ماذا نصنع إذا عميت أبصاركم؟.. خطيب الجامع الأزهر: تحريم الخمر ثابت في القرآن والسنة
04:37 م
الجمعة 18 أكتوبر 2024
كـتب- علي شبل:
ألقى فضيلة أ.د عباس شومان، رئيس المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، أمين عام هيئة كبار العلماء، خطبة الجمعة اليوم، من الجامع الأزهر، ودار موضوعها حول “الإدمان آفة المجتمعات”، قائلًا: إن الإسلام عالج مشكلة إدمان الخمر بوضوح وحكمة بالغة، مشيرًا إلى أن الإسلام حرم الخمر تحريمًا جزئياً.
أضاف شومان أن مشكلة إدمان الخمور من أعقد المشكلات التي واجهت الإسلام، حيث إن غالب المجتمع الجاهلي الذي أرسل فيه رسول الله، كانوا يشربون الخمر، ويتخذونه رمزاً للكرم في الضيافة، ومن دلالات الإكرام على موائدهم، موضحاً أن الإسلام كره الخمر وإدمان الخمور، فهي فيه محرمة وآفة.
وأشار أمين عام هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إلى أن الإسلام عالج إدمان الخمر بحكمة بالغة، يتعلم منها البشر، فقد أخر الحديث عنها حتى يستقر الإيمان في صدور المسلمين، ولم ينزل حكمها جملة واحدة، وإنما بدأ بتصحيح ثقافة المجتمع المسلم، الذي كان جاهليا بالأمس؛ فبين لهم أن الخمر لا نفع فيها كما يظنون، بل أضرارها كبيرة، «يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا»، فالعلماء يقولون: إن هذه الآية لا تحريم فيها، بل هي تهيئة للعقول، استعدادا لتقبل حكم الله في الخمر حين ينزل.
وقال د. عباس شومان، إن التحريم بعد ذلك جاء جزئياً، فابتدأ بمنع شربها قبل الصلاة بفترة كافية، فنزل قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ»، ثم بعد أن تهيأوا لتركها وتجنبها في أوقات الصلاة، نزل قوله تعالى: «رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»، وبذلك عالج إسلامنا قضية إدمان الخمر في مجتمع كله مدمن تقريبا، وامتنع الناس عن شرب الخمر، وأريقت في الطرقات حتى سالت كالأودية.
واستطرد د. شومان، أنه مع تعاقب الأزمنة، ومع شدة تغلب الشيطان على الناس، ووسوسته للنفوس، عاد كثير من الناس لشرب الخمر، حتى وصل لزماننا هذا، وانخرط كثير من الشباب والرجال والنساء، بل والأطفال، في إدمانها، نتيجة قلة إيمانهم، مضيفا أنه رغم كل الوضوح وبيان حكم تحريم الخمر في السنة والقرآن، إلا أن البعض يخرج علينا بقوله: “إنه لا يوجد دليل على تحريم الخمر، ونقول له: ماذا نصنع إذا عميت أبصاركم؟ .. الأدلة بينة وجلية في كتاب الله عز وجل حينما قال: “رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه”، كما أنه قد ورد في صحيح البخاري: “لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن”، أفلا يدل هذا على التحريم؟! فتنبهوا أيها الناس، واتقوا الله، وتحروا الحلال من الحرام.
ورد رئيس المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، على الذين يزعمون أنه لا حرمة في الخمر المصنوع من غير العنب، قائلاً: إن الخمر حرام، سواء إن كانت صُنعت من عنب أو لبن أو ماء، فالعلة في التحريم ليست طريقة الصنع، وإنما نتيجته وأثره؛ إذ أن الخمر هو كل ما خامر العقل، فيُذهبه ويفسد البدن والصحة، وفسادهما يعني أنه لا صلاة ولا زكاة ولا حج ولا جهاد، فضلاً عن أنه مضيعة للمال، وإنفاق له فيما لا يفيد، فالخمر كالمخدرات، كلها مفسدة للناس.
وفي الختام وجه حديثه إلى الشباب قائلاً: أيها الشباب، أدركوا أنفسكم قبل فوات الأوان، ومن ابتلي بشيء من هذه المفسدات، فليسرع بالعلاج، فمجتمعكم ووطنكم يحتاجكم للإنتاج، فأنتم مستقبل هذه الأمة، وتنميتها بين أيديكم، ولا نفع فيكم ولا خير إن تقاعستم عن التحرر من قيود الإدمان، فأنتم مستقبل الأمة وحاضرها.