أستاذ بالأزهر ترد على سؤال عمر كمال: الأغاني والموسيقى حلال بشروط
03:52 م
الأحد 13 أكتوبر 2024
كتب-محمد قادوس:
قالت الدكتورة هبة عوف، أستاذ التفسير بجامعة الأزهر الشريف، إن قضية الغناء والموسيقى تعد من القضايا التي دار حولها جدل واسع في الفقه الإسلامي، حيث تباينت آراء العلماء بين التحريم والإباحة وفقاً لظروف معينة، لافتة إلى أن هذه القضية من المسائل الخلافية، مع وجود اختلاف في تفسيرات الأدلة الشرعية التي تناولت هذا الموضوع.
وأوضحت أستاذ التفسير بجامعة الأزهر الشريف، في ردها على “مصراوي”، حول تصريحات المطرب عمر كمال، أن الآراء المبيحة للغناء والموسيقى تستند إلى قول الله تعالى: “قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق”(الأعراف: 32)، وهو ما يشير إلى أن الله سبحانه وتعالى لم يحرم على عباده الزينة والنعيم الطيب الذي خلقه لهم، ومنها الفنون التي تدخل السرور إلى النفوس دون أن تتجاوز حدود الشريعة.
وأضافت أن هناك حديث نبوي يستدل به البعض على تحريم المعازف، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير، والخمر والمعازف» (رواه البخاري)، وقد فهم بعض العلماء من هذا الحديث أن المعازف محرمة، لكن في المقابل، يرى علماء آخرون أن الحديث لا يشمل كل أشكال الموسيقى والغناء، خاصة إذا كانت خالية من المحرمات مثل الفسق والخمر، وأبرز هؤلاء العلماء الإمام الغزالي والإمام ابن حزم.
أشارت إلى أن العلماء المبيحون للموسيقى أوضحوا أن هذا الحديث يتحدث عن الاستحلال، أي تبرير المعازف عندما تقترن بمحرمات أخرى مثل الخمر والفسق، مما يدل على أن التحريم ليس في المعازف بذاتها بل في السياقات التي تكون فيها جزءاً من أفعال محرمة.
أكدت الدكتورة هبة عوف، أن الحكم الشرعي للغناء والموسيقى يعتمد على محتواها، فإذا كانت الأغاني تدعو إلى الفضيلة والقيم الأخلاقية وتذكر بنعم الله وتبعد عن الفسق والفجور، فلا مانع شرعًا من الاستماع إليها، بينما إذا كانت الأغاني تتضمن محتوى يخالف تعاليم الإسلام، كالدعوة إلى الفاحشة أو الفسق، فهي محرمة ويجب تجنبها.
كما قالت إن التحريم لا يقتصر على الغناء والموسيقى فقط، بل يعتمد على الغرض منها وطبيعة المحتوى، مشيرة إلى أن الأصل في الأمور هو الإباحة ما لم يرد نص صريح بتحريمها، وهو ما يستفاد من الأدلة السابقة.
فيما يتعلق بكسب المال من الغناء، أوضحت الدكتورة هبة عوف، أن هذا الأمر يعتمد على نوع الأغاني التي يقدمها المغني، فإذا كانت الأغاني تدعو إلى الفضيلة وتتماشى مع القيم الإسلامية، فالمال المكتسب منها حلال، أما إذا كانت الأغاني تروج للفجور أو تخالف تعاليم الدين، فقد يكون المال المكتسب منها غير مقبول شرعًا.
وأكدت أن الحديث الشريف “إن الله طيب لا يقبل إلا طيب” (رواه مسلم) ينطبق على كسب المال، سواء من الغناء أو غيره، فإذا كان العمل مباحًا، فالمال الناتج عنه حلال، أما إذا كان العمل يتضمن محرمات، فيجب الابتعاد عن المال المكتسب منه.
أما بالنسبة للأغاني في الأفراح وأعياد الميلاد، فقد أشارت الدكتورة هبة إلى أن الإسلام لا يعارض الفرح المشروع، وأنه يجوز استخدام الأغاني التي تعبر عن الفرح بشرط أن تكون خالية من المحرمات، مستشهدة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال لعائشة رضي الله عنها: “أتحبين أن تنظري؟” قالت: نعم، فأقامها وراءه، وقال: يا عائشة، في ديننا فسحة” (رواه البخاري)، وهذا يدل على أن الإسلام يجيز الفرح المشروع والتعبير عنه.