صورة من المستقبل.. أقدم وأصغر المخلوقات تعود للسيطرة على الأرض
04:41 م
الخميس 15 أغسطس 2024
الثابت علميا أن محيطات العالم هي موطن لكائنات مجهرية غير مرئية للعين البشرية. تشكل هذه المخلوقات الصغيرة، المعروفة باسم “بدائيات النوى”، 30٪ من الحياة في محيطات العالم.
وتلعب هذه الكائنات دورًا مهمًا في الحفاظ على توازن المحيطات. لكن الأبحاث الجديدة التي أجراها فريق بقيادة الباحث ريان هينجان بجامعة جريفيث تظهر أن هذا التوازن معرض للخطر.
يقول ريان في مقال نشرته مجلة لايف ساينس: وجدنا أن بدائيات النوى مرنة بشكل ملحوظ في مواجهة تغير المناخ – ونتيجة لذلك، يمكن أن تهيمن بشكل متزايد على البيئات البحرية.
يمكن أن يقلل هذا من توافر الأسماك التي يعتمد عليها البشر في الغذاء، ويعوق قدرة المحيط على امتصاص انبعاثات الكربون.
يُعتقد أن هذه الكائنات هي أقدم أشكال الحياة القائمة على الخلايا على الأرض. تزدهر في جميع أنحاء الكوكب – على الأرض وفي الماء، من المناطق الاستوائية إلى القطبين.
إن الكائنات البدائية تعوض ما تفتقر إليه من حجم في وفرة هائلة. وعلى مستوى العالم، يوجد حوالي طنين من الكائنات البدائية البحرية لكل إنسان على هذا الكوكب. وتلعب دورًا حاسمًا في سلاسل الغذاء العالمية، حيث تساعد في دعم الاحتياجات الغذائية للأسماك التي يصطادها البشر ويأكلونها.
وتنمو الكائنات البدائية البحرية بسرعة كبيرة – وهي عملية ينبعث منها الكثير من الكربون. في الواقع، تنتج الكائنات البدائية على عمق 200 متر في المحيط حوالي 20 مليار طن من الكربون سنويًا: ضعف ما ينتجه البشر.
ويتوازن هذا الناتج الهائل من الكربون مع العوالق النباتية – وهو نوع آخر من الكائنات الحية الدقيقة التي تحول ضوء الشمس وثاني أكسيد الكربون إلى طاقة، من خلال التمثيل الضوئي.
كما تمتص العوالق النباتية وغيرها من العمليات المحيطية ما يصل إلى ثلث الكربون الذي يطلقه البشر في الغلاف الجوي كل عام. وهذا يساعد في الحد من وتيرة الاحتباس الحراري العالمي.
وطريقة استجابة الكائنات البدائية للاحترار هي مفتاح لفهم كيف سيتغير التوازن الدقيق لمحيطات العالم في عالم أكثر دفئًا.
يقول ريان: أردنا التنبؤ بكيفية تأثير تغير المناخ على “الكتلة الحيوية”، أو الوزن العالمي الإجمالي، لبدائيات النوى البحرية. أردنا أيضًا دراسة كيفية تأثيره على إنتاجها من الكربون.. وصممنا نماذج كمبيوترية دمجت عقودًا من الملاحظات من عشرات المسوحات العلمية عبر محيطات العالم.
إذن ماذا وجدنا؟ من المرجح أن تكون بدائيات النوى هي الفائزة بتغير المناخ، مقارنة بالحياة البحرية الأخرى.
مع كل درجة من ارتفاع درجة حرارة المحيط، ستنخفض كتلتها الحيوية بنحو 1.5٪. وهذا أقل من نصف الانخفاض المتوقع بنسبة 3-5٪ الذي توقعه العلماء للعوالق والأسماك والثدييات الأكبر حجمًا.
وهذا يعني أن النظم البيئية البحرية المستقبلية ستكون ذات كتلة حيوية إجمالية أقل، وستهيمن عليها بدائيات النوى بشكل متزايد. وقد يؤدي هذا إلى تحويل حصة أكبر من العناصر الغذائية والطاقة المتاحة نحو الكائنات بدائية النواة وبعيداً عن الأسماك، ما يقلل من إمدادات الأسماك التي يأكلها البشر.
ويضيف: اكتشفنا تغييراً مهماً آخر، فمع كل درجة من درجات الاحترار، نتوقع أن تنتج الكائنات بدائية النواة في أعلى 200 متر من محيطات العالم 800 مليون طن إضافية من الكربون سنوياً.
وهذا يعادل الانبعاثات الحالية للاتحاد الأوروبي بأكمله (بعد تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى كربون).
ماذا يعني كل هذا؟
بسبب تغير المناخ الناجم عن الإنسان، من المتوقع أن ترتفع درجة حرارة محيطات الأرض بمقدار يتراوح بين 1 و3 درجات مئوية بحلول نهاية هذا القرن، ما لم تغير البشرية مسارها.
إذا زادت كمية الكربون التي تنتجها بدائيات النوى كما هو متوقع، فقد يقلل ذلك من قدرة المحيطات على امتصاص الانبعاثات البشرية. وهذا يعني أن تحقيق صافي الانبعاثات العالمية الصفرية سيصبح أكثر صعوبة.
وعلاوة على ذلك، فإن التوقعات الحالية لانخفاض مخزونات الأسماك العالمية في ظل تغير المناخ لا تأخذ في الاعتبار عمومًا كيف قد يؤدي الاحترار إلى إعادة هيكلة شبكات الغذاء البحرية من خلال تفضيل بدائيات النوى. وهذا يعني أن الانخفاضات المتوقعة من المرجح أن تكون أقل من تقديرها.
يمثل انخفاض أعداد الأسماك مشكلة كبيرة لإمدادات الغذاء العالمية، لأن المحيطات تشكل مصدرًا رئيسيًا للبروتين لنحو 3 مليارات شخص.