“واتساب” ولي العهد والحكومة الرشيقة
ويتناغم استخدام الأمير محمد بن سلمان تطبيق “واتساب” في إدارة شؤون الدولة مع توجهات الإدارة الحديثة التي تتبنى مفاهيم مثل “الحكومة الرشيقة” والقيادة التحولية. هذه المفاهيم تركّز على تقليص الهدر الزمني والمالي، وتعزيز فعالية الاتصال، وترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة. وفي إطار رؤية السعودية 2030، يمثل هذا التحول خيارًا استراتيجيًا لتمكين الأجهزة التنفيذية من اتخاذ قرارات ميدانية فورية، تتجاوز البطء البيروقراطي. كما يؤكد استخدام التقنيات في إدارة شؤون الدولة رغبة القيادة في كسر الجمود البيروقراطي واعتماد الاتصال المباشر. وعندما يختار أمير منطقة إظهار رسالة شخصية بينه وبين ولي العهد، فإن الأمر لا يقتصر على نقل التقدير أو الدعم، بل يعكس متابعة قيادية دقيقة ومباشرة للإنجازات الميدانية. وهذا النمط من التواصل يعزز حماس المسؤولين، ويحفز على تحسين الأداء، خاصة في الملفات الحيوية التي تتطلب قرارات آنية وتفاعلاً سريعًا مع الواقع التنفيذي.
ولا يمكن فصل نشر رسالة ولي العهد أو الإشارة إليها عن أبعادها الرمزية في ميدان الاتصال السياسي الحديث. إذ إن استخدامه لوسيلة رقمية غير رسمية – كتطبيق “واتساب” – في إصدار التوجيهات، يقدم نموذجًا اتصاليًا جديدًا يعكس صورة القائد القريب، المتابع، الحاضر في تفاصيل الميدان، لا المنعزل خلف طبقات البيروقراطية. هذه الصورة الاتصالية تكتمل حين يعمد أمير منطقة إلى إظهار هذه الرسالة أمام الرأي العام، مما يحول الاتصال الشخصي إلى خطاب رمزي أوسع، يحمل دلالات الطمأنينة والمتابعة والدعم المباشر من أعلى هرم القيادة، ويُبقي الإدارات المحلية والمجتمع في حالة ترقب إيجابي ومشاركة وجدانية في مشاريع التنمية.
بقي القول، إنه في سياق التحول الرقمي الذي تتسارع وتيرته في المملكة، يصبح هذا النمط الاتصالي بين سمو ولي العهد وأمير منطقة عسير ليس مجرد مسألة تقنية أو تواصلية، بل خيارًا إداريًا استراتيجيًا يواكب مبادئ الحوكمة الحديثة، ويساهم في تكسير البيروقراطية وتقصير المسافات بين القرار والتنفيذ. كما يؤكد ذلك أن محادثة “الواتساب” ليست مجرد تفاعل عابر، بل نموذج مؤسسي يعكس كيف يمكن لأدوات الاتصال البسيطة أن تتحول إلى أدوات متقدمة في سياقات الأعمال الإدارية الفاعلة. كما تكرّس ثقافة السرعة، والشفافية، والمساءلة، وهي ثلاثية أساسية في أي إدارة حديثة تنشد الكفاءة .
ــ