل أن تذهب لقضاء فترة سجنها الفعلي بناء على قرار قاضية إسرائيلية بتهمة التحريض على شبكات التواصل الاجتماعي، قررت أن تعيش في فرندة منزلها المطلة، هناك وضعت سريرا متواضعا وملابسها (جاكيتات) من أجل أن تلامس الشمس والنور بشكل يومي، قبل أن تقضي العقوبة الجديدة في سجن الرملة المخصص للأسيرات الفلسطينيات.
تقول الفتاة عبده: “أثناء فترة الحبس المنزلي نقلت غرفتي إلى الفرندة، التي أصبحت غرفتي الصغيرة، من أجل أن أشم هواء المدينة، وأتعرض لشمسها”.
وتتابع: “بعد تاريخ 17 يوليو، وهو اليوم الذي حكمت فيه بالسجن الفعلي، تغيرت علاقتي مع الشمس وهواء القدس، أصبحت البرندة مكانا اخترته كي أقضي فيه أيامي قبل الذهاب للسجن الإسرائيلي”.
والأهم بالنسبة للأسيرة عبده، هو أنها تريد من خلال استبدال غرفتها ببرندة صغيرة هو أن تعتاد على مساحة الزنزانة قبل الذهاب إلى السجن.
ووقفت الأسيرة طويلا على البرندة الصغيرة ذات النوافذ الزجاجية، من أجل أن تعوض ما ينقصها في الأيام القادمة من شمس حارقة وهواء القدس الذي رغبت أن تخزنه في جسدها في مواجهة المعاناة القادمة.
وكانت زينة قد قضت عاما ونصف العام قيد الحبس المنزلي، قبل أن يصدر حكم بحقها بالسجن الفعلي لمدة 6 أشهر، بتهمة التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعانت الشابة زينة عبده من ملاحقة الاحتلال لها وهي في عمر 16 عاما، حيث خاضت تجربتي اعتقال داخل أقبية التحقيق في غرف “4” بمركز المسكوبية والتنقل من سجن لآخر.
وبملابس رياضية وحذاء بلاستيكي وبحقيبة سوداء خفيفة، توجهت مع أفراد أسرتها إلى السجن الذي ستقضي فيه فترة طويلة نسبيا بالنسبة لفتاة كان يفترض أن تكون على مقاعد الدراسة.
وفيما قامت زينة عبده بتسليم نفسها لسلطات السجن الإسرائيلية، أفرجت الشرطة عن شقيقها كرم بعد اعتقال وتوقيف لمدة 4 أيام.
وكانت عبده قد اعتُقلت في مطلع شهر كانون الأول الماضي، خلال سيرها في طريق “باب الأسباط”، بعد مهاجمتها من شرطة الاحتلال الذي أشهروا السلاح باتجاهها، وبعد تحقيقات متواصلة وعدة جلسات تمديد، قدمت لها لائحة اتهام “التحريض على وسائل التواصل الاجتماعي”، وأفرج عنها نهاية العام الماضي بشرط الحبس المنزلي حتى انتهاء الإجراءات القانونية ضدها.
وفي شهر تموز الماضي أصدرت المحكمة قرارا بالسجن الفعلي، وسلمت نفسها للمعتقل يوم أمس.
وكانت التجربة الاعتقالية الأولى للفتاة زينة عام 2021 غداة أحداث هبة الكرامة، وذلك خلال سيرها في شارع باب الساهرة في مدينة القدس، وحينها اعتدي عليها بالضرب المبرح، ثم أفرج عنها.
تقول زينة عن السجن: “راح اشتاق للقدس ووجه أمي..”.
وتتابع: “هذا هوا الحرية سأنحرم منه لعدة أشهر في السجن، صعب جدا تسليم نفسي للسجن بس هذا قرار الاحتلال”.
وقضت الشابة زينة ليلتها بين أفراد عائلتها وقالت: “لم أنم، سهرت مع اهلي، وودّعتهم قبل السجن.. وحكينا كتير”.
وصباحا قبل توجه زينة إلى السجن، تناولت الإفطار المقدسي المميز “الكعك والفلافل”.
وقالت: “الظروف الاعتقالية داخل السجون صعبة وقاسية، سواء الغرف والمعاملة والطعام المقدم للأسيرات، لافتة أنها قضت في الحبس حوالي شهر كانون الأول الماضي قبل تحويلها للحبس المنزلي”.
وحول فترة الحبس المنزلي تحدثت: “كانت فترة قاسية وصعبة، وانحرمت من التوجيهي (امتحان الثانوية العامة)، انحرمت من مشاركة أهلي في عدة مناسبات، منعت الوصول باب المنزل، قيود كثيرة، ومضايقات باقتحام المنزل كانت مستمرة طوال فترة الحبس المنزلي”.
يذكر أن الحبس المنزلي هو وسيلة تفرضها سلطات الاحتلال على الفلسطينيين في الأراضي المحتلّة، سيّما المقدسيين منهم، تسعى من خلاله للتضييق والتنكيل بهم، وما تنفكّ تفرضه على جميع شرائحهم خصوصاً الأطفال منهم.
ويتضمن “الحبس المنزلي” احتجاز الشخص داخل البيت طوال المدة التي تبحث فيها محكمة الاحتلال في ملفه إلى حين انتهاء الإجراءات القضائية بحقه وإصدار المحكمة حكمها في قضيته، وقد تصل مدة الحبس، لأيام أو لأسابيع أو لأشهر أو عام أو أكثر، ولا تحتسب هذه الفترة من الحكم الفعلي الذي يصدر لاحقا.
وتصف رحلتها في الحبس المنزلي بأنه حالة من الضغوط والعذاب، وتتابع: “كان الحبس مفتوحا، منعت من الخروج من المنزل، كما فرضت علي غرامة 50 ألف شيقل في حال غادرت المنزل، إلى جانب السجن الفعلي عامين ونصف العام”.
وتختم وهي تحاول أن تظهر ابتساماتها: “الحبس الفعلي سيغير حياتي، ولكن لن ننكسر، سأظل مبسوطة، وسأزداد قوة”.