كيف يقرأ الخارج التحولات السعودية؟ أخبار السعودية
برئاسة الدكتور محمد بن صقر السلمي، عن القفزات السعودية في المؤشرات التنموية خلال سنوات معدودة.وفي هذا السياق، كتب جون ألترمان على موقع مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية: «إن المملكة تمكنت من تغيير وجهة نظر الرئيس جو بايدن وفريقه؛ الذين وجدوا لاحقاً أن السعوديين شركاء أساسيون في كل شيء، بدءاً من تسعير الطاقة إلى الأمن الإقليمي إلى مكافحة الإرهاب». وقال ألترمان «إن المناقشات الإستراتيجية الجادة بين السعودية والولايات المتحدة أدت إلى إنهاء كل الخطاب حول تخلّي الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط»، واعتبر أنّ «التحرير السريع لبعض جوانب الحياة السعودية علامةٌ على أن المملكة تتغير».
وحول صوابية السياسات النفطية للمملكة في ما يتعلق بخفض الإنتاج داخل (أوبك+)، كتب جاسون بوردوف وكارين يونج على موقع (فورين بوليسي): «إن خفض إنتاج النفط يؤدي إلى تعزيز الاعتراف المتزايد بأن المملكة تنتهج إستراتيجية دبلوماسية عدم الانحياز، إذ إنه بينما تظل العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية مهمة لكلا الجانبين لأسباب أمنية واقتصادية، تعمل المملكة على التحوط في رهاناتها من خلال إظهار قدرٍ أكبر من الاستقلال عن الولايات المتحدة وتعميق علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية مع الصين وروسيا وجيرانها في الخليج».
وأضاف أنه بعد عقود من وضع نفسها كمدير مسؤول لأسواق النفط العالمية المعنية بعوامل مثل صحة الاقتصاد العالمي، أصبح موقف الرياض الآن بوضوح هو مبدأ «المملكة العربية السعودية أولاً». واعتبر أن تخفيض الإنتاج من النفط يعزز اليد الجيوسياسية للمملكة من خلال زيادة طاقتها الاحتياطية المتاحة. ومن خلال خفض الإنتاج وتقليص الفائض في مخزونات النفط الموجودة اليوم، تعمل (أوبك+) على تسريع الإطار الزمني الذي تدخل فيه سوق النفط فترةً من العجز الهيكلي عندما يتجاوز الطلب العرض. وبعد أن استنفدت الولايات المتحدة بالفعل جزءاً كبيراً من الاحتياطي الإستراتيجي للنفط، لم يعُد أمامها خِيارات لترويض الأسعار من دون الاتصال بالرياض.
رؤية 2030.. تعزيز الإنجاز
وفي صحيفة (The National News) كتب توماس واتكينز في تعليقه على لقاء ولي العهد مع (فوكس نيوز)، أن تصريحات الأمير محمد بن سلمان أحدثت تأثيراً دائماً على المشاهدين الأمريكيين، مؤكداً أنه بينما انحصرت تصورات الأمريكيين للمملكة العربية السعودية على مدار عقود من الزمن من خلال منظور ضيق سلط الضوء على مجموعة صغيرة من القضايا (مبيعات الأسلحة، وأسعار النفط، والمخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان، وغيرها من القضايا الجانبية)، فإن اللقاء مع الأمير أكد أن المملكة تركز على المستقبل، وأن ولي العهد يريد أن يأتي السياح الأمريكيون لزيارتها، وأن الرياض حريصة على الحفاظ على الولايات المتحدة بوصفها شريكها الأمني الرئيسي. وقال مدير مركز سكوكروفت للشرق الأوسط جوناثان بانيكوف: «لقد حقق ولي العهد ما أراد تحقيقه في مخاطبة الجمهور الأمريكي والغربي على نطاق أوسع، وتمكن من جعل المملكة يُنظر إليها على أنها دولة صاعدة ومتطورة وحديثة». وكتبت إيدي لوش على (لينكيدان) معلقة تطور القوة الناعمة السعودية: «إنه لقرونٍ من الزمان، كان العالم الغربي يعتبر قدرته في القوة الناعمة أمراً مفروغاً منه، والآن المملكة العربية السعودية دولة شابة، لا توجد فرص كثيرة لنشر علامتها التجارية خارج شركة أرامكو للنفط، لكن رؤية 2030 فتحت المملكة، وساعد صندوق الاستثمارات العامة في تعزيز الإنجاز الذي حققته السعودية بوصفها الدولة الأسرع نمواً في العالم عام 2022، وهو يدفع البلاد نحو أن تصبح قوة عالمية خارج نطاق النفط».وأضافت أن «ما لفت انتباه الصحافة خارج الشرق الأوسط أخيراً، هو التحركات الدولية لصندوق الاستثمارات العامة (تدفق لاعبي كرة القدم، وشراء فرق كرة القدم)، بما بدا معه وكأن الغرب يخسر شيئاً كان يتمتع به ذات يوم». وأكدت أن التغييرات داخل السعودية تعمل الآن على توسيع علامتها التجارية، وفي كل مرة أزور المملكة تدهشني وتيرة التحول المذهلة، إذ ارتفعت مشاركة المرأة في القوى العاملة من 20% عام 2018 إلى 37% عام 2022.
الميزة الإستراتيجية للسعودية
أما جريسلين بيسكران، فكتبت في مقالة لها على موقع مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية عن الميزة الإستراتيجية للسعودية في علاقاتها بدول القارة الأفريقية، ولفتت نظرة هذه الدول إلى المملكة؛ بوصفها نموذجاً تعمل على الاقتداء به، وتشير إلى سببين رئيسيين يجعلان المملكة شريكاً جذاباً للدول الأفريقية، أولهما: أن قصة التنمية السعودية المتمثلة في الاستفادة من القطاع الاستخراجي لتحقيق النمو الاقتصادي العادل من خلال صندوق الثروة السيادية تحظى بجاذبية لدى الدول الأفريقية. ثانيهما: أداء المملكة في مؤشر التنمية البشرية (HDI)، حيث احتلت الترتيب 33 بين 143 دولة في هذا المؤشر، في مفارقة مع الدول الأفريقية التي يقع 74% من دول الربع الأدنى من البلدان في تصنيفات مؤشر التنمية البشرية فيها، رغم تصنيف 73% منها على أنها غنية بالموارد.
ويشيرُ هذا إلى أنه على الرغم من امتلاك هذه البلدان احتياطيات كبيرة من المعادن والنفط والغاز، فقد فشلت في الاستفادة منها لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، لذلك فإن رواية النمو في المملكة هي قصة تسعى العديد من الدول الأفريقية إلى محاكاتها.
وفي الحقيقة، ساعد كل ذلك على ارتقاء المملكة في كثير من المؤشرات الدولية المهمة، فتقدمت المملكة خمس مراتب عالمية في منظور (القوَّة النّاعمة)، ودخلت لأول مرة ضمن قائمة الـ20 دولة الأعلى من بين 121 دولة حول العالم؛ وفق مؤشرات مؤسسة (براند فاينانس)، المتمثلة في: العلاقات العالمية، الألفة والشهرة، السمعة، التأثير، التجارة والأعمال، الحوكمة، التراث والثقافة، الإعلام والاتصال، الناس والقيم، الاستدامة، والتعليم والعلوم. وهو ما لا يمكن النظر إليه بأي حال من الأحوال بمعزل عن رؤية 2030.
وهنا قد يكون جديراً إيراد كلمات سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة الأميرة ريما بنت بندر التي قالت: «أغادر مملكة شهدنا فيها خلال خمس سنوات تغييرات أكثر مما شهدنا خلال 80 عاماً، إذ تحتل حقوق المرأة الصدارة، ويحتل إدراج الإناث الصدارة، فهل انتهينا؟ لا، لقد حددنا عام 2030 ليكون نقطة ننجز فيها أقصى ما هو ممكن».
أيقونة عالمية وحُلم يتمناه الشعوب
وفي تفسير للتحولات التي شهدتها المملكة، يؤكد مراقبون للشأن السعودي أن الأمير محمد بن سلمان هذا القائد الملهم، شكّل أيقونة عالمية وحُلماً تتمناه الشعوب، إذ إنه رسم حاضر ومستقبل وطنه، ووضع رؤية المملكة 2030 وحققها قبل أوانها، وكأنه سابق بها الزمن واختصر السنوات، فتقافزت الأرقام والإنجازات، وتصدَّر موقع المملكة المؤشرات العالمية على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية الدفاعية والاجتماعية، فأَبْهَرَ العالم بعظيم ما صنعه، وحققه في ظرف بضع سنوات معدودة، ما أكسبه كل ذلك الحب والإيمان برؤيته العظيمة».
وفي الحقيقة، فإنه لا يمكن التعرض للأوضاع في المملكة وتحولاتها الهائلة دون تناول صاحب الرؤية الذي انطبق عليه وصف صحيفة (واشنطن بوست) منذ أكثر من ست سنوات، حين قالت إن الأمير محمد بن سلمان «يُعيد هندسة المملكة»، ولعل كلمات الرئيس الروسي بوتين هي أفضل ما يمكن استحضاره في هذا السياق، إذ قال في أكتوبر 2022: إنَّ ولي العهد السعودي «زعيم شاب حازم يستحق الاحترام»، مضيفاً أنه «يسترشد بالمصالح الوطنية»، وأن مبادئه ومصالحه الوطنية «متوازنة تماماً».
ووفق ما يقول أحد المفكرين، فإن المملكة في هذا العهد بلغت ذروة في قوة التأثير الإقليمي والعالمي، وصارت القيادة الرئيسية في العالمين العربي والإسلامي، بحيث يكون من المرجَّح أن تُصغي سائر الأطراف لمبادرتها السلمية التي تحمي ولا تهدد، وتصون ولا تبدد. فيما يقول يقول مفكر آخر «إن فوز المملكة باستضافة (معرض إكسبو) لم يكن مصادفة عشوائية، إنما هو حصاد سنوات من العمل الدؤوب، ولم تكن النجاحات التي حققتها المملكة إلا نتاج رسم وتخطيط لبرامج، والتزام آليات تنفيذ، وجداول ومواعيد، ونهضة أمة صادقة وقفت الحكومة والشعب وراءها لتحقيقها».