هكذا تحوّل صاروخ إسرائيلي إلى “ألماس” بيد حزب الله..
في حرب تموز 2006، استطاع مقاتلو حزب الله اغتنام مجموعة من صواريخ سبايك الإسرائيلية المضادة للدبابات، ليجد الاحتلال نفسه بعد نحو 18 عاماً بمواجهة صواريخ تستخدم تقنياته ولكنها تحمل اسم “ألماس” ويطلقها الحزب على القواعد العسكرية الإسرائيلية وأنظمة الاتصالات وقاذفات الدفاع الجوي بدقة وقوة كافية لتشكل تحدياً كبيراً لجيش الاحتلال.
وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن صواريخ “ألماس” التي يستخدمها حزب الله في حربه مع إسرائيل، والتي أثبتت فعاليتها وقدرتها على إصابة أهدافها وتدميرها، ما هي في الواقع إلا نسخة محسنة من صواريخ سبايك الإسرائيلية التي أرسلها الحزب عقب اغتنامها إلى إيران التي قامت بدورها بدراسة الصواريخ وصنع نسخة مطابقة لها سمتها “ألماس” وزودت حزب الله بها ليتفاجأ الاحتلال الإسرائيلي بسقوط صواريخ على قواعده ليست بغريبة عنه في الواقع.
ويبلغ مدى صواريخ “ألماس” 10 أميال (نحو 16 كم) ومزودة بأجهزة توجيه متقدمة تتيح تتبع الأهداف وإصابتها بدقة وتم تصميمها كنسخة عن الصاروخ الإسرائيلي باستخدام ما يسمى بالهندسة العكسية، واشتهرت إيران بحسب نيويورك تايمز، باتقانها لهذا النوع من الصناعات العسكرية واستنساخ أنظمة الأسلحة لاستخدامها ضد الخصوم الذين صمموها حيث قامت بنسخ طائرات بدون طيار وصواريخ أميركية.
ويعتبر محمد الباشا، محلل الأسلحة في الشرق الأوسط الذي يدير شركة استشارية للمخاطر مقرها في فرجينيا، بحسب ما نقلت الصحيفة الأميركية إن “ألماس” هو مثال على الانتشار المتزايد للأسلحة المصنعة في إيران والتي “تغير بشكل أساسي ديناميكيات القوة الإقليمية”، وأضاف الباشا: “ما كان في السابق انتشاراً تدريجياً لأجيال الصواريخ القديمة تحول إلى نشر سريع للتكنولوجيا المتطورة في جميع أنحاء ساحات القتال النشطة”.
وقال مسؤولون عسكريون إسرائيليون، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لمناقشتهم معلومات استخباراتية حساسة، إن صواريخ “ألماس” كانت ضمن مخزونات أسلحة لحزب الله استولت عليها القوات الإسرائيلية منذ بداية غزوها للبنان قبل نحو شهرين، وكانت هذه الصواريخ موجودة في مخبأ كبير ولكنها كانت الأكثر تطوراً بين ذخائر ذات جودة منخفضة بما في ذلك صواريخ كورنيت المضادة للدبابات المصممة في روسيا. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأسبوع الماضي أن القوات الإسرائيلية المتقدمة في جنوب لبنان عثرت على مخزونات كبيرة من الأسلحة الروسية التي تعزز قدرة حزب الله القتالية.
ويقول مركز ألما الإسرائيلي للأبحاث والتعليم، الذي يدرس القضايا الأمنية على الحدود الشمالية، في تحليل نشره في أبريل/نيسان الماضي: “من المرجح للغاية أن يتم نشر أسلحة من عائلة ألماس الحالية والمستقبلية عبر جميع الجبهات التي يتواجد فيها وكلاء لإيران، وهذه الصواريخ ستهدد مجموعة متنوعة من الأهداف عالية الجودة (ليس فقط الإسرائيلية) على مدى متزايد”. وفي حين يسود اعتقاد أن هناك ما لا يقل عن ثلاثة أنواع معروفة من صواريخ “ألماس” كل منها مطور عن النوع السابق، قال باحثو ألما في يونيو/حزيران الماضي إنه يبدو أن حزب الله يستخدم جيلاً رابعاً أحدث.
في يناير/كانون الثاني الماضي أصدر حزب الله مقطع فيديو لضربة على القاعدة البحرية الإسرائيلية في رأس الناقورة، على الحدود مع لبنان، وقال إنه استخدم صاروخ “ألماس”، وظهر لاحقاً العديد من مقاطع الفيديو لاستهداف مواقع إسرائيلية بصاروخ “ألماس”.
إن صاروخ “ألماس”، ويُعتقد أن التسمية جاءت تيمناً بقيمة أحجار الماس الثمينة والمعروفة بصلابتها وقسوتها، هو صاروخ موجه لا يحتاج إلى خط نظر مباشر لإطلاقه من المركبات البرية والطائرات بدون طيار والمروحيات والصواريخ المحمولة على الكتف، وهو يسمى بصاروخ الهجوم العلوي، أي أن مساره الباليستي يمكن أن يضرب من فوق أهدافه مباشرة بدلاً من الجانب ويضرب الدبابات حيث تكون مدرعة بشكل خفيف وعرضة للخطر.
ويمكن لصواريخ “ألماس” أن تحمل نوعين من الرؤوس الحربية، يمكن لأحدهما أن ينفجر على مرحلتين ما يسهل اختراق الدروع، أما النوع الآخر فهو قنبلة وقود هوائية تنفجر في كرة نارية، وفقاً لمجموعة CAT-UXO المختصة بدراسة انواع الذخائر الحربية والتوعية بها. وقال مسؤولون عسكريون إسرائيليون إن صاروخ “ألماس” هدد الوحدات والمعدات الإسرائيلية بالقرب من حدود لبنان.
وبالعودة لحرب 2006 قام جيش الاحتلال عقب انتهاء الحرب بجرد الذخائر ليكتشف ان هناك تناقض في الكميات بين ما تم إدخاله إلى لبنان وما تم إعادته وما تم تأكيد تدميره في القتال. وأصبح من الواضح أن نظام صواريخ سبايك بالكامل، بما في ذلك قاذفة وعدة وحدات صاروخية، تم تركه على الأرجح في الميدان، وفقاً لاثنين من مسؤولين عسكريين إسرائيليين، ومنذ تلك اللحظة عرفت جيش الاحتلال أن هناك خطراً كبيراً من نقل الأسلحة إلى إيران، حيث يمكن تفكيكها وهندستها عكسياً.
ويقول مسؤولون استخباراتيون إسرائيليون إن حزب الله استخدم صاروخ “ألماس” بشكل محدود عندما شارك في القتال في سورية إلى جانب روسيا وإيران لدعم بقاء نظام بشار الأسد. وبحسب مسؤولين عسكريين إسرائيليين، فإن حزب الله يصنع الآن صواريخ “ألماس” في لبنان لتقليل اعتماده على سلاسل التوريد الإيرانية، ويُعتقد أيضاً أن الصواريخ تُنتج في إيران للجيش الإيراني. وتنقل نيويورك تايمز عن خبراء أسلحة إن “ألماس” شوهد علناً في عام 2020 أثناء تسليم طائرات بدون طيار تم إنتاجها حديثاً للجيش الإيراني، وكشف الجيش الإيراني عن الصاروخ بإطلاقه خلال مناورة عسكرية عام 2021. ولكن لم تظهر تقارير عن استخدام صاروخ “ألماس” في القتال إلا في وقت مبكر من هذا العام خلال هجمات شنها حزب الله على إسرائيل.