للرجال فقط.. تحرش وتهديدات بالقتل تلاحق لاعبات كرة القدم بالسودان
مجتمع تقليدي
تُقر نائبة رئيس قطاع المرأة بنادي الهلال السُّوداني، مشاعر عثمان، بوجود عنف ضد لاعبات كرة القدم في السودان. وتُرجع عثمان السبب لطبيعة المجتمع السوداني المحافظة: « 90 في المئة من الأسر السودانية محافظة ولاتُحبذ أو غير قادرة حتى الآن على تقبل فكرة أن تُصبح ابنتهم لاعبة كرة قدم، لذلك تواجه اللاعبات انتقادات كبيرة، وتتعرض للهجوم عبر مواقع التواصل الاجتماعي ».
لم تكن نائبة رئيس قطاع المرأة بنادي الهلال السُّوداني بعيدة عن هذه المعاناة؛ فتقول إنها شهدت بنفسها تعرض لاعبات للضغط والمنع من الأهل، خلال ترأسها ملف تسجيل اللاعبات بالنادي: « واجهتُ تحديات جمة فيما يتعلق بتسجيل بعض اللاعبات؛ فمثلاً تجد اللاعبة لديها رغبة قوية في الانضمام للفريق، لكنّها دائماً ما تواجه بالرفض من قبل أحد أفراد الأسرة ».
وترى عثمان أن التشدد في الرفض من قبل الأسر، سببه الرئيسي الخوف من العنف الرقمي والانتقادات التي تتعرض لها اللاعبات من المجتمع؛ سواء كانت تعليقات مباشرة أو من خلف منصات التواصل الاجتماعي.
أما الصحفية الرياضية هيام تاج السر، فتقول إن التنمر ضد اللاعبات وصل حد الاستهزاء بمظهرهن الخارجي والتشكيك في أنوثتهن، مشيرة إلى أن بعضهن تمكن من مجابهة هذه التحديات كافة، والمضي قدماً في مسيرتهن الرياضية.
« إن التعليقات السلبية ضد اللاعبات لم تقتصر على رواد منصات التواصل الاجتماعي فقط، وأخشى أن يُمارَس ذلك من قبل إدارات بعض الأندية، التي لا ترى في مشاركة النساء ضرورة أو أهمية سوى تلبية مطالب المنظومة الدولية للعبة »، هذا ما ذهبت إليه ممثلة المرأة وعضوة مجلس إدارة نادي المريخ، سلمى سيد.
وتضيف سلمى: « من المؤسف أن اتحادات كرة القدم، ورئاسات الأندية، لم تضع خططاً مدروسة تقدم النموذج الأنثوي الفاعل والمشارك باسم الرياضة حتى الآن ».
التهديد بالقتل
لم تقتصر التعليقات على التنمر والإساءات الشخصية، أو حتى الإيحاءات الجنسية فقط، بل وصلت إلى تهديدات بالقتل « لطاقم التحكيم النسائي ». الحكمة الدولية السودانية رماز عثمان، تقول إن تجربتها مختلفة في مجال كرة القدم النسائية؛ لأنها وجدت دعماً وتشجيعاً من جانب أسرتها، وتحديداً من والدها الحكم السابق وسكرتير الناشئين بنادي الأسرة ولاية الخرطوم. لكنّ عثمان تؤكد أن رحلتها لم تخلُ أيضاً من التنمر والتعليقات السلبية ونظرات الاستهجان من المجتمع، الرافض لكل مَن تقتحم مجال كرة القدم من النساء.
ومن الناحية القانونية، تقول المحامية والناشطة الحقوقية نون كشكوش، إن هذا النوع من الجرائم محكوم بقانون جرائم المعلوماتية. وتضيف كشكوش أن لاعبات كرة القدم، اللائي تعرضن لتعليقات مسيئة، يحق لهن تسجيل بلاغات ضد الصفحات أو الأشخاص الذين يقودون حملات ضدهن؛ سواء كن مقيمات في المدن السودانية الآمنة حالياً، أو مقيمات خارج السودان، لأن جرائم المعلوماتية يمكن أن يحكمها قانون البلد المقيمات فيه، أو أيّ بلد آخر يُقيم فيه الأشخاص المسؤولون عن هذه الصفحات.
وتؤكد كشكوش عدم وجود أيّ نص في القانون السوداني يمنع أو يُجرّم لعب أو احتراف النساء لكرة القدم.
وتنص الفقرة السابعة عشرة بالفصل الرابع من قانون جرائم المعلوماتية السوداني للعام 2007 على أن « كل من يستخدم شبكة المعلومات أو أحد أجهزة الحاسوب أو ما في حكمها لإشانة السمعة، يعاقب بالسجن لمدة لا تتجاوز السنتين أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً ».
وسائل اغتيال الشخصية
تصف استشاري علم النفس، ومديرة مركز أمنية للتدريب وتنمية المهارات النفسية، دكتورة ابتسام محمود أحمد، منصات التواصل الاجتماعي بوسائل اغتيال الشخصية؛ وذلك بسبب تفشي العنف اللفظي وأثره النفسي وما يترتب عليه من الإصابة بالاكتئاب، والخوف، والرغبة في البعد عن الأضواء، وبالتالي إغلاق الصفحة الشخصية على فيسبوك، أو أيّ من المنصات الأخرى كرد فعل لهذه الإساءات.
وترى استشاري علم النفس أن رفض المجتمع السوداني القاطع لكرة القدم النسائية، والتعليقات السلبية ضد اللاعبات، سببه خروجهن عن الإطار الثقافي والاجتماعي، فالمجتمع يعتقد أن كرة القدم لا تناسب النساء، وأن ارتداء الزي الرياضي يخالف الدين الإسلامي.
وتطالب الدكتورة ابتسام لاعبات كرة القدم بالتعامل بقوة وحزم مع حملات التعليقات السلبية والتنمر، وألا تهزمهن سلاطة اللسان أو التقاليد المجتمعية.
أُنجز هذا التقرير بدعم من أريج