اخبار

هل هناك صفقة قادمة تُنهي حَرب غزة؟!! ولماذا؟!!

الجواب نعم بإختصار، فما قلنا عنه سابقا من إنجازات تكتيكية حققها نتنياهو كقائد اعلى لِ دولة “إسرائيل”، يجب تثبيتها إستراتيجيا باتفاقيات سياسية تُعبر عن ميزان القوة الجديد الذي تَحقق خلال المواجهة الممتدة منذ اكثر من 21 شهرا.

دعونا نبدأ

أولا- قبل اكثر من سنة ونصف تحدثت في أكثر من فضائية أن لا نهاية للحرب على “غزة” الا في ظل صفقة شاملة تشمل الإقليم ككل، حلا قادرا على وضع حد للتوحش الإسرائيلي، خاصة ان ما بعد السابع من تشرين/اكتوبر تغيرت المفاهيم الأمنية بشكل جذري لدى دولة الإحتلال، لذلك لا شيء إسمه “نصف حرب” كما قال الشهيد “إبراهيم عقيل”، وعليه فقد اثبت الواقع والتجربة خطأ التقديرات وتم الإستفراد بالجبهات كلا على حدة، ودفعت جبهة “لبنان” اثماناً لا تُقدر بثمن وعلى راس ذلك الخسارة الكبيرة بإستشهاد القائد الذي لا يمكن تعويضه شهيد الأمة “حسن نصر الله”، التقديرات هذه ادت إلى بقاء جُرح “غزة” ينزف حتى الآن.

ثانيا- العنوان الثاني هو التوصل إلى صفقة سلام شاملة عبر توسيع “الإتفاقيات الإبراهيمية” والتطبيع وبالذات مع “المملكة العربية السعودية” مقابل إنهاء حرب “غزة” وفتح مسار سياسي لتسوية القضية الفلسطينية يؤدي لإنهاء المقاومة المسلحة وتحت مسمى اليوم التالي للحرب على غزة.

سابقا طرح الرئيس الأمريكي السابق ما سُمي “عقيدة بايدن” والتي تتمثل بالتطببع والسلام الإقليمي ووقف الحرب على “غزة” ومسار تفاوضي يؤدي لتسوية القضية الفلسطينية، هذا لم يلقى آذان صاغية كون الظروف الموضوعية في الإقليم والذاتية “الإسرائيلية” لم تكن قد نضجت بعد.

إذا ما هي المتغيرات التي ظهرت وتدفع إلى محاولة من الرئيس الامريكي “ترامب” ليطرح فكرة توسيع “الاتفاقيات الإبراهيمية” والتي سوف تشمل مجموعة دول وليس دولة واحدة وإنهاء الحرب على “غزة” عبر الذهاب إلى صفقة تبادل اسرى، والمتطلب لذلك يستدعي كما قال الرئيس “ترامب”: “كما انقذنا إسرائيل سوف نقوم بإنقاذ نتنياهو”، وهنا يُطرح تساؤل مهم لماذا إنقاذ “نتنياهو” مهم بالنسبة للرئيس “ترامب” ومستعجل؟!!

الجواب يكمن في جملة واحدة لا يمكن تحقيق رؤية “ترامب” في المنطقة بدون ذلك، اي لا يمكن الذهاب نحو توسيع “الإتفاقيات الإبراهيمية” وإنهاء حرب “غزة” دون حل مشكلة “نتنياهو” الشخصية، لأن ذلك يعني بقاء “نتنياهو” رهينة في يد “سموتريتش” و “بن غفير” من جهة، و “الحريديم” من جهة اخرى، كما ان “نتنياهو” وصل إلى حدود مبتغاه الذي كان يبحث عنه، حيث إستطاع بقيادة دولة “إسرائيل” وما بعد السابع من تشرين/أكتوبر ان يضع مفهوم “السلام بالقوة” موضع التطبيق، ويُحقق أقصى ما يمكن تحقيقة لأمن دولة “إسرائيل” وأقصى حد من النفوذ الممكن، وهنا نُعدد إنجازاته كما يراها هو:

1- غزة في كارثة واي نهاية للحرب تعني واقع جديد مختلف كليا عما كانت عليه ما قبل السابع من تشرين/ اكتوبر، إن كان من حيث الحكم أو من حيث الترتيبات الامنية التي سيدخل فيها الإقليمي والدولي.

