الشباب الأميركي يغير نظرته للنجاح في الحياة

يعيد الشباب في أميركا تعريف النجاح في الحياة ويحولون تركيزهم من الثروة إلى الصحة، ولا يعني ذلك أن الشباب لا يهتمون بالمال، لكنهم لا يهتمون بالضرورة بالثراء، ولا بالمكانة الاجتماعية.
خلال دراسته الجامعية، طمح كول سميث، البالغ من العمر 27 عاماً، إلى أن يكون من أبرز رواد مجال تحليل البيانات حتى لو تطلب ذلك العمل 80 ساعة أسبوعياً، أما الآن فهو غير متأكد من جدوى ذلك.
ويقول سميث، الذي شارك مع شقيقه الأكبر في تأسيس موقع «فايسور» الإلكتروني لشراء السيارات: «كنت أشعر بالقلق من بلوغ الـ40 أو الـ50 من عمري وعدم وجود أي اهتمامات خارج العمل». ويضيف الشاب الأميركي، الذي يحب الجري وقضاء الوقت مع خطيبته، أن أولوياته قد تغيرت، وأن النجاح يكمن في حياة أكثر «شمولية».
ولم تعد الثروة والمكانة الاجتماعية والعمل هي المعيار الذهبي لتحديد النجاح للأشخاص الذين لم يبلغوا منتصف العمر بعد. وبدلاً من ذلك يصنف الشباب الأميركيون الصحة البدنية والعقلية كأفضل مقياس للنجاح، وجاءت الثروة في المرتبة الخامسة، وفقاً لمسح حديث للبالغين الذين تراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً.
ويمثل هذا «تحولاً جيلياً»، كما تقول مديرة «مركز الرؤى الثقافية» العالمية، مارسي ميريمان، التي شاركت في تأليف دراسة عالمية حول مرحلة البلوغ.
ونشأ من شملهم الاستطلاع مع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ولديهم وصول أكبر إلى المعلومات وأنماط الحياة مقارنة بالأجيال السابقة، ويتصفحون الأخبار، ويستمعون إلى الـ«بودكاست»، ويشاهدون مقاطع الفيديو لمعرفة كيف ينجح الآخرون أو يفشلون قبل بلوغهم منتصف العمر، الذي يعرف عادة بأنه من 40 إلى 60 عاماً.
ويعكس إعطاء الأولوية للصحة البدنية والعقلية ما تعلمه هؤلاء الشباب.
وذكّرت جائحة «كوفيد19» جيل الألفية بالطبيعة العابرة للصحة الجيدة، وحفزت حركة جماعية للعمل من المنزل. ويقول زاك ديشتوالد (35 عاماً) الذي يبحث في التحولات الجيلية العالمية والتعاون عبر الجغرافيا، وهو مؤلف مشارك في الدراسة، إن «هذا فتح أعينهم على خيارات أخرى أقل إرهاقا ومقاييس للنجاح».
وتشهد هذه الفئة العمرية تحديداً من البالغين الأميركيين الأصغر سناً أيضاً تقدم آبائهم وأجدادهم في السن ومواجهتهم لأمراض مزمنة غالباً ما ترتبط بسوء التغذية وقلة النشاط البدني.
ويقول ديشتوالد، الذي يشير إلى أن هناك الكثير من الأشخاص في سنه الذين لايزالون يرغبون في الوصول إلى قمة شركات المحاماة والبنوك الاستثمارية ويعتبرون ذلك نجاحاً: «الصحة نجاح بحد ذاتها».
ووجد بعض الأشخاص المكانة والثروة في وقت مبكر من حياتهم المهنية، لكنهم لم يجدوا الرضا أو السعادة. وعندما كانت ناتالي أرمينداريز في أوائل العشرينات من عمرها، بحثت عن وظائف ذات رواتب عالية مثل أخصائيي التخدير، لكنها اتبعت رغبتها في العمل في المجال الإبداعي، وحصلت على تدريب في وكالة إعلانات، وهدفها مديرة إبداعية.
وانتقلت هي وزوجها الذي يعمل أيضا في مجال التصميم إلى نيويورك، حيث اتبعت نصائح العاملين في هذا المجال بالانتقال من وكالة إلى أخرى والحصول على ترقيات. وكانت ساعات العمل أطول وزيادات الرواتب تتوالى.
وكان لديها عملاء بارزون، ما جعلها تشعر بالنجاح، لكن هذا الإنجاز بدا فارغاً، فقد كانت منهكة.
وتقول أرمينداريز: «لم يكن هناك وقت للاستمتاع بأي شيء، وكأن الحياة عمل فقط». وأخيراً عاد الزوجان إلى جذورهما في تكساس وأسسا وكالة «فن سايز»، وهي وكالة تصميم رقمية صغيرة تضم 19 موظفاً. ولديهما الآن طفل يبلغ من العمر ست سنوات، ويغلقان وكالتهما لمدة أسبوع كل ثلاثة أشهر لإعادة تنظيم العمل وإعادة ترتيب الأولويات. عن «وول ستريت جورنال»
أسئلة صعبة
غالباً ما يتضمن تعريف النجاح طرح أسئلة صعبة والإجابة عليها. واعتقدت الأميركية راشيل بيك، أن النجاح يعني الزواج ومغادرة بلدتها الصغيرة «دوبوا» في ولاية إنديانا، التي يبلغ عدد سكانها 400 نسمة، وهو ما فعلته في العشرينات من عمرها. وانتقلت هي وزوجها آنذاك إلى مدينة نيويورك، حيث عملت في المدارس الحكومية معلمة ومستشارة، وعندما انتهى زواجها اشترت شقة في مانهاتن، التي كانت في نظرها مثالاً للنجاح، وبدأت تجوب العالم للركض في سباقات الماراثون. ثم ضرب الوباء العالم، وانتقل أصدقاؤها إلى أماكن مختلفة، وتم إلغاء وظيفتها. وأنهت إصابة في رجلها مشاركاتها في السباقات. وتقول بيك: «فكرت، لماذا مازلت هنا؟ أدركت أن العودة إلى بلدتي ستبدو كأنها فاشلة»، لكن عندما بدأ والداها يعانيان مشكلات صحية، عرفت أن الأهم هو أن تكون معهما.
وتقول بيك، البالغة من العمر الآن 45 عاماً: «تغير تعريفي للنجاح تدريجياً». وتضيف أنه مسألة شخصية، وأقل ارتباطاً بتوقعات الآخرين وتحقيق الأهداف التقليدية مثل الزواج وإنجاب الأطفال.
• بعض الأشخاص وجدوا المكانة والثروة في وقت مبكر من حياتهم المهنية، لكنهم لم يجدوا الرضا أو السعادة.
• يصنف الشباب الأميركيون الصحة البدنية والعقلية كأفضل مقياس للنجاح، وجاءت الثروة بالمرتبة الخامسة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news