صحيفة: مشاورات بشأن قمّة شرم الشيخ المرتقبة
قبل ساعات من زيارة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن المرتقبة إلى المنطقة العربية (يصل اليوم الأحد)، يبدو أن مستوى الحماسة انخفض لدى كلّ من مصر والأردن حيال مساعيهما للتوصل إلى اتفاق لتهدئة الأوضاع المشتعلة في الأراضي الفلسطينية ووقف الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني.
ويأتي ذلك خصوصاً في ظلّ غياب الإرادة الأميركية في الضغط على الإسرائيليين لوقف الجرائم ضد الفلسطينيين، حيث تهدف إدارة الرئيس جو بايدن من زيارة أوستن، إلى التنسيق مع القادة الإقليميين مع تصاعد التوترات مرة أخرى مع إيران.
ووفقاً للمُعلن، حتى ظهر أمس السبت، فإنه من المقرر أن يصل أوستن إلى الأردن اليوم الأحد، ثم يتوجه إلى مصر، ويختتم رحلته في تل أبيب يوم الخميس المقبل. وتمثل زيارته ثاني جولة دبلوماسية له في الشرق الأوسط كوزير للدفاع، وهي فترة ركّزت حتى الآن على مواجهة الحرب الروسية على أوكرانيا، بينما تفوقت على نفوذ الصين المتزايد في المحيط الهادئ.
وكشفت مصادر مطلعة على ملف الوساطة التي تقودها كل من مصر والأردن بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، عن إعادة تفكير الجانب المصري بشأن عقد قمّة شرم الشيخ المرتقبة في شهر مارس/آذار الحالي، والتي تعد أحد مخرجات قمّة العقبة التي استضافها الأردن يوم الأحد الماضي، وشهدت مشاركة ممثلين للإدارة الأميركية، وحكومة الاحتلال، ومصر، والأردن، والسلطة الفلسطينية، وذلك بسبب الانتهاكات الإسرائيلية لمخرجات قمة العقبة، وعدم احترام ما تمّ التوافق بشأنه من جانب وزراء في حكومة بنيامين نتنياهو.
وجرى الاتفاق خلال قمّة العقبة على عقد قمّة لاحقة في مدينة شرم الشيخ المصرية في 17 مارس الحالي، بهدف استكمال المناقشات، إلا أن التطورات الأخيرة، التي جاء في مقدمتها قيام مستوطنين بحرق منازل فلسطينيين وممتلكاتهم في مدينة حوارة جنوب نابلس، شمالي الضفة الغربية، دفعت كلاً من مصر والأردن والسلطة الفلسطينية إلى مراجعة موقفهم قبل موعد القمّة المرتقبة.
وبحسب المصادر التي تحدثت لـ”العربي الجديد”، فإنه “كان هناك عدم رضا تام بشأن البيان الختامي لقمّة العقبة، إلا أن مصر والأردن اضطرتا للموافقة على الصيغة التي خرج بها، على أمل الوصول إلى موقف أفضل خلال قمّة شرم الشيخ”.
وكان بيان قمّة العقبة قد تضمن اتفاق الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على دعم خطوات بناء الثقة لمعالجة القضايا العالقة عبر حوار مباشر، كما تضمن التزام إسرائيل بوقف إقرار أي بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 أشهر، ووقف مناقشة إنشاء أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر، بالإضافة إلى التزام الطرفين بوقف الإجراءات الأحادية من 3 إلى 6 أشهر.
وأضافت المصادر ،أن القاهرة وعمّان كانتا غير راضيتين عن دور الإدارة الأميركية خلال قمة العقبة، ولديهما يقين بأن واشنطن لم تمارس الضغط الكافي على إسرائيل، وتحديداً بشأن قضية الاستيطان والاقتحامات التي تقوم بها قوات الاحتلال في مدن الضفة.
وأشارت المصادر إلى أن القاهرة استشعرت الحرج أخيراً في أعقاب مواقف وزراء حكومة بنيامين نتنياهو بشأن قمّة العقبة، والتصريحات الصادرة عنهم، والتي تؤكد على عدم الاعتراف بها، وهو ما دفع الجانب المصري إلى فتح خطوط اتصال مع المسؤولين في الأردن بشأن البحث في مصير قمّة شرم الشيخ، وإمكانية تأجيلها، بالتزامن مع تصاعد حالة الغضب الشعبي في الشارع العربي.
ودانت وزارة الخارجية الأردنية أخيراً التصريحات “التحريضية” التي أطلقها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموطريتش، الأربعاء الماضي، والتي دعا خلالها إلى محو بلدة حوارة الفلسطينية.
وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة، السفير سنان المجالي، إن “الدعوات المؤججة للعنف تنذر بعواقب خطيرةٍ، وتمثل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني”، مشدداً على أن “وقف الخطوات الأحادية التي تقوّض حلّ الدولتين والإجراءات الاستفزازية التي تدفع نحو التوتر وتفجر العنف، ضرورة لإنهاء التدهور وخفض التصعيد”.
كما دانت مصر التصريحات، وقالت الخارجية المصرية إنها تمثل “تحريضاً خطيراً وغير مقبول على العنف، يتنافى مع كافة القوانين والأعراف والقيم الأخلاقية، ويفتقر للمسؤولية التي يجب أن يتحلى بها أي مسؤول يشغل منصباً رسمياً”.
كما أكد بيان الخارجية “الموقف المصري الداعي إلى ضرورة وقف الأعمال الاستفزازية أو التحريضية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، ووضع حدّ للإجراءات الأحادية، بهدف تحقيق التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وتهيئة المناخ لاستئناف عملية السلام على أساس مبدأ حلّ الدولتين وقرارات الشرعية الدولية، باعتبار ذلك هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”.
في مقابل ذلك، علمت “العربي الجديد” أن هناك “محاولات إسرائيلية جرت أخيراً مع القيادة المصرية، في محاولة لاستمالة جانب القاهرة، مستغلة في ذلك الأزمة الاقتصادية الطاحنة، حيث عرضت دوائر إسرائيلية زيارة وفد من رجال أعمال إسرائيليين لمصر، بهدف الإطلاع على الفرص الاستثمارية المتاحة وضخّ استثمارات سريعة”. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها “العربي الجديد”، فإن القاهرة “تتعامل بحذر شديد مع المقترح الإسرائيلي، خشية التداعيات المتوقعة، خصوصاً على المستوى الشعبي، وهو ما دفعها إلى إرجاء الرد على المقترح الإسرائيلي”.