السيارات الكهربائية.. حلول لزيادة مدى السير

11:08 ص
الأحد 23 فبراير 2025
برلين – (د ب أ):
تسعى شركات السيارات العالمية إلى زيادة مدى سير الموديلات الكهربائية من خلال الاعتماد على حلول عديدة مثل زيادة كفاءة المحرك وترشيد استهلاك الطاقة واستعادة طاقة الكبح وتحسين خصائص الإيروديناميكية، وذلك بدلا من الاستعانة ببطاريات بسعات أكبر؛ نظرا لأنها تؤدي إلى زيادة وزن السيارة وارتفاع تكلفتها.
وأوضح ماركوس لينكامب، أستاذ هندسة السيارات في الجامعة التقنية بمدينة ميونخ الألمانية، أنه يمكن تحسين استهلاك الطاقة من خلال بعض التعديلات على جانب السيارة، ولكن هناك عدة جوانب يجب مراعاتها، ومنها أن السيارة خفيفة الوزن يكون لديها مقاومة تدحرج منخفضة، كما هو الحال مع الإطارات ذات المقاومة المنخفضة للدوران.
وأضاف البروفيسور الألماني قائلا: “تعمل المكابح ومحامل العجلات ذات الاحتكاك المنخفض على زيادة مدى السير أيضا، كما أن الأجهزة الاقتصادية المستهلكة للطاقة الكهربائية مثل التدفئة ومكيف الهواء والإضاءة يمكن أن تساعد في خفض معدل استهلاك الطاقة الكهربائية”
زيادة كفاءة المحرك
وهناك العديد من الشركات العالمية تعمل على تطوير محرك أكثر كفاءة، ومن المتوقع قريبا أن يصبح معدل الاستهلاك 30 كيلووات ساعة/100 كلم في السيارات الكهربائية، بوزن طنين ونصف، جزءا من الماضي. وتسعى الشركات الأوروبية إلى خفض معدل استهلاك الطاقة الكهربائية بدرجة كبيرة في الأجيال الجديدة من السيارات الكهربائية.
وتقدم بي إم دبليو ومرسيدس خلال هذا العام منصات جديدة للسيارات الكهربائية تمتاز بأنها أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة. وأوضح أوليفر زولكيه، مدير مشروع تطوير بنية MMA بشركة مرسيدس، قائلا: “نحن على مقربة من الوصول إلى معدل 12 كيلووات ساعة لكل 100 كلم، وهو ما يعني أن هذا الموديل يمكن السير لمسافة تصل إلى 750 كلم”.
وأوضح لينكامب أن معظم إمكانيات التطوير حاليا تكمن في المحرك الكهربائي وإلكترونيات الطاقة، وأضاف قائلا: “بشكل عام تعمل المحركات الكهربائية بكفاءة عالية، ويمكن تشغيل المحركات بدرجة فعالية تصل إلى 95%، وهو ما قد يمثل الحد الفيزيائي الأعلى؛ حيث لا يمكن أن يعمل المحرك الكهربائي بكفاءة أكبر من ذلك”.
ويعتبر معدل الاستهلاك 12 كيلووات ساعة/100 كلم بمثابة قيمة مثالية لدورة القيادة WLTP القياسية. وأوضح لينكامب قائلا: “في الحياة الواقعية يصعب الوصول إلى هذا المعدل؛ لأنه يتم تحقيقه مع السير بأحمال وسرعات منخفضة وبدون أجهزة مستهلكة للتيار الكهربائي وفي ظل درجات حرارة متوسطة، ولكن العملاء غالبا ما يقودون سياراتهم الكهربائية بسرعات أعلى، وخاصة على الطرق السريعة وفي ظل الطقس البارد”.
وتؤدي كل هذه العوامل إلى زيادة معدل استهلاك الطاقة الكهربائية، ولذلك فإن معدل 12 كيلووات ساعة/100 كلم يعتبر قيمة متفائلة إلى حد ما، ويعتقد البروفيسور الألماني أن معدل الاستهلاك الحقيقي بصورة جيدة يبلغ 15 كيلووات ساعة/100 كلم.
ويعمل المهندسون في بنية مرسيدس MMA، المقرر طرح أربعة موديلات اعتمادا عليها خلال فصل الخريف المقبل، على تطوير جميع المكونات للوصول إلى معدل منخفض لاستهلاك الطاقة الكهربائية. وأوضح زولكيه قائلا: “ينصب تركيزنا على كفاءة استهلاك الطاقة منذ بداية التطوير؛ لأن الاستهلاك الأقل بمقدار 55 وات يعني زيادة مدى السير بمقدار 1%”.
إطارات ذات مقاومة منخفضة للدوران
وتسعى شركة مرسيدس إلى توفير استهلاك الطاقة بنسبة 10% من خلال استعمال الإطارات ذات مقاومة منخفضة للدوران، كما يضمن ناقل الحركة ثنائي السرعات دوران المحرك الكهربائي بعدد لفات أقل عند السير بسرعات عالية بدءا من حوالي 70 كلم/س، وهو ما يساعد بدوره على التوفير في استهلاك الطاقة.
استعادة طاقة الكبح
علاوة على أنه يمكن إعادة شحن البطارية من خلال الاعتماد على أربعة مستويات لاستعادة طاقة الكبح، وهو ما يحدث عند رفع القدم عند دواسة الطاقة. وأوضح زولكيه قائلا: “يتم تنفيذ جميع مناورات الكبح تقريبا في الحياة اليومية عن طريق استعادة طاقة الكبح، وتعمل هذه الوظيفة بكفاءة خاصة؛ حيث يتم توليد الحد الأقصى للطاقة قبيل انغلاق العجلات، حتى الوصول إلى حد التحكم لنظام المكابح المانع لانغلاق العجلات ABS”.
وأثبتت شركة تسلا منذ سنوات مدى كفاءة تصنيع السيارات الكهربائية؛ حيث يبلغ معدل استهلاك سيارة تسلا Model 3 في دورة القيادة WLTP حوالي 5ر12 كيلووات ساعة/100 كلم، بينما يبلغ معدل استهلاك السيارة Lucid Air Dual Motor Pure RWD من شركة لوسيد موتورز الأمريكية حاليا 13 كيلووات ساعة/100، وهو نفس معدل استهلاك سيارة فيات 500e RED الأصغر حجما.
ولا يعتقد البروفيسور الألماني لينكامب أن معدل استهلاك سيارات الركوب يمكن أن يقل عن 10 كيلووات ساعة/100 كلم؛ لأن ذلك يعتبر الحد الفيزيائي الأقصى.
وتعمل بي إم دبليو مع منصة السيارات للفئة الجديدة على خفض معدل استهلاك الطاقة الكهربائية مع كل مكون في السيارة، ويبدأ ذلك من أنظمة التحكم، التي تطلق عليها بي إم دبليو اسم “الأدمغة السوبر” “Super brains”، فبدلا من وجود الكثير من أجهزة التحكم تعتمد الشركة الألمانية حاليا على أربعة حواسيب مركزية.
وأوضح فرانك فيبر، مدير التطوير بشركة بي إم دبليو، قائلا: “من المهم بالنسبة لنا عدم إهدار أي كيلووات، فلا يوجد شيء أكثر إزعاجا من تطوير بطارية بسعة كبيرة، ثم إهدار الطاقة بسبب عدم الكفاءة”. وتمتاز البطاريات الحالية بأنها تتمتع بسعة كبيرة.
وأكد الخبير الألماني على أنه يتم الاعتماد على جميع مكونات السيارة للحد من معدل استهلاك الطاقة؛ حيث يقوم الحاسوب الموجود في وحدة التحكم بعمليات حسابية للقيادة حتى 1000 مرة في الثانية، وبالتالي فإنه يعمل بشكل أسرع 10 مرات من الأنظمة السابقة، وهو ما يعني أن الأجهزة الإلكترونية القوية والبطارية والمحرك تعمل معا بكفاءة أكبر.
ويستعيد المحرك الكهربائي طاقة الكبح قبيل نطاق التحكم الخاص بنظام المكابح المانع للانغلاق ABS، ويعمل أثناء عمليات الكبح أو اجتياز المنعطفات، وبالتالي يضمن زيادة مدى السير بمقدار 15 كلم تقريبا.
البنية الخفيفة
وعلى الجانب الآخر تلعب البنية الخفيفة دورا ثانويا في السيارات الكهربائية؛ لأن الكتلة، التي يتم تسريعها، يتم استعادتها بشكل جزئي لاحقا في صورة طاقة عن طريق وظيفة استعادة طاقة الكبح، ولذلك فإن الاتجاه نحو خفض وزن السيارة فقد أهميته مع السيارات الكهربائية على عكس الموديلات المزودة بمحركات احتراق داخلي.
وأضاف فيبر قائلا: “لا يزال الوزن الخفيف من العوامل المهمة لديناميكا القيادة، ولكن ليس للكفاءة المجردة”. وبدلا من السعي نحو خفض وزن السيارة ينصب اهتمام التطوير في كل نطاق حاليا على معدل استهلاك الطاقة بوحدة وات في الساعة.
تحسين الإيروديناميكية
وتعتبر الإيروديناميكية (الديناميكا الهوائية) من العوامل المهمة لكفاءة الطاقة في السيارات الكهربائية؛ حيث تزداد مقاومة الهواء بشكل تربيعي مع السرعة، ويمكن ملاحظتها بوضوح خارج حدود المدينة.
وأضاف لينكامب قائلا: “مع السرعات العالية تشكل الإيروديناميكية الجيدة ما يزيد على 60% من معدل استهلاك الطاقة”. وتقلل المركبات الطويلة ذات المقدمة الصغيرة، مثل موديلات الصالون، مُعامل السحب إلى ما يقرب من القيمة المثالية والتي تبلغ 20ر0.
ومن جهته، أوضح نادي السيارات ADAC الألماني أنه يمكن لأصحاب السيارات الكهربائية ترشيد استهلاك الطاقة بنسبة تصل إلى 20%، ومن ثم زيادة مدى السير من خلال اتخاذ بعض التدابير المهمة، ومنها الاستخدام المكثف لوظيفة استعادة طاقة الكبح والقيادة الحذرة الكاشفة للطريق، مع استعمال الأجهزة المستهلكة للتيار بدرجة أقل مثل التدفئة وتدفئة المقاعد وتدفئة المقود ومكيف الهواء.