2- لبنان تم اضعاف دوره، وحرية الحركة الإسرائيلية فيه تفعل فعلها وتضغط بإتجاه ما يُسمى نزع سلاح حزب الله، وهذا يَلقى تأييد داخلي وتوجه رئآسي وحكومي.

3- سوريا العوض بسلامتكم وفي كل شيء وقادم الايام ستثبت ان كل تنازلات “الشرع” لن تجديه نفعا في الحفاظ على وحدة “سوريا” وسيادتها لأن الهدف الإسرائيلي هو إبقاؤها ضعيفة وبحاجة لحمايات ومساعدات إقليمية.

4- إيران وهي كانت حلمه، وجه لها ضربة كبيرة ودفع “الولايات المتحدة” لتشاركه في قصف المفاعلات النووية ، ونتيجة لذلك اصبح يُعد ملكا في الداخل “الإسرائيلي”، لأن المواجهة كانت مع أُمَةٌ جُذورها راسخة في التاريخ القديم والحديث، وكان لها يوما ملكا إسمه “قورش” انقذ “اليهود” من “السبي البابلي” وفق الرواية “التوراتية”، “نتنياهو” رئيس وزراء دولة بمساحة جغرافية صغيرة وبعدد سكان لا يذكر، تواجه دولة ممتدة من حيث المساحة الجغرافية تتقاطع مع فضائآت جيو سياسية لا غنى عنها لاي دولة عظمى، ومن حيث عدد السكان الذي يزيد بعشرة أضعاف، نفس السردية “التوراتية” بما يتعلق بتأريخ حروب “اليهود”، قلة يهودية تغلب الكثرة من الاعداء.

5- اليمن، واضح هي على موعد فيه إنتقام أخير، وحلها مرتبط في “غزة”، وما تقوم فيه لا يشكل قلق كبير للملك “نتنياهو”، لكن ستكون على موعد مع حلول سياسية داخلية لكي تنكفيء على وضعها الداخلي.

وحتى يتحقق ذلك ويربح الرئيس “ترامب” في انه رجل سلام ويتحصل على جائزة نوبل للسلام كما يطمح، فلا بد من أن يُنقذ صديقه “نتنياهو” من مقصلة القضاء في “إسرائيل”، لذلك طالب وبشكل علني بإعفاء “نتنياهو” من التهم الموجهة إليه وخاطب بذلك رئيس الدولة “هيرتصوغ”، وهذا يُشير إالى طبيعة الأشياء القادمة، فمن اجل الذهاب إلى صفقة تُنهي حرب “غزة” فيجب إزالة الأثقال التي يحملها “نتنياهو” وهي اثقال مترابطة بعضها ببعض، فلا مجال للمغامرة بالذهاب الى أي صفقة تُنهي الحرب لكنها تُؤدي بِ “نتنياهو” إلى إزاحة ثِقل وإبقاء ثِقل آخر سيأخذه حتماً للسجن، وهنا يجب التخلص من الثِقَلين معاً وإزاحتهما عن كاهله، المحاكمات وحزبي “سموتريتش” و “بن غفير”، حتى يتحرر ويذهب وفق الرؤية “الترامبية” وبما يُعيد دولة “إسرائيل” إلى خندقها الغربي كدولة صهيونية ديمقراطية بمفاهيم غربية وليس دولة صهيونية توراتية لا يستطيع الغرب غض الطرف عنها.

“نتنياهو” مستعد لأن يربح الأمر  الشخصي عبر إلغاء التهم المُوجهة إليه وإصدار عفو عنه من رئيس الدولة وبالتالي يَخسر إئتلافه، لكنه سيحصل على شبكة أمان من المعارضة تُتيح له ليس فقط عقد صفقة تُنهي حرب “غزة” وفق الحدود الدنيا للاهداف المعلنة، وإنما أيضا تؤدي إلى توسيع “الاتفاقيات الإبراهيمية” عبر توقيع إتفاقيات تطبيع مع عدة دول وعلى رأسها  “المملكة العربية السعودية”، وبعد ذلك يتقاعد من السياسية بقرار منه وليس وفقا لِ صفقة مع النيابة العامة، وهنا اقصد أن صفقة إقرار الذنب التي ستفتح المجال لما ذكرناه أعلاه ستكون مُخففة أي أنها غير مُلزمة بإعتزال السياسية، ولكن “نتنياهو” سيقدم وعداً بأنه سيتقاعد من السياسىة بعد انتهاء فترة حكمه في تشرين/أكتوبر 2026 أو قبلها بالذهاب إلى الإنتخابات المُبكرة أذا أنجز التطبيع.

الرئيس “ترامب” متحمس للفكرة وبدأ يعمل عليها، وحتى يتم تحقيقها فهي بحاجة الى بعض من الوقت، لأن ذلك يتطلب صِيغ ومشاريع قانونية قد يتم تشريعها لمرة واحدة، وبحيث يسمى التشريع “قانون نتنياهو”، إضافة إلى إقناع المعارضة بذلك لأن مُستقبل دولة “إسرائيل” داخليا وخارجيا أهم بكثير من التمسك بمحاسبة “نتنياهو”، فَ “إسرائيل” ستدخل المنطقة من أوسع أبوابها وهي قوية وتترأس “ناتو إسرائيلي – عربي” من جهة، وسوق إقتصادية وإستثمارات كبيرة من جهة أخرى، إضافة إلى أن الملك “نتنياهو” الذي تربع على عرش دولة إسرائيل لمدة 24 سنة تقريبا سيغادر الحكم طواعية ولن يعود للسياسة، وسيذهب إلى “ميامي” في “الولايات المتحدة” ليكتب مذكراته من عدة أجزاء ويتحصل على عشرات الملايين من الدولارات.

وحتى يتم ترتيب الأوراق للصفقة الشاملة، فَ “غزة” ذاهبة إلى صَفقة جزئية لمدة شهرين، وبعدها اذا ترتبت الأوراق سيتم عقد صفقة شاملة وإلا ستمدد الصفقة الى شهرين آخرين.

تذكروا، قبل عدة أيام كتبت لكم بأن الحرب ستنتهي في شهر تشرين/أكتوبر، وقلت لكم هذا قرار “الدولة العميقة العالمية”، وانها ستبدأ بصفقة لمدة شهرين، واليوم الحديث أن الصفقة قد تبدأ في منتصف تموز/يوليو ولمدة شهرين وبعد ذلك ستكون الصفقة النهائية التي تُنهي الحرب.

خلال شهري الصفقة سيتم ترتيب الاوراق الداخلية في إسرائيل، وأيضا ترتيب ما يسمى اليوم التالي للحرب على غزة

لكن، السؤال الذي سيظهر…

الصفقة وإنهاء الحرب على “غزة” والعفو عن “نتنياهو” وتوسيع “الاتفاقيات الإبراهيمية” مقابل مسار لتسوية القضية الفلسطينية، فماذا سيكون عليه هذا المسار؟!! وما هو المطروح من حيث جغرافيا الكيانية الفلسطينية وديمغرافيتها؟!! خاصة أن الطوفان الذي بدأ في السابع من تشرين/ أكتوبر من عام 2023، أدى بِ “الدولة العميقة العالمية” لتأخذ قرار بحسم كل الملفات في “غرب آسيا” وليس إدارة الصراع فيها…

يبقى في ذهني سؤال قفز إليه مسرعا وانا اكتب في هذا المقال، هل خطاب الأمين العام السيد “نعيم القاسم” بتاريخ 28/6/2025 كان لاستباق تلك الخطط؟!!! وهنا أقصد…الشهيد “السنوار” بدأ الطوفان لوقف التطبيع ووقف تصفية القضية الفلسطينية ورغم الكوارث فقد دفع نحو فرض تسوية وبغض النظر عن طبيعتها، لكنها تسوية فيها كيانية فلسطينية، الآن السيد “نعيم القاسم” عندما يقول “نحن قادرون على مواجهة إسرائيل وهزيمتها”، ويقول “الإعتداءات الإسرائيلية لا يمكن أن تستمر، وكل شيء له حدود، وهل تتصورون أن نظل ساكتين إلى أبد الآبدين” ويضيف “عندما نكون مُخيرين ليس لدينا إلا خيار واحد، وهو العزة ودائما نربح، ولاحقونا لنريكم كيف نربح، وإن لم يكن في اليوم الاول ففي الثاني والثالث، فدائما نحن فائزون بالنصر او الشهادة”…هل هذا الكلام يأتي من فراغ؟ إم أنه جاء بعد منازلة الإثني عشرة يوماً وما سيليها من تداعيات، بما يعني منع تداعياتها التي تحدثنا عنها أعلاه، والتي بوضوح هي “توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية” لأن ذلك يعني محاصرة “إيران” وإسقاطها وإسقاط كل محورها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى