مقالات

الزواج في الشرع.. تعرف على شروطه وأحكامه والجائز منه والمحرم



05:50 م


الإثنين 23 ديسمبر 2024

كـتب- علي شبل:

تعد الحياة الزوجية من أوثق العلاقات الإنسانية، وأرفعها شأنًا، ولها في الدين مقام كريم، وهي في شرع الله ميثاق غليظ: لقوله تعالى ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا﴾، وجاءت النُّصوص الكثيرة في القُرآن الكريم والسُّنَّة النبويَّة مُبيِّنة لمكانة هذا العقد وأهميَّته، وأجمعت الشَّرائع السماويَّة على مشروعيَّته.
وللزواج أركان وشروط ومنه الجائز ومنه المحرم، وهو ما يرصده مصراوي في التقرير التالي، وفق رأي جهات الفتوى الرئيسة بدار الإفتاء والأزهر الشريف:
أركان الزواج

أما أركان الزواج فهي ثلاثة:
– الزوجان الخاليان من الموانع: يكون الزوجُ ليس فيه مانع، والزوجة ليس فيها مانع، لا من إحرامٍ، ولا من غيره.
– والإيجاب والقبول: الإيجاب قول الولي: زوجتُك. والقبول قول الزوج: قبلتُ.
شروط الزواج

وللزواح شروط أربعة، حددها الفقهاء وهي:
أولها: تعيين الزَّوجين، يكون الزوج معروفًا، والزوجة معروفة.
الثاني: رضاهما، رضا الزوجين.
الثالث: الولي، فوليها أبوها، ثم جدّها، ثم ابنها، ثم ابن ابنها وإن نزل، ثم أخوها الشَّقيق، ثم أخوها لأب، وهكذا كالميراث.
والرابع: الشَّهادة، شهادة عدلين على النكاح.
أحكام الزواج الخمسة.. وحالات يحرم فيها الزواج

حكم الزواج يختلفُ باختِلاف حال الشخص وقُدرته الجسميَّة والماليَّة واستعداده لتحمُّل مسؤوليَّته، وقد ذكَر العلماء أنَّ الحُكم الشرعي للنِّكاح على خمسة أقسام: فتارةً يكون واجبًا، وتارةً يكونُ مستحبًّا، وتارةً يكون حَرامًا، وتارةً يكون مكروهًا، وتارةً يكون مُباحًا.
أولًا: النكاح الواجب:
وذلك في حقِّ مَن يخافُ على نفسِه الوُقوع في محظورٍ إنْ ترك النكاح، فهذا يجبُ عليه النكاح في قول عامَّة الفقهاء؛ لأنَّه يلزمه إعفاف نفسِه، وصونها عن الحرام، وذلك واجبٌ على المسلم، وطريقه النِّكاح.
ثانيًا: النكاح المستحب:
وذلك في حال وُجود الشهوةٍ مع عدم الخوف من الوقوع في المحرَّم؛ فمَن كانت هذه حاله استحبَّ له النكاح؛ لاشتماله على مصالح كثيرة، بل ذكَر العلماء أنَّ الاشتِغال بالنكاح وتحصيلِه أَوْلَى من التخلِّي لنوافل العبادة، وهو ظاهرُ قول الصحابة – رضِي الله عنهم – وفِعلهم، وبه قال جمهورُ أهل العلم، قال ابن مسعود – رضِي الله عنه -: لو لم يبقَ من أجَلِي إلا عشرة أيَّام، وأعلمُ أنِّي أموتُ في آخِرها، ولي طول النِّكاح فيهنَّ – لتزوَّجت مخافةَ الفتنة.
وقال عمر – رضي الله عنه – لأبي الزوائد: ما يمنعك عن النِّكاح إلا عجزٌ أو فجورٌ.
وقال الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله تعالى -: ليست العزبة من أمر الإسلام في شيءٍ.
ثالثًا: النِّكاح المُباح:
في حال عدَم الشَّهوة والميل إليه؛ مثل نكاح الكبير والعنين (الذي لا ينتصب) ونحوهما، وقد يكونُ مكروهًا في هذه الحالة؛ لأنَّه يُفوِّت على المرأة غَرَضًا صحيحًا من أغراض النِّكاح، وهو إعفافها، وربما أضَرَّ بها، ولكن تنتفي الكَراهة في حال رضاها؛ لأنَّ أغراض النكاح ومقاصده كثيرةٌ من تحصيل الأُنس والمودَّة والسُّكنى والنَّفقة ونحو ذلك، وليس الغرَض من النِّكاح قضاء الوطَء فقط.
رابعًا: النكاح المحرم:
وذلك في حقِّ المسلم إذا كان في دار كفَّار حربيِّين؛ لأنَّ فيه تعريضًا لذريَّته للخطَر واستيلاء الكفَّار عليهم، ولأنَّه لا يأمن على زوجته منهم.
خامسًا: النكاح المكروه:
إذا خافَ الجور ومَنْعَ الزوجة حُقوقها، أو كان لا شهوةَ له ويعوقه النكاح عن العبادة المستحبَّة، ونحو ذلك.

خمس فتاوى مهمة عن الزواج الجائز والمحرم

1- حكم الزواج العرفي بدون شهود.. ومصير الزوجين في تلك الحالة

كشف الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، عن رأي الشرع في الزواج العرفي بدون شهود، ومصير الزوجين في تلك الحالة، قائلًا إن اكتفاء الرجل والمرأة في زواجهما العرفي بصيغتي الإيجاب والقبول، مع عدم إخبار أحدٍ به، وعدم الإشهاد عليه خوفًا مِن معرفة أحدٍ من أفراد العائلتين به ينافي المقصد الأسمى من النكاح وأهدافه من حصول السَّكن بين الزوجين، ونشر الرحمة بينهما والمَوَدة.
وتابع عياد، في بيان فتواه عبر بوابة الدار الرسمية، أن هذا الشكل من الزواج يُعَرِّضهما للرِّيبة في الدِّين من جهة مخالَفة النصوص الشرعية التي تدعو إلى الإشهاد على النكاح وإعلانه بين الناس وإظهاره وإشهاره، والرِّيبة في العِرض من جهة عدم صونِه عن الخوض فيه وجَعْله مَثَارًا للشبهة ومحلًّا للتهمة، بالإضافة إلى ما يترتب عليه من إهدار للحقوق، وتعريض الأنساب للجحود، وفتح أبوابِ التلاعبِ والاحتيالِ وإنكارِ الزِّيجات، وهو على هذا النحو مُحَرَّمٌ وغيرٌ صحيح شرعًا، ومِن نكاحِ السِّرِّ الذي حكم الشرعُ الشريفُ ببطلانه اتفاقًا، ويجب عليهما أن يَفْتَرِقَا.

2- حكم الاتفاق بين الزوجين على الزواج لمدة معينة بشرط التجربة

وكان الدكتور عطية لاشين، أستاذ الشريعة وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، أكد في فتوى سابقة، أن الزواح من العقود المؤبدة التي لا تنتهي إلا بالطلاق أو الفسخ إذا وُجد سبب لذلك، مثل استحكام الخلاف أو عدم قدرة الزوج على الإنفاق، أو غيابه، وغيرها من الأسباب.
وحول حكم الزواج بنية التجربة، قال لاشين: إذا تم الاتفاق بين الزوجين على الزواج لمدة معينة بشرط التجربة، بحيث إذا توافقا استمر الزواج، وإذا لم يتوافقا وقع الطلاق، فإن هذا الشرط باطل. وذلك لأن عقد الزواج يجب أن يكون مبنياً على التأبيد لا على التأقيت. فالزواج المؤقت ينافي مقاصد العقد وأهدافه التي شرعها الله، مثل الاستقرار الأسري، وتربية الأبناء، وتحقيق المودة والرحمة بين الزوجين.
وأكد عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف أن الزواج المشروط بمدة محددة يشبه نكاح المتعة، الذي حرمه الإسلام بالإجماع.. لذلك، هذا الشرط باطل، ويؤدي إلى بطلان العقد نفسه.

3- لماذا يجوز زواج المسلم من الكتابية مع عدم جواز العكس؟

وفي 5 نقاط محددة، سبق أن أوضح مركز الأزهر العالمي للفتاوى الحكمة من إباحة زواج المسلم من الكتابية مع عدم جواز العكس، يمكن تلخيصها في الآتي:
– أن المُسلم يؤمن بجميع الأنبياء ويُعظِّمهم، ويُعظِّم الكتب التي جاءوا بها من عند الله سُبحانه؛ بل لا يتم إيمانه إلا بهذا.
– المُسلم مأمور بتمكين زوجته الكتابيَّة من إقامة شعائر دينها، والذهاب إلى دار عبادتها، ومُحرَّم عليه إهانة مُقدَّساتها.
– المُسلم مأمور شرعًا بحُسْن عِشرة زوجته، سواء أكانت مُسلمة أم كِتابيَّة، والمودّة والرّحمة والسَّكينة بهذا مرجوَّة في أسرة المُسلم والكتابيَّة.
– طاعة الزَّوجة المُسلمة لزوجها واجبة عليها، ولو أبيح زواجها من غير المُسلم لتعارضت طاعته مع طاعة الله سُبحانه.
– غير المُسلم لا يؤمن بالإسلام ولا نبيه ﷺ، ولا تُلزِمه شريعته بتمكين المُسلمة من أداء شعائر دينها، أو احترام مُقدَّساتها، الأمر الذي يُؤثر -ولا شك- على المَودَّة بينهما، وأداء حقوق بعضهما إلى بعض.

4- هل يجوز للمرأة الزواج دون علم أهلها؟

“لا نكاح إلا من خلال ولي”.. هكذا أكد الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الافتاء المصرية، على ضرورة زواج المرأة بحضور وليها، محذرا من زواج السيدة بدون ولي.
وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء، في حلقة سابقة من برنامج «فتاوى الناس»، المذاع على فضائية «الناس»، إن «المقصود من شرط النكاح بولي، هو المحافظة على حقوق المرأة، ووضعها تحت جناح أسرتها وأبيها وإخوتها، ولا يتركها الشرع تذهب في عمل هذا العقد الغليظ دون وجود من يحفظ لها الحقوق».
وأضاف عثمان: «زواج المرأة بدون ولى قد يستوفي الأركان والشروط، فكيف أن يكون الزواج سرا بعيدا عن أهلها، هي هتتزوج حياة تظنها سعيدة، لكن على حساب أهلها، هل يقبل أحد لأخته بالزواج بهذه الطريقة، والله ما أحد يرضاه لأخته، كيف لسيدة الزواج سرا، أين الدليل على هذا».

5- هل الزواج في شهر شوال مكروه شرعًا؟

أوضح الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، في فتوى سابقة، أن الزواج في شهر شوال مستحبٌّ شرعًا، ولا كراهة فيه، وسبب قول بعض الناس بكراهة الزواج فيه؛ إما بسبب التشاؤم من لفظ “شوال”، وإما لما ورد من وقوع طَاعون في شوال في سَنَةٍ من السنين؛ فمات فيه كثير من العرائس، وكلُّ هذه الأشياء باطلة وغير صحيحة، ولا ينبغي الالتفات إلى شيء منها؛ لما تقرر مِن كونِ الزواج فيه سُنَّة، بالإضافة إلى أن القول بكراهة ذلك تشاؤمًا يُنافي التوكل على الله المأمور به شرعًا.

اقرأ أيضًا:
صليت في الركعة الأولى بسورة الناس ماذا أقرأ في الثانية؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)

هل رفض الزوجة إقامة حماتها معها نشوز؟.. 3 أمور مهمة يكشف عنها عالم بالأزهر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى