| من الذي اخترع التدخين الذي امتد لنا عبر العصور؟
- التدخين.. تحدٍ صحي عالمي
يعد التدخين واحدًا من أكبر التحديات الصحية التي تواجه العالم اليوم، فرغم الحملات التوعوية المكثفة وحظر التدخين في الأماكن العامة، لا يزال ملايين الأشخاص حول العالم يستهلكون منتجات التبغ المختلفة، مما يعرضهم ومحيطهم لمخاطر صحية جسيمة.
يُعرَّف التدخين بأنه استنشاق الدخان الناتج عن احتراق التبغ، الذي يحتوي على آلاف المواد الكيميائية الضارة، من بينها النيكوتين الذي يسبب الإدمان، والقطران الذي يؤدي إلى الإصابة بالسرطان، وأول أكسيد الكربون الذي يقلل من قدرة الدم على نقل الأكسجين.
اختراع السيجارة الحديثة.. نقطة تحول في صناعة التبغ
يُنسب اختراع السيجارة الحديثة إلى جيمس ألبرت بونساك، الذي حصل عام 1880 على براءة اختراع آلة لف السجائر، ما أحدث تحولًا جذريًا في صناعة التبغ عبر أتمتة عملية الإنتاج وزيادة كمياتها بشكل كبير، مما جعل السجائر في متناول عدد أكبر من السكان.
قبل اختراع آلة بونساك، كانت السجائر تُلف يدويًا، مما حد من الإنتاج وجعلها باهظة الثمن نسبيًا.
ومع ظهور الآلة، أصبح بالإمكان تصنيع كميات كبيرة من السجائر بتكلفة أقل، ما ساهم في انتشارها الواسع بين المستهلكين.
التبغ عبر التاريخ.. من الطقوس المقدسة إلى السلعة التجارية
استخدم السكان الأصليون في الأميركيتين التبغ منذ آلاف السنين، حيث عُثر على أدلة تشير إلى استخدامه قبل 12,300 عام.
ولم يكن التدخين حينها مجرد وسيلة للمتعة، بل كان يحمل معاني روحية وطبية ضمن الطقوس الدينية والمجتمعية.
كان المستكشف كريستوفر كولومبوس وطاقمه من أوائل الأوروبيين الذين تعرفوا على التبغ خلال رحلاتهم إلى العالم الجديد، وسرعان ما نُقل إلى أوروبا، حيث انتشر بسرعة وأصبح جزءًا من العادات الاجتماعية والثقافية المختلفة.
من الغليون إلى السجائر الحديثة
مع انتقال التبغ إلى أوروبا، اختلفت طرق استهلاكه، فانتشر تدخين الغليون في بريطانيا، إلا أن القرن التاسع عشر شهد تحولًا كبيرًا نحو السجائر، بفضل التقدم الصناعي الذي جعل التدخين أكثر سهولة وانتشارًا.
لعب العديد من الشخصيات دورًا في انتشار السجائر، مثل جان نيكوت، السفير الفرنسي في البرتغال، الذي أدخل التبغ إلى البلاط الفرنسي في القرن السادس عشر، وروبرت غلوغ، الذي ساهم في تطوير أولى السجائر الملفوفة بالورق.
التبغ في أوروبا.. من “الترياق” إلى الأزمة الصحية
بعد أن انتشر التبغ في أوروبا خلال القرن السادس عشر، تنوعت استخداماته بين الترفيه والطب، حيث كان يُعتقد أنه علاج لكثير من الأمراض.
ومع ازدياد الطلب، أصبح التبغ جزءًا لا يتجزأ من الاقتصادات الأوروبية.
شهدت حرب القرم (18531856) أول ظهور للسجائر بشكلها الحديث، حيث قام الجنود العثمانيون بلف التبغ في الورق، لتصبح هذه الطريقة لاحقًا شائعة في أنحاء أوروبا.
تسويق السجائر.. استراتيجيات متقنة وانتشار واسع
استغلت شركات التبغ النفوذ الاقتصادي والاجتماعي لتسويق منتجاتها، وربطت التدخين بالحرية الشخصية والرجولة والجاذبية الاجتماعية، مما عزز مكانته في الثقافة الشعبية.
وقد لعبت الحملات التسويقية الذكية دورًا كبيرًا في ترسيخ التدخين كعادة يومية، خاصة بعد أن أصبحت السجائر جزءًا من حصص الإعاشة للجنود خلال الحربين العالميتين.
الوعي بالمخاطر الصحية ومكافحة التدخين
مع تزايد الأدلة العلمية على المخاطر الصحية المرتبطة بالتدخين، بدأت الحكومات والمنظمات الصحية في اتخاذ إجراءات للحد من انتشاره، بما في ذلك فرض قيود على إعلانات التبغ وحظر التدخين في الأماكن العامة.
ورغم هذه الجهود، لا تزال صناعة التبغ تواجه تحديات قانونية وأخلاقية بسبب مصالحها الاقتصادية، في حين يواصل خبراء الصحة العامة التحذير من العواقب الصحية المدمرة للتدخين.
المصدر: التلفزيون العربي