«فيلم أوبنهايمر» بين الصورة الشعرية والسينمائية أخبار السعودية
ويعتبر الشاعر جاسم الصحيح اليوم، رائد الصورة الشعرية الحركية، فقصائده ترسم صوراً حية نابضة بالحياة، عميقة بالفكرة، فهو يرسم صورة شعرية قريبة من الصورة السينمائية بما فيها من حركة وتجسيد، فمن شاهد فيلم (أوبنهايمر) سيرى صورة شعرية لبعض المشاهد رسمها الصحيح في قصائده من أجملها صورة كُهّان الحرب الذين يحتضنون الحروب ويتمتمون بغنائم المعارك.
يقول في قصيدته للحرب موسمها المماطل
الحرب أحجية
يباركُ طَقَسَها الكُهّانُ
يحتضنونها بالتمتماتِ وبالبخور وبالتوابل
والرعب نصف الحرب
فيما نصفها الثاني
إشارات مشفرة بالرسائل
يصور الفيلم كُهّان الحرب في مشهد سينمائي يجمع كُهّان الحرب وهم يتمتمون بمسؤولية إلقاء القنبلة النووية، فأوبنهايمر يتمتم بالإنسانية الكاذبة، ويتنصل من المسؤولية، والرئيس الأمريكي يتمتم بفخر المنتصر ويتحمل المسؤولية، ووزير الدفاع يتمتم بضحكة ساخرة من البائس المنهزم، وما زالت معركة إلقاء القنبلة أحجية حتى يومنا هذا، هل إلقاؤها مسؤولية العالم المخترع أم الرئيس المنتصر أم الحلف المتحد.
يصور الفيلم أوبنهايمر على أنه آلهة أمريكا التي لا تُقهر بروميثيوس الذي سيصنع قنبلة النصر
يصور الصحيح هذا المشهد بقوله:
هكذا كانت البسملة
ثم جاء الإله الرجيم بآلته المرسلة
واستفقنا على جولة
من صراع الديوك
مجنزرة الريش دبابة الحوصلة
وفي مشهد سينمائي يجمع أوبنهايمر برفيقة عمره يخاطبها بسؤال حدثيني عن عالمة الأحياء فترد عليه حدثني عن عالم الفيزياء.. يصور الصحيح هذا المشهد بصورة في غاية الروعة والجمال:
ما زلتُ أسألُ عن معادلة الشجي
في حُبِّنا وأشقُ جيب سؤالي
أتوسَّل الكيمياء والفيزياء
والأحياء لكن لا علوم تبالي
أما مشهد تفجير القنبلة النووية سينمائياً فقد صوره الصحيح بصورة شعرية في غاية الجمال فيقول:
هنا مسلخ الكون
لا تتخثر فيه الدماء
فطاحونة الموت ساخنة والمذابح مستعجلة
كوكب اللهب الصورة التي أصبحت تحيط بعالمنا واقعياً وشعرياً وتشكيلياً وسينمائياً اللهب الذي أشعله قابيل منذ تمكنه من ابتكار القنبلة بكل أنواعها، فأحرق الأرض وجعلها كوكباً من لهب، وليت قابيل يرى صورة الصحيح الشعرية وهي تصف مآسي الحرب فيطفئ اللهب المشتعل ويريح البشرية.
الحرب حين تجيءُ
تمحو الفرق ما بين السنابل والقنابل
الحرب حين تسيءُ
تخطف البنفسج من حقول الورد
تخطف الضوء من الجداول
الحرب حين تُضيءُ
تُطفئُ شعلة الأحلام في دمنا وأحلام المشاعل