«جاني الصلع» .. الحقني يا دكتور ! أخبار السعودية
تخرج من الجامعة، وقرر مواصلة دراسته في الخارج، وقبلها تقدم لخطبة فتاة أحلامه، وانطلقت زغاريد الموافقة، سافر وبدأ مشواراً جديداً في حياته. وظل على تواصل مع خطيبته التي تمنت عليه أن يعالج الصلع الذي بات يظهر على رأسه، تريده أن يكون في أجمل هيئة.
هذه الرغبة ادخلت محمود في وساوس وخشي أن تنتهي وتتوقف أحلامه مع خطيبته عند هذا الحد، وخضع لزراعة شعر وبات ملازماً ليل نهار للمرآة ويحسب كل شعرة تظهر، وكان فرحا بذلك، خاصة أنه يوشك على التخرج.. أشهر معدودة، عاد إلى الوطن حاملا شهادته العليا بشعره المزروع، وتزوج من ابنة الجيران، سنة واحدة نعم بالشعر المزروع الذي بدأ يخف ويتساقط، وتغيرت أحواله مع زوجته، خصوصاً وهي تسمع تنمّر صديقاتها وقريباتها أنها تزوجت من رجل (أصلع)، ودبت الخلافات بينهما، وعاد محمود إلى الخطوة الأولى؛ بحثاً عن علاج لصلعه ومعرفة أسباب تساقط شعره.
أقاويل ودراسات تزعم أن الصلع يطيل العمر، لكن الوقائع الماثلة لا تؤكد ولا تنفي.. فالأعمار بيد الله.. ولاستجلاء أسباب الصلع استمعت «عكاظ» إلى الخبراء والاختصاصيين وأصحاب الشأن:
النساء يصبن أحياناً !
خبير الجلدية الطبيب هيثم شاولي، عرّف الصلع بأنه عبارة عن فقدان تدريجي للشعر، ومرتبط في الغالب بعوامل وراثية وبعض أمراض المناعة الذاتية؛ مثل ارتفاع مستوى هرمون التستوستيرون، اضطراب هرمونات الغدة الدرقية، انخفاض مستوى الحديد، انخفاض مستوى فيتامين (ب)، العلاج الكيميائي، تناول بعض أنواع الأدوية، الإصابة بالسفلس، ومسببات مرضية أخرى.
وأشار إلى أن علاجه يعتمد على درجة الصلع الذي لا يقتصر فقط على الرجال بل يصيب النساء! لكنه نادر، ومرتبط أيضاً ببعض الأمراض والتقدم في العمر، خاصة مع التغيّر في مستوى الهرمونات بعد بلوغ سن اليأس الذي يلحظ فيه أن شعر الرأس يصبح أقل سماكة، وشعر الوجه يصبح أخشن.
يضيف الدكتور شاولي: إن في مرحلة الشباب عادة يكون الشعر قوياً، ويكون التساقط في حدود العادي، ومع توافر عوامل وراثية يزداد التساقط من الأطراف الأمامية، وتكبر مساحات الفراغ في الجهة الأمامية وهو مؤشر للصلع، الذي لا يرتبط بسن محددة فبعض الحالات تكون أسرع من غيرها، وإن كانت تظهر لدى الشباب في منتصف العمر كصلع وراثي، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد فاستخدام الصبغات التي تحتوي على مكونات كيميائية رديئة تضعف خصلة الشعر وتؤدي إلى تقصفه وسقوطه، وتزيد الحالة لمن لديهم تساقط نشط بسبب الصلع الوراثي أو غير ذلك من المشكلات.
ويشير شاولي، إلى أن عدم نجاح بعض عمليات زراعة الشعر يعود لأسباب عدة منها: قلة خبرة الجراح، قلة العناية بعد جراحة زراعة الشعر، حالة المريض ضمن الحالات التي لا يسمح لها بالزراعة، أما النتائج فتظهر بعد 12 شهراً أو أكثر من بعد العملية. موضحا أن متوسط تساقط الشعر يومياً يتراوح بين 50 و100 شعرة، فيما ينمو شعر الرأس ما بين 10 إلى 15 ملليمتراً في كل شهر، وتبطئ عند التقدم في السن.
لا تهملوا الثعلبة
طبيبة الجلدية والتجميل الدكتورة أسماء الوكيل، عزت إصابة الشباب بالصلع دون بلوغهم سن العشرين إلى عوامل وراثية، وأن 25% منهم تظهر عليهم بداية الصلع، ومع تقدمهم في العمر تزيد لتصبح 50% عند بلوغهم الخمسين عاما، بسبب التغيرات الهرمونية وزيادة معدلات هرمونات الذكورة، فالصلع الذكوري يختلف عن الصلع الأنثوي، فالنمط في السيدات تساقط تدريجي مع ترقق وتقل كثافته وتظهر فراغات في فروة الرأس.
تضيف طبيبة التجميل الوكيل: إن الإصابة بالصلع، في بعض الأحيان، تؤثر على الصحة النفسية وتجعل البعض يرتادون العيادات النفسية أو ينأون بعيداً بأنفسهم عن الآخرين لمداراة فقدان شعرهم. والعلاج يبدأ بتنشيط فروة الرأس من خلال علاجات موضعية أو جلسات احترافية كعوامل تحفيز بحسب الخطة العلاجية ونتائجه فعالة للسيدات وفي بعض الأحيان للرجال، وإن كانت العمليات الجراحية لزراعة الشعر هي الأكثر فعالية بإعادة إنبات الشعر واستعادة كثافته. وتحذر الطبيبة الوكيل، من إهمال معالجة الثعلبة لمن يصاب بها؛ فهي طريق مؤدٍ إلى الصلع، والمطلوب التحوط من بعض الأمراض التي يدخل فيها النحاس وهرمونات الغدة الدرقية والضغط العصبي كونها بداية للإصابة.
فراغات وتكسُّر
«يا دكتور.. شعري يطيح ينزل خصل خصل. صرت أشوف فراغات في فروة رأسي.. شعري ما يطول مثل أول. صرت أخاف أسرح شعري صار يتكسر وضعيف!»
كلمات وأوجاع يتلقاها أخصائي أول طب الأمراض الجلدية الدكتور عدنان البحبوح، من غالب المصابين بالصلع في عيادته وهو حال غيره من الأطباء، الذي يوضح أن أبرز حالات الصلع هو(الأندروجيني) أو تساقط الشعر الكربي والثعلبة بأنواعها، وقد تكون ندبية يحدث معها فقدان دائم لبصيلات الشعر أو غير ندبية، أما الأكثر شيوعاً فهي حالات وراثية تظهر مع تقدم العمر وتسمى بالثعلبة الأندروجينية.
الدكتور البحبوح قال: إن تساقط الشعر الكربي، يحدث بسبب الإجهاد الأيضي، أو التغيرات الهرمونية، أو بسبب بعض الأدوية. وقد يكون حاداً أو مزمناً، ومن الأحداث المحفزة الشائعة للصلع الإصابة بمرض الحمى الحاد، والعدوى الشديدة، والجراحات الكبرى، والصدمات الشديدة، والتغيرات الهرمونية بعد الولادة، وقصور الغدة الدرقية، واتباع نظام غذائي قاسٍ، وانخفاض تناول البروتين، ونقص الحديد والأدوية المعالجة للسرطان كالكيماوي الذي قد يتسبب في تساقط شعر الجسم كله (تساقط الشعر المتنامي)، ولكنه يعود إلى النمو مجدداً، ومن الأسباب أيضاً تناول أدوية التهاب المفاصل والاكتئاب ومشكلات القلب والنقرس وارتفاع ضغط الدم والمعالجة الإشعاعية للرأس.
وأضاف طبيب الجلدية البحبوح: من الحالات المؤدية للصلع، الإصابة بالثعلبة بأنواعها؛ مثل الثعلبة البقعية المرتبطة بالجهاز المناعي التي يتساقط فيها الشعر على شكل بقع صلعاء دائرية أو غير مكتمِلة في فروة الرأس أو اللحية أو الحواجب أو الرموش، وقد تسبب الشعور بحكّة في الجلد قبل سقوط الشعر، وإصابة فروة الرأس بالسعفة، واضطراب نتف الشعر المسمى بهوس نتف الشعر.
طبيب الجلدية البحبوح: حذر من التعرض لصدمات جسدية أو عاطفية أو الإفراط في تسريحات وقصات الشعر، خصوصاً التي يعتمد فيها إلى سحب الشعر بشدة فيتساقط ويصاب بثعلبة الشَّدّ، ومن استخدام الزيت الساخن وعلاجات الفرد في تساقط الشعر، جميعها من مسببات الإصابة بالصلع.خزعة فروة الرأسالدكتور البحبوح، إن الوقوف طبيا على أسباب الإصابة بالصلع، يتم من خلال الفحص السريري باستخدام منظار الشعر، اختبار شد الشعر، تحاليل الدم، خزعة فروة الرأس والمجهر الضوئي (لفحص الشعر المشذب من جذوره)، موضحاً وجود بعض العلاجات الناجحة في معالجة تساقط الصلع أو إبطائه لينمو مجدداً؛ منها علاجات موضعية أو جهازية، وينصح طبيب الجلدية البحبوح، المرضى بأهمية معرفة محتويات الأدوية وأعراضها الجانبية فإن ظهرت عليها آثار تساقط للشعر راجعوا الطبيب حتى لا تتفاقم مشكلتهم، مختتماً مشاركته بأن علاج الصلع الأندروجيني يشمل العلاجات الموضعية والفموية التي توسع الأوعية الدموية الدقيقة المغذية لجريبات الشعر وكذلك الأدوية المضادة لتأثير هرمون الذكورة، والحقن الموضعي للبلازما الغنية بالصفائح، والعلاج بتقنية ضوء الليزر منخفض المستوى (مثل قبعات الليزر)، وجراحة زراعة الشعر في الحالات المتقدمة والتي لا تستجيب للعلاج التحفظي.
21 مليون امرأة صلعاء
أصاب الصلع الكثير من العظماء منهم سقراط ونابليون وغاندي وتشرشل وشكسبير ويوليوس قيصر؛ الذي اضطر ليخفي صلعته بتاج من الغاز، ووفقاً لتقرير صادر عن إحصائيات زراعة الشعر في المملكة المتحدة 2021م، أشار إلى أن الثعلبة أو تساقط الشعر أثر على 21 مليون امرأة و35 مليون رجل في العالم، وأن أكثر من 650.000 يخضعون سنوياً لعمليات زراعة الشعر، وأن ما ينفق سنوياً للعلاج على الصلع والوقاية منه 3.5 مليار دولار، فيما تنبأ محللون بأن تتجاوز قيمة صناعة زراعة الشعر العالمية 24.8 مليار دولار بحلول 2024، وأوضح أخصائي الشعر الدكتور سلمان المطيري في لقاء (للإخبارية) أن المصابين بالصلع في المملكة 58% من الرجال و42% من النساء يعانين من تساقط الشعر، فيما أكدت وزارة الصحة في ردها لأحد المستفسرين أنه لا يوجد علاج شاف من الصلع الوراثي، وأن الموجود هي أدوية طبية تساعد على نمو الشعر أو اللجوء إلى عملية زراعة للشعر.