09:51 م
الثلاثاء 22 يوليه 2025
كتب- أحمد الضبع
من خط الطبيب الذي يحتاج لفك شفرة، إلى وصفات مكتوبة بخط مدهش، ومن روشتات القرن العشرين المحفوظة في المتاحف إلى وصفة “أي حاجة” في عيادة مصرية، شهدت الساحة الطبية غرائب وطرائف امتدت لتشمل الفن والسفر والدعابة، وأحيانًا “لا شيء على الإطلاق”.
في هذا التقرير نستعرض أغرب الروشتات التي أثارت جدلًا أو دهشة أو حتى ابتسامة، ونتوقف عند بعض التجارب الإنسانية المدهشة في عالم الوصفات غير التقليدية.
روشتة شكلها حلو.. كيف كسر طبيب مصري القاعدة؟
“لما كنت لسه طالب، وعدت نفسي إن خطي في الروشتة لازم يكون مقروءًا”، بهذه الكلمات علق الدكتور معاذ عطيتو، طبيب العيون والليزك، على صورة نشرها في نوفمبر 2024 على صفحته بموقع فيسبوك، لروشتة مكتوبة بخط جميل ومنظم بشكل استثنائي.
الروشتة التي وصفها بـ”تخيلية غير حقيقية” لاقت إعجاب آلاف المتابعين، لسهولة قراءتها، في ظل ما وصفه بـ”اللوغاريتمات” التي يكتبها بعض الأطباء.
في كندا.. الطبيب يكتب لك تذكرة متحف
في عام 2018، أعلن أطباء في كندا عن وصف علاج جديد تمامًا وهو زيارة المتحف بدءًا من نوفمبر الماضي، أصبح بإمكان 100 طبيب ناطق بالفرنسية أن يصفوا لمرضاهم زيارة متحف الفنون الجميلة في مونتريال كجزء من العلاج.
بحسب موقع “فرانس 24” تقول نيكول باران، المديرة العامة لجمعية الأطباء: “الفن يشبه الرياضة في تأثيره الإيجابي على الصحة النفسية والعصبية”.
وأضافت مديرة المتحف ناتالي بونديل: “من قبل كان يعتقد أن الرياضة تفسد الجسد.. واليوم صارت وصفة طبية، والآن جاء دور الفن”.
أي حاجة.. أغرب روشتة تدخل الطبيب التحقيق
في موقف نادر، قرر محافظ البحيرة، في نوفمبر 2019، إحالة طبيب نساء للتحقيق بعد أن كتب في روشتة علاج لسيدة عبارة واحدة: “أي حاجة”.
الطبيب- وفق رواية شهود- لمصراوي آنذاك حاول المزاح مع مريضة ألحت في طلب علاج رغم سلامتها، فكتب لها ما طلبت حرفيًا، الروشتة وصلت إلى الصيدلية، لكن لم تصرف، بينما وصلت القضية إلى الجهات الرقابية، فيما شدد المحافظ حينها: “لا مزاح في صحة المواطنين”.
روشتة السفر.. علاج لا يباع في الصيدليات
“فاجئ زوجتك بهدية بسيطة.. سافر لمدة أسبوع.. وابتسم”، كانت هذه مكونات “الروشتة السحرية” التي كتبها الطبيب الفلسطيني الدكتور صلاح الدين محاميد لزوجين يعانيان من الإرهاق الأسري.
بدلا من عقار كيميائي، قدم الطبيب وصفة إنسانية، مبنية على علم النفس والسلوك، ونتيجة لذلك عادة السعادة للزوجين، وعادا لعيادته فقط ليشكراه.
محاميد الذي يحاضر بجامعات صفد وحيفا قال في تصريحات صحفية: “40 إلى 50% من الحالات التي أراها تحتاج إلى تعديل سلوك أو دعم نفسي وليس أدوية فقط”.
من أفيون وهيروين إلى براز التمساح
لم تكن الغرابة حديثة عهد في عالم الروشتات، ففي أرشيف القرن العشرين، توجد وصفات دونت على أوراق صفراء مهترئة، كتبت بخط اليد وبمواد مثل الأفيون، الزئبق، والهيروين، قبل أن تجرم لاحقًا.
أما أقدم الروشتات على الإطلاق، فكانت فرعونية، عبارة عن برديات مثل “كاهون” و”برجش” توصي بعلاجات عجيبة مثل براز التمساح كوسيلة لمنع الحمل، والعسل لعلاج الديدان، بحسب مصادر علمية موثقة في موقع PMC.
روشتات ساخرة ورسائل اجتماعية على هيئة علاج
في جانب آخر، ظهرت موجة حديثة من “الروشتات الساخرة”؛ عبارة عن تصاميم كاريكاتورية تحمل أسماء أدوية وهمية لعلاج “الإحباط السياسي” أو “الاكتئاب الزوجي”، بل وُجدت وصفات تحمل اسم دواء وهمي مثل FUKITOL كناية عن تجاهل المشكلات.
من القاهرة الفاطمية إلى اليوم.. روشتات عربية خالدة
في أرشيف “جنوزة بن عزرا” التاريخي، حُفظت وصفات طبية من العصر الإسلامي مكتوبة بالعربية واليهودية- العربية، تشمل وصفات للحلبة والكركديه والعسل، لعلاج أمراض مثل آلام المفاصل أو “ضعف الجينات”.
ورغم هذا التنوع، تبقى الروشتات التي يكتبها بعض الأطباء بخطوط يصعب قراءتها من بين أغرب الظواهر، ما دفع العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى مشاركة تجاربهم ونشر صور لروشتات وصفوها بأنها بحاجة إلى “خبير خطوط” لفك رموزها.
كيف تقرأ روشتة الطبيب بطريقة صحيحة؟
كشف الدكتور مصعب عيد، الصيدلي بإحدى كبرى الصيدليات، أن بعض الأطباء يتعمدون كتابة الروشتة بخط غير واضح، بهدف دفع المريض لشراء الأدوية من صيدليات محددة يكون للطبيب معها اتفاق مادي، سواء عبر نسب من ثمن الدواء أو تسهيلات معينة.
وأضاف في تصريحات لـ”مصراوي” أن الصيدلي يستطيع في بعض الأحيان فك شفرات الخط السيئ اعتمادًا على الخبرة، والتعرف على أساليب الأطباء في المنطقة المحيطة بالصيدلية، أو عبر تحليل أسماء الأدوية بناءً على بروتوكولات علاج شائعة، مثل نزلات البرد أو الحساسية.
وأكد أن الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة أو الحالات الحرجة لا يجب صرفها إلا بعد التحقق التام من اسم الدواء، وإذا تعذر ذلك، يجب الاتصال بالطبيب مباشرة حفاظًا على حياة المريض ومنعًا لوقوع أخطاء دوائية جسيمة.