اخبار

حول مسؤولية الانقسام الفلسطيني.. – سما الإخبارية

يصعب فهم تعثر موضوع الوحدة الوطنية الفلسطينية، يصعب استيعاب المتحدثين بأسماء الفصائل والسلطة و”حماس”، يصعب احترام فكرة تبرير الانقسام تحت أي مسمى وفي سياق أي تحليل، رغم كل ما يحدث في فلسطين وحولها؛ تغول الاحتلال ونهوض الفاشية الصهيونية، حملات الإبادة والتدمير، الهجمة على “الأونروا” حد اعتبارها إسرائيليا “منظمة إرهابية”، وإقرار “قانون” الكنيست إغلاق مكاتبها في القدس بالتوازي مع قرار إدارة “ترامب” تجفيف مصادر تمويلها، وضع مناطق “ب” تحت طائلة القانون الإسرائيلي، تسليح المستوطنين وإطلاقهم في الضفة الغربية وتنظيمهم كذراع لجيش الاحتلال، الحملة في شمال الضفة وتهجير المخيمات بعد تجريفها، مشروع تهجير مليوني فلسطيني وتفريغ قطاع غزة وتحويله إلى ملكية عقارية أميركية، كل هذا على أرضية الإبادة والتدمير الممنهج لمدن وبلدات القطاع ….، والأخطر من كل ما سبق الخفة والغطرسة التي يجري فيها تناول القضية الفلسطينية ومصير الشعب الفلسطيني، بحيث تصل هذه الغطرسة إلى اقتراح “نتنياهو” إقامة دولة فلسطينية في المملكة السعودية.
الاقتراح الصهيوني رغم عبثيته وفجاجته يحمل رد إسرائيل الواضح غير الموارب، ربما للمرة الأولى بهذا الوضوح، على كل المشاريع العربية وفي المركز منها “مبادرة السلام العربية” التي قدمتها السعودية كمحاولة سلام إقليمية تحولت إلى مشروع عربي بموافقة منظمة التحرير الفلسطينية، تتضمن الحد الأدنى الممكن الذي يمكن أن يعيد ترتيب المنطقة ومنح الفلسطينيين بعضا من حقوقهم.
رد “نتنياهو” يشمل من دون شك “الاتفاقات الإبراهيمية” واتفاقيات السلام التي سبقتها، وادي عربة مع الأردن وكامب ديفيد مع مصر.
بالمقابل، ثمة موقف عربي تقوده السعودية يتشكل في مواجهة التهديدات القادمة من إدارة “ترامب” وحكومة اليمين في إسرائيل، موقف يكاد يكون نادرا في تماسكه وإحساسه بالخطر ومنسجما مع الشارع ومؤسسات المجتمعات المدنية والقوى والأحزاب العربية، يلتقي هذا الموقف مع احتجاجات تنطلق من معظم عواصم العالم المذعور من توحش إدارة ترامب وعقلية تجار العبيد في القرن التاسع عشر التي تستولي على هذه الإدارة.
هناك موعد لمؤتمر قمة عربي طارئ بطلب من السلطة الفلسطينية، لمناقشة الأخطار الحقيقية التي تحيط بالقضية الفلسطينية، كانت “حماس” قد دعت إلى مثل هذا المؤتمر، الخطر الذي أصبح واضحا الآن أنه يمتد إلى المحيط العربي ويهدد النظام العربي والمنطقة.   
هذه البيئة العربية والدولية التي تراكم موقفها رسميا وفي الشارع وفي مؤسسات القانون الدولي هو ما ينبغي أن تلتقطه فلسطين وأن تبني عليه.
وهو ما لن تستطيع استثماره على أرضية انقسامها وتفككها، بحيث يتحول الحضور الفلسطيني بهلهلته الحالية، وهذه مفارقة فعلا، إلى نقطة ضعف في جدار المعارضة الذي يتشكل على مساحة العالم.
من هنا أيضا نعود إلى السؤال حول غياب الموقف الفلسطيني الموحد وتعثر إنجاز الوفاق الوطني، وافتقاد المبادرة الوطنية سواء في القيادة السياسية أو الشارع، ويتحول السؤال إلى مسؤولية وطنية لم يعد ممكنا تعويمها، أو فهمها أو تمريرها، أو تفادي ضررها الكارثي على المشروع الوطني برمته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى