مقالات

“اعترف بخطئك”.. رد قوي من عالم أزهري على دعوى “الهلالي” بطرح أحكام الميراث للاستفتاء



03:55 م


الإثنين 21 أبريل 2025

كتب- علي شبل:

ما هكذا يا سعدُ تُورَدُ الإبِلُ.. بهذه العبارة عنون الأستاذ الدكتور عبدالفتاح العواري، العميد الأسبق لكلية أصول الدين القاهرة، عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، رده ورسالته إلى الدكتور سعد الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، بعد جدل فجره الأخير بدعوته إلى طرح بعض أحكام الميراث الشرعية للاستفتاء العام، حرصا على تحقيق مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة.

ويقول الهواري إن “الدُّكتور سعد الهلالي دأبَ، منذ أن وَجدَ له منبرًا في بعض وسائلِ الإعلام، على بثِّ سُمومِه، وإيرادِ الآراءِ الشاذَّةِ، بل الفاسدة، التي لا تمتُّ إلى العِلمِ الصَّحيحِ بِصِلةٍ، حيثُ لا يملكُ في سَوقِها مستندًا من عقلٍ صريحٍ، أو نقلٍ صحيحٍ، أو رأيٍ معتبرٍ أجمعت أُمَّةُ الإسلامِ على قبولِه سلفًا وخلفًا، أو حتى رأيًا صحيحًا لمُجتهدٍ من الأئمةِ الذين تحققتْ فيهم أهليةُ الاجتهادِ، والذين هم مِمَّن تَنعقِدُ عندَ ذِكرِهم الخناصرُ، حتى يكونَ ما يطرحه مبررًا قويًّا”.

وأضاف العالم الأزهري، في رده ورسالته: إنَّما الرجلُ – هداهُ اللهُ – تراه يركبُ مَتْنَ الشَّطَطِ، ويُلقي بأفكارٍ غريبةٍ لا أصلَ لها، ويتركُ المستمِعَ في حيرةٍ من أمرِه، بعدَ أن يُدلِّسَ عليه بأنَّ له حقَّ الاختيارِ، وحقَّ الانتقاء، وكأنَّ المستمعَ – في فهمِه المغلوطِ – قد بلغَ رتبةَ الاجتهادِ المقيَّدِ في فروعِ مذهبٍ ما من المذاهب، وهو في حقيقةِ الأمرِ يريدُ أن يفرضَ سلطتَه على المستمعِ في الأخذِ برأيِه الفاسدِ.

ثم تراه يَخدعُ المستمعَ بكلامٍ معسولٍ: “لا تُصدِّقوا الشيوخَ، إنهم يريدون فرضَ كهنوتِهم!”

وتابع عضو مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف: قُلْ لي – بربِّك – مَن الذي يستخدمُ الكهنوتَ والسُّلطةَ في إلزامِ الناسِ بالأخذِ بآرائِه الشاذَّة؟ أنت أم الشيوخُ؟

ألا تخشى اللهَ وتَحذرَ انتقامَه حينما تدعو عبادَ اللهِ إلى استفتاءِ شعبيٍّ حولَ حدودِ اللهِ وفَرائِضِه؟

هل تَقدرُ على حربِ اللهِ ورسولِه صلَّ اللَّهُ عليهِ وسلَّم حينما يأخذُك الصَّلَفُ والغُرور، وأنتَ تسلكُ سبيلَ الوهمِ والسَّفْسطةِ، مُطالبًا بتحقيقِ “المُساواةِ” بينَ الرَّجلِ والمرأةِ في الميراث؟!

أتظنُّ بصنيعِك هذا أنك تَأخُذك رأفةً ورحمةً بمَن خلقَها اللهُ، وجعلَ لها نصيبًا مفروضًا؟!

أأنتَ أرحمُ بها مِن اللهِ الذي خلقَها وبيَّن لها حقوقَها؟!

وهل تظنُّ أنَّك بهذا تسعى إلى إنصافِ امرأةٍ ترى أنتَ أنَّ اللهَ – جلَّ جلاله – قد ظَلَمها وحَرَمها حقوقَها؟!

أتظنُّ أنَّك بفتاواك تلك تستدركُ على صاحبِ الشرعِ؟!

ألا ترى – دكتور سعد – أنك بحالك تلك، في إلقاءِ الآراء الشاذَّةِ على العامة، إنما تُريد أن تُسقِطَ من نظرِهم قُدسيَّةَ كلامِ ربِّك وكلامِ رسولِك صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، وتُهَوِّن من القطعيات في شتَّى المجالات؛ عقيدةً وشريعةً ومعاملةً وأخلاقًا وسلوكًا؟!

بل حملَتك الجرأةُ فأخرجتَ الأوامرَ الإلهيةَ والنواهيَ عن مدلولاتِها الموضوعةِ لها!

أولا ترى أيضًا أنَّك بما تدعيه من “البيان الصحيح” – في نظرك – إنما تزعم أنَّ الأمةَ الإسلاميةَ على مدار القرون المتطاولة، لم تقفْ على بيانٍ فقهيٍّ صحيحٍ لما تحتاجُه في أمرِ معاشِها ومعادِها، حتى ظهرتَ أنتَ، أيها “المجدد”، وقدَّمتَ للأمةِ هذا البيانَ، وكشفتَ اللثامَ عن “الصواب”، الذي طالما كتمَه مَن سبقَك من شيوخِك، وشيوخِهم، إلى عصرِ الصحابةِ والتابعين؟!

بل ربما يذهبُ الوهمُ بالبعض – ممن يستمعون إليك – إلى أنَّ صاحبَ الشرعِ قد قصَّر في البيان!

وأنتَ تعلم – ويعلم الجميع – أنَّ من قواعدِ العلمِ والفقهِ:

“أنَّه لا يجوزُ تأخيرُ البيانِ عن وقتِ الحاجة”، فلو أنَّ علماءَ الأمةِ سلفًا وخلفًا أخَّروا البيانَ مع حاجةِ الأمةِ إليه، لكانوا كاتمينَ للشرعِ، وهذا مما لم يقُل به أحدٌ .

وختم الدكتور عبدالفتاح العواري، العميد الأسبق لكلية أصول الدين القاهرة، عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، رسالته ناصحا “الهلالي”، قائلًا: دكتور سعد، راجع نفسَك قبلَ فواتِ الأوان، فإنَّ الموتَ يأتي بغتةً، وتُبْ إلى اللهِ.

ولتكن عندَك الشجاعةُ الأدبيةُ؛ فاخرجْ إلى مَن سمعوا تراهاتِك وأباطيلَك فخَدعتَ بعضَهم، وأَعلِنْها مدوِّيةً: “لقد خدعتُكم، وما قلتُه لكم من فتاوى على مدى هذه السنين إنما كان بالتشهي والهوى، وأنا مُعترفٌ بخطئي، وكلُّ ابنِ آدم خطَّاء، وخيرُ الخطَّائين التوَّابون”.

جدل الهلالي

وكان الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، موجة من الجدل بعد تصريحاته الأخيرة التي دعا فيها إلى إجراء استفتاء شعبي حول إمكانية تحقيق المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، معتبرًا أن “لا يوجد نص قرآني يمنع ذلك بشكل صريح”.

وفي حديثه لبرنامج “سؤال مباشر” على قناة “العربية”، اعتبر الدكتور سعد الدين الهلالي، أن فهم النصوص يجب أن يكون في إطار متجدد يتماشى مع الواقع، مشيرًا إلى أن المساواة في الميراث ليست محظورة بنص صريح في القرآن أو السنة.

وتحدث الهلالي عن تجارب دول أخرى، منها تركيا التي طبّقت المساواة منذ عام 1937، وبعض الممارسات الواقعية داخل مصر كتوريث المعاش بالتساوي بموجب القانون رقم 148 لسنة 2019.

في معرض تفسيره لآية الميراث، طرح الهلالي احتمالين: الأول أن الله يوصي بتمييز الذكر، والثاني أن الهدف هو ضمان عدم حرمان الأنثى من نصيبها، معتبرًا أن الفهم والتفسير يتغيران وفقًا للواقع والاجتهاد، وأن المهم هو الوصول لصيغة ترضي الأغلبية المجتمعية.

اقرأ أيضًا:

هل يصل ثواب الطاعة للصغار قبل البلوغ والتكليف؟.. الإفتاء تكشف

بالفيديو| أمين الفتوى يوضح هل الصلاة الفائتة دين على العبد يجب قضاؤه

هل يجوز المسح على الحجاب أثناء الوضوء؟.. أزهري يوضح الطريقة الصحيحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى