السر في الموقع.. لماذا دفن كثير من المصريين القدماء في سقارة؟
02:38 م
الأحد 02 يونيو 2024
سقارة هي حلم عالم الآثار، فهي موطن لعدد كبير من مومياوات مصر القديمة ومقابرها ونحو 10 أهرامات. وفي كل عام، يعثر الباحثون على اكتشافات جديدة في الموقع، بما في ذلك أقنعة المومياء، ولفائف كتاب الموتى، وحتى ورش التحنيط.
ولكن لماذا اختار الكثير من المصريين القدماء الدفن هناك؟
تقول الدكتورة سليمة إكرام، الباحثة في علم المصريات بالجامعة الأمريكية بالقاهرة لموقع لايف ساينس: أحد الأسباب المهمة هو قربها من العاصمة ممفيس، التي ظلت إلى حد كبير مركزًا إداريًا عبر تاريخ مصر، فضلاً عن كونها مركزًا دينيًا رئيسيًا يحتفل بعبادات مجموعة متنوعة من الآلهة”.
غير أن نيكو ستارينج، عالم المصريات والباحث الضيف في جامعة ليدن، يرى أنه من الصعب المبالغة في أهمية مدينة ممفيس بالنسبة لسقارة.
وقال: “يجب أن يُنظر إلى سقارة على أنها عنصر من عناصر البيئة الحضرية المعيشية الأوسع.. أعاد سكان ممفيس تشكيل المقابر على مدى أجيال عديدة، وبالتالي كان تاريخ حياة كل من المدينة ومقبرتها متشابكًا بشكل وثيق”.
كما حظيت سقارة بالتبجيل لأن بعض الفراعنة المصريين الأوائل بنوا مقابرهم هناك. خلال الأسرة الثانية (حوالي 2800 إلى 2650 قبل الميلاد)، شيد الفراعنة حتبسخموي ورينيب ونينتجر مقابر في الموقع، حسبما قالت لارا فايس، الرئيس التنفيذي لمتحف رومر وبيليزايوس في ألمانيا، لموقع Live Science.
واشتهر فرعون الأسرة الثالثة زوسر ببناء الهرم المدرج في سقارة، كما شيد العديد من الفراعنة الآخرين، مثل فراعنة الأسرة الخامسة أوسركاف وأوناس وجدكارع إسيسي، الأهرامات في الموقع.
وأضاف ستارينج أنه أثناء دفن الفراعنة، “شيد عدد كبير من مسؤولي بلاطهم ما يسمى بمقابر المصطبة في المناطق المجاورة لهم”، موضحًا أن المنطقة لم تكن مخصصة للملوك فقط.
وحتى في عصر الدولة الحديثة (حوالي 1550 إلى 1070 قبل الميلاد)، وهو الوقت الذي كان يُدفن فيه الفراعنة في وادي الملوك على بعد حوالي (483 كيلومترًا)، كان العديد من المسؤولين لا يزالون يريدون أن يُدفنوا في سقارة. وقال ستارنج إن هذا حدث بسبب تاريخ الموقع وارتباطه بالآلهة المصرية. وبينما “كان الملوك يدفنون في وادي الملوك بطيبة، قام أهم إداريي المملكة ببناء مقابرهم على شكل معابد في سقارة، في موقع مشبع بالتاريخ وموقع كان يعتبر مقرا لمختلف الشخصيات البارزة”.
وحظي هرم زوسر المدرج بتقدير كبير بشكل خاص بعد فترة طويلة من بنائه. وقال ستارينج: “من المثير للاهتمام أن الآثار القديمة من الماضي استمرت في ممارسة تأثيرها على الأجيال اللاحقة”.
وعلى الرغم من أنها مكان قديم، إلا أن سقارة لا تزال موقع دفن نشطًا حتى اليوم. وقالت سليمة إكرام: “لا تزال سقارة تُستخدم كمقبرة، وإن كان بدرجة أقل بكثير، حتى الوقت الحاضر”.
واليوم، يعج الموقع بعلماء الآثار والسياح. وقال ستارينج: “باعتباره مكانًا للأحياء وليس الأموات، أصبح الموقع اليوم أكثر حيوية من أي وقت مضى”.