مقالات

صورة صلاح تثير جدل كل عام.. تهنئة المسيحيين بأعيادهم بين فتاوى البر والتحريم



03:28 م


الجمعة 27 ديسمبر 2024

كـتب- علي شبل:

في مثل هذا التوقيت من كل عام، أثارت صورة اللاعب محمد صلاح، نجم ليفربول والمنتخب المصري، جدلا واسعا وهو يحتفل مع عائلته بالكريسماس، وفجرت الصورة جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، بين مؤيد يستند إلى فتاوى الجهات الرسمية ممثلة في الأزهر والإفتاء، وآخر معارض يعتقد في صحة آراء بعض شيوخ السلفية التي تحرم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم.

فتاوى التحريم

بحلول الاحتفال بالكريسماس كل عام تخرج مجموعة من الفتاوى تحرِّم الاحتفال به وبأي مظهر من مظاهره، حيث يرى بعض شيوخ السلفيين أن “ارتكاب كافة الكبائر أهون من تهنئة المسيحيين”، ومن تلك الفتاوى التي تصدت لها دار الإفتاء المصرية، فتوى “حسين مطاوع” الداعية السلفي حيث قال: “إذا كنا نقول ببدعية الاحتفال بالمولد النبوي وننكر على مَن يحتفل به لمخالفة ذلك سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم وفعل صحابته والتابعين من بعده، فكيف بمن يشارك النصارى احتفالهم بميلاد ابن الرب؟!”.

وكذلك رصد المؤشر العالمي للفتوى، التابع لدار الإفتاء المصرية، في بيان سابق، فتوى السلفي المصري “سامح عبد الحميد”، والتي قال فيها: “يجوز تهنئة المسيحيين بمناسباتهم الدنيوية وليس الدينية، والكريسماس من جملة شعائرهم الدينية، والمشاركة فيه حرام ومنكر عظيم، ويحرُم الاشتراك فيه بأي شكل؛ فلا يجوز تقديم الهدايا، وتبادل التهاني”.

كما أفتت “الدعوة السلفية في مدينة صبراتة الليبية” فقالت: “أن يرتكب المسلم جميع الكبائر مجتمعةً أهون عند الله من أن يُهنِّئ النصراني بعيده”.

شيخ الأزهر يحسم الجدل في تهنئة غير المسلمين بأعيادهم

وفي مقطع فيديو يحسم الجدل في تلك المسألة، أوضح الإمام الأكبر شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، حكم «تهنئة غير المسلمين بالأعياد»، مؤكدا «شرعية» التهنئة وعدم مخالفتها للشريعة.

وقال شيخ الأزهر، خلال مقطع الفيديو الذي سبق أن أذيع على القناة الأولى للتلفزيون الرسمي، في وقت سابق، إن «من البر الذي دعانا إليه الإسلام، تهنئةَ غير المسلمين بأعيادهم». وأضاف أن «ما يدعيه (المتشددون) من تحريم التهنئة، هو جمود وانغلاق؛ بل افتراء على مقاصد شريعة الإسلام، وهو من باب الفتنة التي هي أشد من القتل، ومن باب الأذى لغير المسلمين».

وتابع فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر أنه «ليس في تهنئة غير المسلمين أي مخالفة للعقيدة كما يدعى (المتشددون)». ودعا الطيب خلال البرنامج، المسؤولين، إلى «منع المواد الإعلامية الحاملة لهذا الفكر (أي الفكر المتشدد الذي يُحرم تهنئة غير المسلمين)، والتي تنشط في مناسبة الأعياد المقدسة عند غير المسلمين، وذلك لما تحدثه من توتر وكراهية (مكتومة) بين أبناء المجتمع الواحد».

رأي الإفتاء في مظاهر الاحتفال وتهنئة المسيحيين بعيد الميلاد

وحول حكم الاحتفال بالعام الجديد وتهنئة المسيحيين بعيد الميلاد، ومشاركة مظاهر الاحتفال، أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، أن الاحتفال برأس السنة الميلادية المؤرخ بيوم ميلاد سيدنا المسيح عيسى ابن مريم على نبينا وعليه السلام، بما يتضمنه من مظاهر الاحتفال والتهنئة به: جائز شرعًا، ولا حرمة فيه؛ لاشتماله على مقاصد اجتماعية ودينية ووطنية معتدٍّ بها شرعًا وعرفًا؛ من تذكر نعم الله تعالى في تداول الأزمنة وتجدد الأعوام.

ولفت المفتي السابق، في بيان فتواه عبر بوابة الدار الرسمية، إلى أن “الشريعة أقرت الناس على أعيادهم لحاجتهم إلى الترويح عن نفوسهم، ونص العلماء على مشروعية استغلال هذه المواسم في فعل الخير وصلة الرحم والمنافع الاقتصادية والمشاركة المجتمعية، وأن صورة المشابهة لا تضر إذا تعلق بها صالح العباد، ما لم يلزم من ذلك الإقرار على عقائد مخالفة للإسلام، فضلًا عن موافقة ذلك للمولد المعجز لسيدنا المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، الذي خلّده القرآن الكريم وأمر بالتذكير به على جهة العموم بوصفه من أيام الله، وعلى جهة الخصوص بوصفه يوم سلام على البشرية”.

وأضاف علام، في الفتوى أن “النبي صلى الله عليه وآله وسلم أَوْلَى الناس بسيدنا المسيح صاحب هذا المولد المبارك، مع ما في ذلك من تعظيم المشترك بين أهل الأديان السماوية، فضلًا عن عقد المواطنة الذي تتساوى فيه الحقوق والواجبات، وكلما ازدادت الروابط الإنسانية تأكدت الحقوق الشرعية؛ فالمسلمون مأمورون أن يتعايشوا بحسن الخلق وطيب المعشر وسلامة القصد مع إخوانهم في الدين والوطن والقرابة والجوار والإنسانية ليُشعِروا مَن حولهم بالسلام والأمان، وأن يشاركوا مواطنيهم في أفراحهم ويهنئوهم في احتفالاتهم، ما دام أن ذلك لا يُلزِمهم بطقوسٍ دينيةٍ أو ممارسات عبادية تخالف عقائد الإسلام”.

اقرأ أيضًا:

“صلوا كما رأيتموني أصلي”.. تعرف على مكروهات الصلاة حتى يكتمل الثواب

قصة امتحان أهل بغداد للإمام البخاري.. ماذا فعلوا وكيف كان رده ولماذا ألّف كتابه؟

3 أمور واجبة على التاجر.. الإفتاء توضح حكم إضافة المصنعية على مشغولات الذهب والفضة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى