اقتصاد

محلل روسي يحذر: هكذا سينهار الاقتصاد العالمي


11:53 ص


الخميس 20 يونيو 2024

كتبت- دينا خالد:

قال المحلل السياسي الروسي، أليكسندر نازاروف، إنه من الصعب التنبؤ بالتسلسل الدقيق للأحداث أثناء الانهيار للاقتصاد العالمي، ولكن يمكن وصف الجوانب الرئيسية، استنادا لتجربة انهيار الاتحاد السوفيتي.

وأضاف نازاروف، في مقال له، أن التضخم المفرط، أي الارتفاع السريع في الأسعار وانخفاض قيمة الأموال في جميع أنحاء العالم، والأهم من ذلك، في العملات الرئيسية في العالم، سيؤدي إلى انهيار هرم الديون العالمي أو اندلاع الحرب الصينية الأمريكية سيؤدي إلى انخفاض الإنتاج العالمي والنقص العالمي في السلع على خلفية فائض متزايد من الأموال.

وتابع، ستنخفض إيرادات الحكومات بشكل حاد وسترتفع تكاليف إنقاذ الاقتصاد، وستبدأ جميعها أو معظمها في طباعة النقود بوتيرة محمومة لتغطية نفقاتها.

وسيؤدي هذا بسرعة كبيرة في غضون بضعة أشهر، إلى دفع جميع البلدان تقريبا نحو التضخم المفرط، مع تضاعف الأسعار كل بضعة أشهر أو حتى أسرع.

ويرى نازاروف، أن التضخم المفرط سيؤدي إلى تبخر جميع المدخرات المحتفظ بها نقدا أو في الودائع المصرفية بسرعة كبيرة وستقوم الدولة أو أصحاب العمل في القطاع الخاص، ممن لم يصابوا بعد بالإفلاس، بزيادة رواتب ومعاشات التقاعد للأشخاص العاديين، ولكن بمعدل أقل من معدلات التضخم المتسارع، بالتالي سيصبح الدخل الحقيقي ومستويات المعيشة أقل بشكل كبير ومتضاعف.

ويضرب نازاروف مثالا، قائلا: “كان الناس في الاتحاد السوفيتي السابق، والآن في لبنان أو السودان وزيمبابوي وفنزويلا، وغيرها من البلدان التي تعاني من التضخم المفرط، يستخدمون الدولار واليورو بدلا من العملات الوطنية في التجارة، وحتى لو تم حسابها بالعملة الوطنية، فإن الأسعار تظهر بالدولار”.

وتوقع نازاروف، أنه في حالة التضخم العالمي المفرط، لن تكون هناك وسيلة للمدفوعات الدولية، بل وحتى للمدفوعات المحلية ولا شيء على الإطلاق، لا عملة محلية ولا يورو ولا دولار ولا يوان، سيقع الجميع في براثن التضخم المفرط.

وتابع نازاروف، أنه من الناحية النظرية، يمكن للمرء أن يأمل أن تتمكن الصين من الحفاظ على إنتاجها وعملتها، حيث سيكون لديها في البداية فائض من السلع، أي أنه لن يكون هناك تضخم مفرط في المرحلة الأولية.

وأوضح نازاروف، أن التضخم المفرط في جميع العملات، بما في ذلك العملات الرئيسية في العالم، من شأنه أن يعطل التجارة العالمية، على الأقل لفترة من الوقت، فلا يمكنك إبرام العقود وتسليم البضائع عندما تتغير الأسعار كل يوم. علاوة على ذلك، فإن التضخم المفرط قاتل للصناعات المعقدة التي تستخدم عشرات الآلاف من المكونات من مئات الشركاء من عشرات البلدان ذات معدلات التضخم المفرط المختلفة.

أولا، سيتوقف الإنتاج المعقد مع التقسيم العالمي للعمل في جميع أنحاء العالم: الهواتف الذكية والسيارات وأجهزة الكومبيوتر والطائرات وأي إلكترونيات وكيمياء وأدوات وما إلى ذلك.

وإذا توقف مصنع الغسالات عن استلام الأبواب، فسيتوقف المصنع بأكمله، وعلى إثر ذلك ستتوقف المصانع التي تنتج الزجاج والمطاط والأسلاك الكهربائية وغيرها لهذه الغسالات عن العمل، أي سيتوقف جميع الشركاء الذين يقومون بتوريد مكونات المصنع الأول. لكن المصنع الذي زود المحركات للغسالات كان ينتج إلى جانب ذلك ضواغط لمكيفات الهواء للمصنع الثالث، لذلك فإن إيقاف مصنع الغسالات سيوقف أولا جميع شركائه، ثم جميع شركاء شركائه، وهكذا.

أي أنه في حالة التضخم العالمي المفروط، ستتوقف الصناعة العالمية بأكملها.

في لبنان وروسيا، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، استخدموا الدولار بدلا من الليرة والروبل، لكن هذه المرة لن يكون هناك دولارات، وسيكون هناك أيضا تضخم مفرط في منطقة الدولار. وسيؤدي انهيار الصناعة إلى إصابة كافة البلدان بالشلل، حتى تلك التي تتمتع بفائض في التجارة الخارجية مثل روسيا.

بعد الأشهر الأولى من الإغلاق، من المحتمل أن تستأنف الصناعات الأكثر بدائية فقط العمل، لا سيما تلك التي ستكون قادرة على التحول إلى المقايضة، أي أن تدفع لبعضها البعض سلعها. ستقوم مصفاة النفط باستبدال طن البنزين بـ 10 خراف من المزارع، وتعطي 5 خراف لمورد النفط، الذي سيعطي اثنين لمورد الأنابيب، واثنين كأجور للعمال، هذه هي الحالة الأكثر ملاءمة، وعادة ما تحاول المصانع أن تدفع لبعضها بأطباق الخزف والطوب وإطارات السيارات والأسرة والقمصان وغيرها من السلع التي تنتجها.

سيؤدي الإغلاق الكامل للصناعة إلى زيادة حادة في البطالة وأعمال الشغب والثورات والفوضى، ما سيزيد من تفاقم عواقب توقف الاقتصاد، وسيتم الإطاحة بالعديد من الحكومات، وستكون البلدان التي تعاني من ميزان تجاري سلبي وانعدام الأمن الغذائي، وخاصة بعض البلدان العربية، التي ستكون معرضة للخطر على نحو خاص.

باختصار، ستحدث عملية بدائية سريعة للغاية للاقتصاد في مختلف أنحاء العالم، في غضون عام أو عامين، وفي بعض الحالات في غضون عدة أشهر، بحسب نازاروف.

وستكون البلدان الزراعية المتأخرة هي الأقل معاناة، وسوف تختفي العديد من الصناعات الفريدة. آمل أن نحافظ على تكنولوجيا الكومبيوتر، على الرغم من أنه من المرجح أن يكون هناك تراجع في هذه المجال لعدة مستويات إلى الوراء.

وتابع نازاروف، يمكنك الآن أن تتخيل بنفسك العواقب الاجتماعية والسياسية، لكنني سأضيف أن المعاشات التقاعدية والمزايا الاجتماعية إذا لم تختف، فإنها ستنخفض بشكل كبير، كما سينخفض مستوى الطب، ومعدل المواليد، الذي انخفض بالفعل إلى ما دون مستوى الإحلال في العالم، سيواصل انخفاضه بشكل كبير. وستكون هناك مجاعة في بعض المناطق، وبعدد من البلدان سيكون هناك انهيار في بنى التحتية مع نزوح الناس من المدن، ستكون هناك ثورات وحروب أهلية في بعض البلدان، وستنهار بلدان أخرى، وتختفي بلدان ثالثة، وسوف يتبع ذلك هجرات عملاقة.

وفي ظل هذة السيناريوهات، إذا تمكنت الصين وروسيا من هزيمة الغرب بسرعة، فإن عملاتهما سيكون لديها فرصة للبقاء مستقرة وتصبح عالمية، وهو ما من شأنه أن يخفف من الضربة التي سيتلقاها الكوكب بأكمله.

ووجه نازاروف نصيحة قائلا: “احتفظوا بمدخراتكم بالذهب والفضة، ولكن ليس بالدولار واليورو”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى