مقالات

في ذكرى وفاته.. أبرز المعلومات عن العلامة الأزهري عيسى منون ترصدها هيئة كبار العلماء



10:32 م


الإثنين 06 يناير 2025

كـتب- علي شبل:

رصدت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أبرز المعلومات عن العلامة الأزهري الشيخ عيسى مجنون، والذي توفي في مثلِ هذا اليومِ -السَّادسِ منْ ينايرَ عامَ 1957م، المُوافِقِ الخامسَ منْ جُمادَى الآخِرةِ سنةَ 1376هـ.

هو الأستاذُ الكبيرُ والعلَّامةُ الأشهرُ، والفقيهُ البارعُ، والأصوليُّ المُتقِنُ، والحُجَّةُ المُحقِّقُ، شافعيُّ زمانِه، شيخُ رُواقِ الشَّوامِ، وشيخُ كُلِّيَّتَيْ أُصولِ الدِّينِ والشَّريعةِ الشَّيخُ عيسى بن يوسف بن أحمد منون.

ورصدت هيئة كبار العلماء، عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، أبرز المعلومات عن العلامة الراحل، جاءت في النقاط التالية:

– وُلِدَ فضيلتُه عامَ 1306هـ/ 1889م، في بلدةِ عينِ كارمٍ منْ ضواحِي مدينةِ القُدسِ قاعدةِ الدِّيارِ الفلسطينيَّةِ المُقدَّسةِ، لأبوَيْنِ كريمَيْنِ عُرِفَا واشتهرَا بالاستقامةِ والنُّبلِ وطيبِ الأخلاقِ.

– وكانَ منْ جميلِ صُنعِ اللهِ به أنْ قيَّضَ له في سنٍّ مُبكِّرةٍ أستاذًا عالمًا جليلًا هو الشَّيخُ يوسف الحبيبة، فقرَأَ عليه مبادئَ العُلومِ العربيَّةِ والشَّرعيَّةِ.

– وفي عامِ 1904م تعلَّقَ قلبُ الشَّيخِ بالأزهرِ الشَّريفِ؛ طلبًا للعلمِ، فأبْحَرَ منْ ثغرِ يافا إلى الدِّيارِ المِصريَّةِ، وانتَسَبَ إلى الأزهرِ الشَّريفِ، فأدركَ فيه شُيوخًا أجلَّاءَ أفذاذًا، ومنهم: الشَّيخُ سليم البشري شيخُ الجامعِ الأزهرِ، والشَّيخُ العلَّامةُ محمد حسنين مخلوف العدوي، والأستاذُ الجليلُ الثَّبتُ المُحقِّقُ الشَّيخُ عبد الحكم عطا، الَّذي أخذَ عنْه علمَ الأصولِ، والشَّيخُ المُحقِّقُ المُتكلِّمُ محمد أبو عليان، والأستاذُ الكبيرُ الحُجَّةُ محمد بخيت المطيعي، والأستاذُ الكبيرُ الإمامُ محمد عبده، والعلَّامةُ الشَّيخُ دسوقي العربي، والعلَّامةُ الشَّيخُ أحمد الرفاعي، والأستاذُ الكبيرُ الشَّيخُ أحمد نصر، وغيرُهم.

– نالَ الشَّيخُ عيسى منون شهادةَ الأهليَّةِ مِنَ الدَّرجةِ الأولى عامَ 1911م؛ ثمَّ تقدَّمَ لامتحانِ العالِمِيَّةِ، وكانَتْ لجنةُ الامتحانِ برئاسةِ الشَّيخِ عبد الحكم عطا، وكانَ الرَّئيسُ العامُّ للامتحانِ فضيلةَ الأستاذِ الكبيرِ الشَّيخِ محمد شاكر، الَّذي وجَّهَ له بعضَ الأسئلةِ، وأُعجِبَ بتقريراتِه وأجوبتِه، وكانَ منْ أعضاءِ اللَّجنةِ الشَّيخُ العلَّامةُ حسين والي، واستمرَّ الامتحانُ ثمانيَ ساعاتٍ، ثمَّ قرَّرَتِ اللَّجنةُ منحَه درجةَ العالِمِيَّةِ.

– عُيِّنَ فضيلتُه مُدرِّسًا للخطِّ العربيِّ بالقِسمِ الأوَّليِّ بالجامعِ الأزهرِ، وفي بدايةِ العامِ الدِّراسيِّ ذهبَ الشَّيخُ عيسى منون لتسلُّمِ عملِه، إلَّا أنَّه وجدَ الشَّيخَ محمود الدِّيناري عضوَ جماعةِ كبارِ العُلماءِ وشيخَ القِسمِ العالي -وكانَ إذْ ذاكَ مُراقِبًا للقسمِ- يُعطيه جدولًا فيه جميعُ موادِّ الفصلِ عدا الفقهِ؛ لأنَّ طُلَّابَ الفصلِ يدرسون المذهبَ الحنبليَّ، والشَّيخُ مذهبُه شافعيٌّ، ثمَّ رُقِّيَ للتَّدريسِ في القِسمِ الثَّانويِّ، ثمَّ مُدرِّسًا بالقِسمِ العالي.

– في عامِ 1918م انتُخِبَ شيخًا لرواقِ الشَّوامِ، وفي عامِ 1924م قرَّرَ مجلسُ إدارةِ الأزهرِ تولِّيَ الشَّيخِ منون القيامَ بأعمالِ مشيخةِ رُواقِ الأتراكِ إلى أنْ يُنتخَبَ شيخٌ له، وظلَّ الشَّيخُ منون يقومُ بعملِ مشيخةِ رُواقِ الأتراكِ بجانبِ مشيختِه رُواقَ الشَّوامِ حتَّى عامِ 1928م.

– ولمَّا أُنشِئَتْ أقسامُ التَّخصُّصِ عامَ 1923م اختِيرَ لتدريسِ مادَّةِ أُصولِ الفقهِ في كتابِ «مُسلَّمُ الثُّبوتِ».

نالَ الشَّيخُ عيسى منون عُضويَّةَ هيئةِ كبارِ العُلماءِ بالأمرِ الملكيِّ رَقْمِ (16) لسنة 1939م، الصَّادرِ باسمِ صاحبِ الجلالةِ الملكِ فاروقٍ الأوَّلِ مَلِكِ مِصرَ، بسراي عابدين في الحادي والعشرين منْ ربيعٍ الأوَّلِ سنةَ 1358هـ، المُوافِقِ الحاديَ عَشَرَ منْ مايو عامَ 1939م، وذلكَ بعدَ أنْ تقدَّمَ فضيلتُه ببحثٍ إلى هيئةِ كبارِ العُلماءِ لنيلِ عُضويَّتِها، عُنوانُه: «نبراسُ العُقولْ في تحقيقِ القِياسِ عندَ علماءِ الأصولْ»، وقدِ انتُخِبَ عُضوًا في الهيئةِ بالإجماعِ، وكانَ أصغرَ أعضاءِ الهيئةِ سِنًّا.

– وعندَما أُنشِئتْ أقسامُ تخصُّصِ المادَّةِ، وهي الَّتي تُخرِّجُ أساتذةَ التَّدريسِ في الكُلِّيَّاتِ، اختِير أستاذًا لمادَّةِ التَّوحيدِ وأُصولِ الدِّينِ، وفي عامِ 1944م أُسنِدَتْ له مشيخةُ كُلِّيَّةِ أصولِ الدِّينِ، وفي عامِ 1946م شَغَرَ منصبُ شيخِ كُلِّيَّةِ الشَّريعةِ، فرأَى ولاةُ الأمرِ توجيهَ هذا المنصبِ للشَّيخِ عيسى منون، ودامَ في مشيختِها قرابةَ ثمانِي سنواتٍ؛ لبلوغِه سنِّ التَّقاعُدِ للمعاشِ عامَ 1954م.

– وقدْ أقامَتْ له الكُلِّيَّةُ احتفالًا مَهيبًا تبارَى فيه الخُطباءُ والشُّعراءُ، تلهجُ ألسنتُهم بالثَّناءِ العاطرِ، والمناقبِ المُتفرِّدةِ، وكانَ منْ بينِ الحاضرِينَ فضيلةُ الشَّيخِ إبراهيم علي أبو الخشب، وقالَ قصيدتَه الَّتي منْها: [من البسيط]

وَمَنْ كَعِيسَى الَّذِي أَحْيَا الإِلَهُ بِهِ

لَهُ بِقَلْبِي مَكَانٌ لَسْتُ أَذْكُـــــرُهُ

وَلَا لمَسْتُ لَهُ فِيمَـــــا هُنَــا أَثَــــرًا

كَأَنَّمَا اللهُ ذُو الْإِعْجـــَازِ صَوَّرَهُ

مَوْتَى النُّفُوسِ فَظَلَّتْ تَلْفِتُ الحُقُبَا

إِلَّا نَسِيْتُ بِهِ الْأَلْقَابَ وَالرُّتَبَـــــــــا

إَلَّا لَمَسْتُ بِكَفِّي النُّبْــلَ وَالْحَسَبَـا

وَصَوَّرَ الْمَجْــدَ فِي أَبــْـرَادِهِ نَسَـــبَا

– منْ أشهرِ تلامذةِ الشَّيخِ عيسى منون: الدُّكتور زكريا البري وزيرُ الأوقافِ المصريُّ الأسبقُ، والشَّيخُ عبد الله المراغي صاحبُ كتابِ: «الفتحُ المُبينْ في طبقاتِ الأصُوليِّينْ»، وقدْ ترجمَ فيه لشيخِه الشَّيخِ عيسى منون.

– وقدْ أثرَى الشَّيخُ عيسى منون المكتبةَ الإسلاميَّةَ بكثيرٍ مِنَ المُؤلَّفاتِ النَّفيسةِ، ومنْها: «نبراسُ العقولْ في تحقيقِ القياسِ عندَ عُلماءِ الأصولْ»، وهو الكتابُ القَيِّمُ الَّذي تقدَّمَ به لنَيْلِ عُضويَّةِ هيئةِ كبارِ العُلماءِ، «تكملةُ المجموعِ شرحِ المُهذَّبِ»، «رسالةٌ في مناسكِ الحجِّ»، «رسالةٌ في الرَّدِّ على مَنْ يدَّعون الاجتهادَ في هذا الزَّمانِ»، «رسالةٌ في حُكْمِ قتلِ المُرتدِّ»، «رسالةٌ في الرَّدِّ على القائلين بجوازِ ترجمةِ القرآنِ».

– ولمْ يكنِ الشَّيخُ بمعزلٍ عنِ النَّاسِ، بلْ كانَ يعيشُ آلامَهم، وآمالَهم، ويُقدِّمُ الحلولَ لمشاكلِهم، ويُواسيهم في مصائبِهم على النَّحوِ الَّذي يليقُ بعالمٍ أزهريٍّ تأسَّى برسولِ اللهِ ﷺ، فممَّا قامَ به في هذا الشَّأنِ أنَّه تقدَّمَ بطلبِ تعديلٍ لأحكامِ القانونِ رَقْمِ (36) لسنةِ 1941م الصَّادرِ بتنظيمِ الأقسامِ العامَّةِ بما يُلائمُ حالةَ الطُّلَّابِ الوافدين، على أنْ يضعَ مجلسُ الأزهرِ الأعلى لهمْ لائحةً خاصَّةً تُناسِبُ حالَهم، يُبيَّنُ فيها كيفيَّةُ انتسابِهم، ونوعُ الشَّهاداتِ الَّتي يمنحونها.

– ولمَّا تولَّى مشيخةَ كُلِّيَّةِ الشَّريعةِ عقدَ اجتماعًا معَ أساتذتِها؛ لبحثِ مشكلةِ الطُّلَّابِ الَّذين فُصِلُوا والأساتذةَ الَّذين استُبعِدوا، وحاولَ الطُّلَّابُ دخولَ غرفةِ الاجتماعِ إلَّا أنَّ الحاجبَ منعَهم، فسَمَحَ لهم بالدُّخولِ وسألَهم عنْ شكواهم، ووعدَهم بالحَلِّ، وكعادتِه سَعَى لرفعِ المُعاناةِ عنْهم حتَّى تمَّ له ما أرادَ، ورَجَعَ الطُّلَّابُ إلى دروسِهم، والأساتذةُ إلى مباشرةِ عملِهم.

– ومنْ ذلك اهتمامُه بحالةِ طلَّابِ الأزهرِ الفلسطينيِّينَ، حينَما قامَتِ الحكومةُ الإنجليزيَّةُ بإنهاءِ انتدابِها على فلسطين، وكانَ هناكَ المِئاتُ منْ أبناءِ فلسطين يدرسون بالأزهرِ، ويحيَوْنَ حياةً كريمةً بما كانَ يمدُّهم به أهلوهم مِنْ أموالٍ سخيَّةٍ قبلَ محنةِ الشَّعبِ الفلسطينيِّ، وكانَ الشَّيخُ عيسى منون -بحُكْمِ مركزِه ومنصبِه- أقربَ النَّاسِ إليهم، وأدرى منْ غيرِه بأحوالِهم، وأعرفَ بشدَّةِ وقعِ المأساةِ عليهم؛ فسعَى سعيَه الحثيثَ لدى مشيخةِ الأزهرِ، وأثمرَ سعيُه فاجتمعَتِ الهيئةُ العُليا الأزهريَّةُ، ونظرَتْ في المُذكِّرةِ الَّتي رفعَها شارحًا فيها حالَ الطُّلَّابِ عامَ 1948م، وقرَّرَتْ لكلِّ طالبٍ مبلغًا مِنَ المالِ، يستعينُ به على قضاءِ مصالحِه.

– وبعدَ رحلةٍ مكانيَّةٍ مِنَ الشَّامِ إلى مِصرَ؛ منْ مدينةِ القُدسِ إلى القاهرةِ، ومنْ بيتِ المقدسِ إلى الجامعِ الأزهرِ، استيقظَ العالمُ الإسلاميُّ على فاجعةِ وفاةِ الشَّيخِ عيسى منون، وذلك في الخامسِ منْ جُمادَى الآخِرةِ سنةَ 1376هـ، المُوافِقِ السَّادسَ منْ ينايرَ عامَ 1957م.

رَحِمَه اللهُ رحمةً واسعةً، وأنزلَه منازلَ الأبرارِ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى