عمليات تجميل تستبدل «الوجه الحسن» بملامح مصطنعة ومتشابهة

حذر أطباء ومختصون من إفراط نساء في إجراء عمليات تجميل الوجه، لما لها من أضرار بالغة تؤدي إلى طمس الجمال الطبيعي المتفرد لكل منهن على حدة، وتصل بهن إلى ظاهرة «الملامح الموحدة» التي أصبحت تهيمن على وجوه كثيرة.
وأوضحوا لـ«» أن تلك العمليات تفقد الجلد قدرته على التعافي بشكل صحيح، لنجد أنفسنا أمام «نُسخ» مكررة وقريبة التشابه، بعيداً عن التفرد والهوية الشكلية المستقلة لأغلب من يخضن التجربة.
وقالوا إن الترويج لمعايير جمالية موحدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كان سبباً في اتخاذ قرار تغيير الملامح عبر تكبير العيون أو مناطق أخرى بالجسم، أو تعديل شكل الأنف، أو تحديد الفك باستخدام حقن الفيلر والبوتكس وغيرها، حتى وإن كانت هذه التعديلات غير متوافقة مع تقاسيم الوجوه والشكل العام، ما يؤدي إلى نتائج غير طبيعية ومتشابهة بشكل لافت، والدخول في حالة عدم رضا تدفع من جديد إلى البحث عن عملية أخرى لتحقيق الجمال المنشود.
وأشاروا إلى أن التطور التكنولوجي في التصوير، وكثرة استخدام الفلاتر، رفع من توقعات النساء للجمال إلى مستويات غير واقعية. وحذروا من الانجراف وراء الدعاية المضللة لبعض مراكز التجميل التي تفتقد المعايير الصحية المطلوبة، وطالبوا بإعادة النظر في شروط منح التراخيص، وقصرها على الطبيب الذي مارس التخصص لفترة لا تقل عن عام، واجتياز اختبارات تأهيلية دقيقة تضمن تقديم خدمات تجميلية آمنة ومؤهلة.
وأوضحوا أن التقديرات العالمية تشير إلى أن سوق الجراحة التجميلية ستصل قيمته إلى 58.78 مليار دولار بحلول 2028، مع إجراء نحو 35 مليون عملية تجميلية عالمياً في 2021 بزيادة 19% عن 2020، ولفتوا إلى أنه في الإمارات، يوجد 18 نوعاً من العلاجات التجميلية. ووفقاً لإحصاءات هيئة الصحة بدبي لعام 2022، شهد الإقبال على هذه الخدمات زيادة بنسبة 161.2% مقارنة بعام 2021، كما تعد الجراحات التجميلية من أبرز العمليات في السياحة العلاجية بالإمارات، حيث يتزايد الطلب عليها من مختلف دول العالم.
وتفصيلاً، قال استشاري جراحة التجميل، الدكتور عادل قطنية، إن ظاهرة «الملامح الموحدة» أصبحت منتشرة بشكل لافت، بسبب استخدام حقن الفيلر والبوتكس بشكل مفرط، ورغبة كثير من النساء في تكبير الخدود والشفاه ورفع الحواجب باستخدام هذه المواد، ما يؤدي إلى تباين ملامحهن بشكل غير طبيعي، ويجعلها تتشابه بشكل ملحوظ بين عدد كبير من الأفراد.
وأضاف أن وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت في فرض معايير جمال موحدة ومتغيرة وفقاً لكل فترة زمنية، ففي بعض الفترات، يتم الترويج لمعايير جمال معينة مثل رفع الحواجب أو تكبير مناطق معينة في الجسم، ما يؤثر في توجهات الناس ورغباتهم الجمالية، ورغم أن العمليات الجراحية التجميلية تعدّ من العمليات الآمنة في الغالب، فإن تكرارها بشكل مفرط قد يؤثر في صحة المريض، نظراً للتأثيرات الجانبية للأدوية والتخدير.
وأوضح أن كثرة استخدام الفلاتر على منصات التواصل الاجتماعي، رفع من توقعات المرضى للجمال إلى مستويات غير واقعية، حيث أصبح الكثير يطالبون بالحصول على ملامح تشبه تلك التي تظهر عبر هذه الفلاتر، لافتاً إلى أن بعض المرضى من النساء يطلبن ملامح مشابهة لممثلات أو مشاهير معينين.
وأكد استشاري وخبير جراحة التجميل، الدكتور طارق زهرة، أن هناك تزايداً ملحوظاً في التشابه بين ملامح الأشخاص الذين يخضعون لعمليات التجميل، بسبب المعايير الجمالية الموحدة، فنجد أن الكثير من النساء يطلبن تغييرات معينة في ملامحهن، مثل شكل الأنف أو تكبير العيون أو تحديد الفك، حتى وإن كانت هذه التعديلات غير متوافقة مع تقاسيم وجوههن، ما يؤدي إلى نتائج غير طبيعية ومتشابهة بشكل لافت.
وحذر من مخاطر تلك الظاهرة التي تؤدي إلى فقدان الهوية الجمالية الفردية، قائلاً: «الجمال الحقيقي يكمن في التنوع، ولكن مع انتشار عمليات التجميل الموحدة، أصبحنا نرى نسخاً متشابهة من الوجوه، والكثير من الأشخاص يفقدون ملامحهم الأصلية الفريدة في محاولة لمطابقة معايير الجمال الشائعة، ما يجعلهم يبدون وكأنهم خرجوا من قالب واحد».
وأوضح أن عمليات التجميل المتكررة قد تؤدي إلى مضاعفات مثل ضعف الأنسجة، وفقدان مرونة الجلد، وعدم تناسق الملامح مع مرور الوقت، وبعض التعديلات، مثل تكبير الشفاه بشكل مبالغ فيه أو تحديد الفك بطرق غير طبيعية، قد تؤدي إلى نتائج غير مرضية على المدى الطويل، وتجعل تصحيحها لاحقاً أمراً صعباً.
وبين أنه لمواجهة تلك الظاهرة، هناك توجه طبي جديد في عالم التجميل، يركز على الحفاظ على الملامح الطبيعية وتعزيزها بدلاً من تغييرها بالكامل، فالجراحة التجميلية الحديثة أصبحت تعتمد أكثر على «التجميل المتوازن»، وهو تحسين الملامح بطريقة طبيعية دون مبالغة.
وحذر استشاري جراحة التجميل، الدكتور خالد عثمان، النساء من الانجراف وراء الدعاية المضللة لبعض المراكز التجميلية التي تروج لخدماتها دون مراعاة المعايير الصحية المطلوبة، وأشار إلى المخاطر التي قد تترتب على ممارسة بعض الأطباء غير المتخصصين جراحة التجميل بعد اجتياز دورات تدريبية قصيرة لمدة شهر فقط، وحصولهم على تراخيص «ممارس عام تجميل» دون توافر الخبرة الكافية، ما قد يؤدي إلى مشكلات صحية جسيمة للمرضى، داعياً إلى ضرورة إعادة النظر في شروط منح التراخيص، بحيث يمضي الطبيب في ممارسة التخصص فترة لا تقل عن عام، ويجتاز اختبارات تأهيلية دقيقة لضمان تقديم خدمات تجميلية آمنة ومؤهلة.
وبيّن أن هناك مخاطر أيضاً مرتبطة باستخدام المواد المخصصة في إجراءات التجميل، مثل حقن البوتكس، التي لا تتوافق مع المعايير العالمية، مشيراً إلى أن بعض المراكز التجميلية تقوم باستخدام مواد غير معتمدة، مع نشر إعلانات وعروض وخصومات كبيرة لجذب النساء، ما قد يعرضهن لمخاطر صحية.
ولفت إلى أن التقديرات العالمية تشير إلى أن سوق الجراحة التجميلية ستصل قيمتها إلى 58.78 مليار دولار بحلول 2028، كما أشار إلى أن عدد العمليات التجميلية سواء الجراحية أو غير الجراحية، بلغ 35 مليون عملية على مستوى العالم في عام 2021، مسجلاً زيادة قدرها 19% مقارنة بعام 2020.
وفي ما يتعلق بدولة الإمارات، أوضح أن هناك 18 نوعاً من العلاجات التجميلية المتاحة، وأشار إلى أن آخر الإحصاءات التي أعلنتها هيئة الصحة بدبي لعام 2022، أظهرت زيادة كبيرة في الإقبال على الخدمات التجميلية بنسبة بلغت 161.2%، مقارنة بعام 2021. وأكد أن الطلب على الجراحات التجميلية في الدولة يشهد ارتفاعاً ملحوظاً، حيث تعد الجراحات التجميلية واحدة من أهم خمس عمليات جراحية في مجال السياحة العلاجية بالدولة، في ضوء الزيادة الكبيرة في عدد القادمين إليها من مختلف دول المنطقة والعالم للعلاج في هذا التخصص.
وأوضح استشاري جراحة الأنف والأذن والحنجرة، متخصص في جراحة ترميم وتجميل الأنف، الدكتور محمد بن لاحج الفلاسي، أن الهدف الأساسي من عمليات التجميل هو الحصول على شكل طبيعي ومتناسق، من خلال تصحيح المشكلات الواضحة مثل التشوهات الخلقية، أو ما ينجم عن الإصابات والحوادث، إضافة إلى تجميل وترميم المناطق المتضررة بعد إزالة الأورام السرطانية، مثل أورام الثدي أو الفك، وتهدف تلك العمليات إلى تحقيق نتائج وظيفية طبيعية، حيث تمكن المريض من استعادة وظائف الأعضاء المتضررة بشكل طبيعي.
وحذر من المبالغة في عمليات التجميل، لما لها من مخاطر صحية كبيرة، خصوصاً تجميل الأنف، حيث يلجأ أطباء إلى إزالة غضاريف الأنف بالكامل لتحقيق شكل يرضي المريض دون مراعاة المخاطر الصحية المحتملة، مثل فقدان بعض وظائف الأنف أو صعوبة في التنفس. وأشار إلى وجود عروض مضللة تُروج لها بعض العيادات، بخصوص عمليات تجميل الأنف التي تدعي سهولة تنفيذها باستخدام تقنيات مثل الليزر أو الخيوط، وفي وقت قصير ومن دون ألم ونتائج مضمونة، ووصف هذه العروض بأنها «عارية من الصحة»، حيث تعتمد على صور غير واقعية لا تعكس نتائج العمليات الحقيقية، مؤكداً أنها تستهدف الجانب التجاري أكثر من الطبي المتخصص، ما يؤدي أحياناً إلى نتائج غير مرضية.
وأكد أهمية الوعي بين المرضى بأن عمليات التجميل قد تحقق نتائج مرضية في البداية، لكنها تكون غالباً مؤقتة، ومع مرور الوقت قد تظهر آثار العملية وتسبب مشكلات قد تتطلب المزيد من التدخلات الجراحية، وشدد على اختيار الطبيب المتخصص في كل إجراء جراحي تجميلي، والاطلاع على نتائج عملياته السابقة، وتقييم الحالات التي خضعت لجراحاته.
وأشار إلى أن الكثير من المرضى الذين يزورون العيادات بهدف تغيير شكل أنوفهم يعانون «متلازمة الجسم المثالي»، وهي حالة نفسية أكثر من كونها عضوية، حيث يطمحون إلى تحسين مظهرهم استناداً إلى معايير غير واقعية، ما يستدعي توعية أكبر بشأن أهمية الفهم الواقعي لنتائج عمليات التجميل.
وقالت أخصائية علم النفس السريري، الدكتورة رنا أبونكد، إن عمليات التجميل قد تكون سلاحاً ذا حدين، يمكن أن تعزز الثقة بالنفس وتحسن جودة الحياة، خصوصاً إذا كانت تعالج تشوهاً أو مشكلة صحية أو إصابة، لكن في حالات أخرى، قد لا تحقق الرضا المنشود، إذا كان الدافع وراءها الشعور بعدم الكفاية أو الرغبة في تحقيق معايير جمال غير واقعية، وعندما تصبح العمليات محاولة لسد فراغ داخلي أو للتكيف مع ضغط اجتماعي، قد تؤدي إلى قلق مستمر واضطرابات مثل التشوه الجسدي الوهمي.
وأكدت أن وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت بشكل كبير في تعزيز معايير الجمال الموحدة لدى النساء، لافتة إلى أن أهم أسباب الإقبال على العمليات التجميلية المقارنة بالصور المعدلة، وربط الجمال بالنجاح، وسهولة إجراء العمليات، والسعي للتصالح مع الذات عبر تغييرات خارجية بدلاً من القبول الداخلي.
وأوضحت أن السعي المستمر للكمال الجمالي قد يكون مؤشراً على اضطرابات نفسية مثل اضطراب التشوه الجسدي، حيث يصبح الشخص مهووساً بعيوب غير ملحوظة أو مبالغ فيها، وهؤلاء الأفراد قد يخضعون لعمليات تجميل متكررة دون رضا دائم، ما يخلق دائرة من القلق والاكتئاب المرتبط بالمظهر، وفي مثل هذه الحالات يكون العلاج النفسي أكثر فاعلية من الحلول التجميلية.
• التقديرات العالمية تشير إلى أن سوق الجراحة التجميلية ستصل قيمتها إلى 58.78 مليار دولار بحلول 2028.
• هناك 18 نوعاً من العلاجات التجميلية المتاحة في الإمارات، والطلب على الجراحات التجميلية في الدولة يشهد ارتفاعاً ملحوظاً.