دبي تستقطب العالم بـ «العقارات المُرمّزة».. ونتائج المرحلة الأولى «تفوق التوقعات»

أكّد مسؤولون وعقاريون أن القطاع العقاري في دبي يشهد، خلال الفترة الأخيرة، تحولاً جذرياً، حيث تواصل الإمارة ترسيخ موقعها حاضنةً رائدةً للتقنيات العقارية المستقبلية، وفي مقدمتها النموذج الاستثماري الجديد «العقارات المُرمّزة»، الذي لاقى قبولاً عالمياً منذ إطلاقه في مايو 2025 (قبل 74 يوماً).
وقالوا لـ«»، إن مشروع الترميز العقاري، القائم على تحويل العقار إلى أصول رقمية قابلة للتداول باستخدام تقنيات «بلوك تشين»، استطاع خلال مرحلته التجريبية الأولى أن يجذب اهتماماً متزايداً من المستثمرين حول العالم، بفضل ما يقدمه من سهولة في الوصول، وشفافية في الملكية، وإمكانية التملك الجزئي لعقارات ذات قيمة عالية.
وشددوا على أن ثقة المستثمرين الأجانب بالعقارات المُرمّزة تعكس قوة الإطار التنظيمي في إمارة دبي، متوقعين أن تزداد وتيرة التوسع خلال المرحلة الثانية المقرر انطلاقها في سبتمبر المُقبل، خصوصاً مع فتح باب الاستثمار في مشروعات الترميز العقاري للمستثمرين غير المقيمين في الدولة.
9 عقارات مُرمّزة
وتفصيلاً، طرحت دائرة الأراضي والأملاك في دبي منذ إطلاق مشروع الترميز العقاري، في 26 مايو الماضي، بالتعاون مع سلطة تنظيم الأصول الافتراضية في دبي «VARA»، والمصرف المركزي، ومؤسسة دبي للمستقبل، تسعة عقارات مُرمّزة عبر منصة «بريبكو منت»، بقيمة إجمالية بلغت 16.11 مليون درهم، تم بيعها في أوقات قياسية بمشاركة ما يزيد على 2000 مستثمر.
ويُعدّ مشروع الترميز العقاري، الذي أطلقته دبي، أول مشروع من نوعه على مستوى العالم يتم فيه ترميز الملكية العقارية بالكامل، كما أنه المشروع الأول الذي يُصدر وثائق ملكية فعلية لحاملي الرموز العقارية (Tokens)، ضمن منظومة قانونية وتنظيمية معتمدة.
وجهة رائدة
إلى ذلك، أكّد مدير إدارة السياسات والابتكار العقاري في دائرة الأراضي والأملاك في دبي، الدكتور محمود البرعي، أن «نجاح طرح تسعة مشروعات مُرمّزة خلال فترة قصيرة، وبإقبال فاق التوقعات من جنسيات مختلفة، وتمويلها بأوقات قياسية يُرسّخ مكانة دبي، وجهةً رائدةً للابتكار العقاري، ويثبت جاذبية النموذج، ويؤكد شمولية الوصول إلى الاستثمار العقاري».
وأشار البرعي إلى أن ما يميّز المرحلة التجريبية للمشروع هو قدرتها على استقطاب مستثمرين جدد كلياً للسوق، حيث إن نحو 70% منهم يدخلون الاستثمار العقاري للمرة الأولى، ما يعكس كفاءة نموذج التملك الجزئي الرقمي في تمكين فئات أوسع من المجتمع.
وأفاد بأن الزخم المتصاعد ووجود طوابير رقمية تضم أكثر من 20 ألف مستثمر على قوائم الانتظار، يعكس الطلب القوي، والثقة المتزايدة بالمنظومة التنظيمية للترميز العقاري في الإمارة، متوقعاً أن تزداد وتيرة التوسّع خلال المرحلة المقبلة المقرر انطلاقها في سبتمبر المقبل، لاسيما مع فتح باب الاستثمار في مشروعات الترميز العقاري للمستثمرين من غير المقيمين في الدولة.
بنية رقمية
بدوره، أكّد الرئيس التنفيذي لـ«مجموعة الأندلس العقارية»، صالح طباخ، أن «الإقبال غير المسبوق على الاستثمار في العقارات المُرمّزة في دبي يفتح الباب أمام شرائح جديدة من المستثمرين لدخول السوق العقارية للمرة الأولى، ما يرفع مستوى الطلب الإجمالي في السوق العقارية».
وأضاف الطباخ أن «نجاح تجربة الترميز العقاري في دبي يعود إلى عوامل عدة، أبرزها انخفاض الحد الأدنى للاستثمار إلى 2000 درهم، والإطار التنظيمي المرن والمُحفّز للابتكار، إلى جانب وجود بنية رقمية موثوقة، وارتفاع وعي الجيل الجديد بأدوات استثمارية مرنة وسريعة».
ولفت إلى أن وتيرة الطروحات المُرمّزة تُعدّ سريعة، لكنها محسوبة، وتستهدف فئة واسعة من المستثمرين من أصحاب الدخل المتوسط، منوهاً بأن تنوع جنسيات المستثمرين يعكس الثقة الدولية المتزايدة في سوق دبي، ويعزز من مكانة الإمارة مركزاً عالمياً للأصول العقارية الرقمية المنظمة.
وأكّد أن «القيمة الاستثمارية للعقارات المُرمّزة ستصبح أكثر تنافسية، بفضل سهولة التخارج من خلال الأسواق الثانوية، إلى جانب العوائد الإيجارية السريعة، وإمكانية تنويع المحافظ الاستثمارية بمبالغ بسيطة، وهو ما يميّزها عن العقارات التقليدية».
وأوضح طباخ أن هذا النموذج الاستثماري يتجه لأن يصبح معياراً رئيساً في السوق، خصوصاً مع التوقعات بوصول إسهامه إلى 7% من إجمالي السوق العقارية في دبي بحلول عام 2033، مبيناً أن مناطق، مثل «قرية جميرا» و«الخليج التجاري»، والمجمعات السكنية الفاخرة، تُعدّ من أبرز المناطق المُرشحة للنمو في سوق الترميز العقاري.
زخم متزايد
من جهته، قال الشريك الإقليمي رئيس قسم التقييم والاستشارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في نايت فرانك، ستيفن فلاناغان، إن العقارات المُرمّزة بدأت تكتسب زخماً متزايداً في سوق دبي، مشيراً إلى أن هذا النموذج الاستثماري يُعدّ خياراً جاذباً للمستثمرين الذين يسعون للدخول إلى السوق العقارية من دون الحاجة إلى رؤوس أموال كبيرة.
وتابع فلاناغان: «الملكية الجزئية التي تتيحها هذه المشروعات، من خلال منصات رقمية، أسهمت في خفض عوائق الدخول أمام فئات واسعة من المستثمرين»، مشيراً إلى أن العقارات التقليدية لاتزال تشكل العمود الفقري للسوق، متوقعاً أن تُحدِث النماذج الرقمية فرقاً ملحوظاً خلال الفترة المقبلة.
وأضاف: «من أهم العوامل التي ساعدت على تقبّل هذا النوع من الاستثمار في دبي، هو انخفاض الحد الأدنى للشراء في المشروعات إلى 2000 درهم فقط، إلى جانب وجود بنية تنظيمية وتشريعية واضحة تديرها دائرة الأراضي والأملاك، وهيئة تنظيم الأصول الافتراضية، فضلاً عن التوجه الحكومي نحو رقمنة القطاع العقاري».
وتوقع فلاناغان أن تصبح العقارات المُرمّزة خياراً رئيساً ومكمّلاً للنماذج التقليدية خلال السنوات المقبلة، خصوصاً مع تنامي الوعي وتزايد وضوح الأطر القانونية، ما يدعم ثقة المستثمرين، ويعزز انتشار هذه الأصول الجديدة، لافتاً إلى أن المناطق التي تشهد طلباً مرتفعاً على الإيجارات، مثل «الخليج التجاري»، و«داون تاون»، و«الميدان» مرشحة لأن تكون الأكثر استفادة من مشروعات الترميز العقاري خلال الفترة المقبلة.
ريادة عالمية
في السياق ذاته، أكّد رئيس مجلس إدارة شركة «أون بلان» العقارية، أحمد الدولة، أن الإقبال المتزايد على الاستثمار بالعقارات المُرمّزة يأتي مدعوماً بكونها توفر فرصة استثمارية بأسعار منخفضة، وعائدات متميّزة تراوح بين 8% و15%، مؤكداً أن هذا النموذج يتيح للمستثمرين الدخول بسهولة إلى السوق، مع إصدار سندات ملكية تعكس نسبة تملكهم الفعلية في العقار.
وأوضح لـ«» أن وتيرة طرح العقارات المُرمّزة مدروسة بعناية، حيث يتم طرح عقار جديد كل أسبوع أو أسبوعين، ما يعكس حرص الجهات المنظمة على استدامة السوق وتنظيمها، لافتاً إلى أن تنوع جنسيات المستثمرين يعكس الثقة العالمية المتزايدة في السوق العقارية بدبي.
وأضاف أن إمكانية تملك جزء بسيط من عقار فتحت الباب أمام شرائح جديدة من المستثمرين للدخول إلى هذا القطاع الحيوي، ما ينعكس بالإيجاب على السوق العقارية في دبي بشكل عام، قائلاً: «نشهد اليوم تداولات كبيرة في عقارات دبي تعادل موازنات بعض الدول، وهو ما يعزز مكانة الإمارة وجهةً آمنةً ومثاليةً للاستثمار العقاري».
وأكّد أحمد الدولة أن دبي سبّاقة عالمياً في تبنّي النماذج العقارية المستقبلية، وتسير بخطى ثابتة نحو ريادة عالمية في الاستثمار العقاري الرقمي، مشيراً إلى أن مبادرات، مثل أجندة دبي الاقتصادية D33 تعزز من مكانة الإمارة، وتجعلها مرشحة لأن تكون الأولى عالمياً في هذا المجال.
75 جنسية تستثمر في الترميز العقاري
قالت المُؤسِّسة المديرة التنفيذية لشركة «بريبكو» المتخصصة في تكنولوجيا العقارات، أميرة سجواني، رداً على سؤال لـ«» حول إجمالي عدد المستثمرين في مشروعات الترميز العقاري التي تم طرحها: «سجلنا أكثر من 1760 مستثمراً توزعوا على العقارات الثمانية التي تم طرحها حتى الآن، وبشكل عام، الحمد لله هناك إقبال كبير على الاستثمار في الترميز العقاري».
وأشارت سجواني إلى جهود دائرة الأراضي والأملاك في دبي، قائلة: «أود هنا أن أشيد بالجهود الكبيرة التي تبذلها دائرة الأراضي والأملاك في دبي في هذا المجال، ومواصلتها تطوير القوانين والتشريعات، بما يسهم في إتاحة الفرصة أمام شريحة واسعة من الأفراد للاستثمار في العقارات في بيئة آمنة وشفافة عبر منصة (بريبكو منت)».
وحول الجنسيات التي تستحوذ على النسبة الكبرى من إجمالي المبيعات، قالت سجواني: «هناك تنوع كبير في جنسيات المستثمرين، وهذا التنوع لطالما ميّز دبي ومنحها مرونة كبيرة في جذب الاستثمارات وتأسيس الأعمال، فاليوم لدينا 75 جنسية تستثمر في الترميز العقاري عبر منصة (بريبكو منت)، من أبرزها المستثمرون من الجنسية الإماراتية، والهندية، والباكستانية».
وأكّدت سجواني أن أبرز ما يميّز الاستثمار في الترميز العقاري هو السهولة والمرونة في الإجراءات المتبعة، وأنه متاح أمام الجميع بدءاً من مبلغ 2000 درهم، فضلاً عن أن الأمر لا يستغرق أكثر من بضع دقائق للتسجيل عبر منصة (بريبكو منت)، بإجراءات بسيطة ومُيسّرة، لا تتطلب سوى نسخة من بطاقة الهوية الإماراتية سارية المفعول، وأنا يكون عُمر المستثمر أكثر من 18 عاماً، وأن يُقدم عنواناً سكنياً واضحاً وعقداً إيجارياً، وكشف حساب بنكياً، لافتة إلى أن متوسط الاستثمار في العقار الواحد يصل إلى نحو 5700 درهم للمستثمر الواحد، مع العلم بأن الاستثمار متاح حالياً فقط للمقيمين في دولة الإمارات.
وشرحت سجواني آلية توزيع العائدات، فقالت: «يتم توزيع العائدات بشكل واضح وبسيط عبر منصة (بريبكو منت)، وذلك وفقاً لنسبة استثمار العميل في العقار، فإذا استثمر العميل، على سبيل المثال 10% من العقار، فإنه يحصل على 10% من العائد الاستثماري الكلي للعقار الذي تم بيعه».
ورداً على سؤال حول متوسط عدد المستثمرين الذين يدخلون في كل طرح عقار مُرمّز، قالت: «يمكنني القول إن معدل أعداد المستثمرين للعقار الواحد يصل إلى نحو 220 مستثمراً، مع الإشارة إلى أن تمويل العقارات المدرجة على المنصة بالكامل يتم خلال فترات قياسية لا تتجاوز ثلاث دقائق للعقار الواحد، ما يعكس الطلب المتزايد على فرص الاستثمار المرنة والقائمة على ترميز العقارات».
وفي ردها على سؤال حول عدد العقارات المُرمّزة المخطط طرحها حتى نهاية عام 2025، قالت سجواني: «طالما هناك زخم قوي وطلب مرتفع على الاستثمار العقاري، فإننا نسعى دائماً إلى مواكبة هذا الطلب، ونطمح إلى طرح أكبر عدد ممكن من العقارات المُرمّزة»، مؤكدة وجود خطط لتنويع العقارات المطروحة للاستثمار، وهي تجارية، وفندقية، وأراضٍ، وقالت: «سيتم الإعلان عن ذلك بشكل رسمي في الفترة المقبلة».
• «الترميز العقاري» ابتكار من دبي يتخطى الحدود.. والنتيجة قبول عالمي غير مسبوق.
• ثقة المستثمرين الأجانب بالعقارات المُرمّزة تعكس قوة الإطار التنظيمي في دبي.