اخبار

غزة واليوم التالي… التحديات والفارس المطلوب!! المستشار د. أحمد يوسف

ما زال الغموض يكتنف كل ما يتعلّق بمستقبل قطاع غزة، فيما تطارد المخاوف نازحي الخيام من شبح التهجير القسري، بينما أمة العرب والمسلمين تصمت صمتًا رهيبًا بلا حول ولا قوة!! وفي المقابل، تتصاعد تهديدات مجرم الحرب نتنياهو واليمين الصهيوني المتطرّف باجتياح غزة، كجزءٍ من خريطة أحلامهم الكبرى. أمّا المشهد الفلسطيني الرسمي والفصائلي، فلا يبعث إلا على التقزّز والإحباط.

في ظلّ هذا الحال الكارثي الذي يعيشه النازحون، المحاصرون بسياسات القتل والتجويع والتدمير، تخرج علينا الأخبار بأن هناك من ينتظرنا على عتبات “اليوم التالي”: سمير حليلة!! فتساءلت جموع النازحين: من هو هذا الرجل، وما هي خلفياته النضالية؟ وما هي معايير الاختيار وصاحب القرار؟ لا يظهر في الصورة –للأسف– إلا الطرف الإسرائيلي، أمّا ما يجري خلف الكواليس، فالعلم عند الله!!

في الحقيقة، كانت وسائل الإعلام أوّل من كشف اللثام، وبدأت الرواية تُطرح وكأنها “مجسّ” لقياس ردّة فعل الرأي العام الفلسطيني، خاصةً أن الجهات الرسمية لا تُدلي بتصريحات، ولا نكاد نسمع لمواقفها ركزًا!!

لقد درجنا في أدبياتنا الشعبية على سماع مقولة: “الأرض ما بيحرثها إلا عجولها”… وهو مثل شائع في بلدان عربية كثيرة، ويحمل دلالات وأبعادًا لا يستوعبها إلا من اكتوى بنار الاحتلال، وذاق مرارة التبعية لأولئك الذين يساومون على دماء شعوبهم ومصائر أوطانهم.

ومن الجدير ذكره أن الكثيرين في الشارع الفلسطيني لا يعرفون من هو السيد سمير حليلة، وحين ذُكر اسمه لتولّي حكم غزة، تعددت الآراء بين مستغرب ومرحّب ومحتجّ ومتسائل عن خلفية الرجل، وما يحمله من مؤهلات أو مزايا “مقطوع وصفها”، ولا تتوفّر في مئات النخب والقيادات من قطاع غزة.

لقد سبق لي أن التقيت السيد سمير حليلة أكثر من مرة عام 2006، خلال لقاءات الأخ أبو العبد هنية (رئيس الوزراء آنذاك) مع السيد أحمد قريع (رحمه الله)، السياسي المخضرم ورئيس الوزراء الأسبق.
ولم أشعر –ولو للحظة– أن السيد حليلة يتمتّع بما هو أكثر من كونه أحد رجالات قريع.

وبعد أحداث الانقسام التي هزّت أركان الاستقرار السياسي الفلسطيني، وتشظّى على إثرها الوطن كلّه، لم أسمع باسم حليلة يُتداول في أي محفل سياسي له صلة بوحدتنا الوطنية. كان الرجل –كما يُقال– “فص ملح وذاب”.

قد أكون مخطئًا أو متجنّيًا في تقديري لمكانة الرجل ودوره في سياق النضال الوطني، لذلك سعيت للسؤال عنه، لعلّي أجد من يُلقي مزيدًا من الضوء على بعض جوانب شخصيته التي لا نعرفها، حتى لا نظلمه في التقييم، ولا نفرّط في انتقاد فارسٍ قد يحمل في طيّاته بشائر الخلاص الوطني.

لكن –للأسف– لم تكن الانطباعات إيجابية حيال حجم المهمة التي يمكن أن يُكلّف بها الرجل، وهي مهمّة تنوء بحملها الجبال، وتحتاج إلى شخصية ذات خلفية نضالية صلبة، وتجربة وطنية حقيقية، وحاضنة شعبية، وسيرةٍ مليئة بالتفاعل الخدمي مع الهموم الفلسطينية، خاصة في مجالات الإغاثة، وتوفير الطعام والشراب والخيام لتخفيف أوجاع النازحين وآلام نكبتهم.

السيد سمير حليلة، كفلسطيني، قد تخدمه الانتخابات –إن جرت يومًا– ليقدّم كشف حسابه للناخبين، ويقنعهم بأهليته. أمّا “اليوم التالي”، فلا أظنّه رجل ذلك اليوم؛ لغربته عن المكان، ولسيرةٍ لا تحمل من المهابة والرصيد ما ينتظره نازحو الخيام وأهل النكبة الثانية الكبرى في قطاع غزة. إن أنظار النازحين ستتوجّه لمن كان ساهرًا على أوجاعهم، وقدّم لهم الكثير ليسدّ جوعهم ويروي ظمأهم، ويحفظ كرامتهم. إنهم أدرى بمن سيكون لفجرهم التالي فارسهم الشهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى