علي جمعة يحذر من قضاء ساعات الصيام في الجو الإبليسي: لا تنشغلوا في رمضان بغير القرآن

04:32 م
الأحد 16 مارس 2025
كتب – علي شبل:
حذر الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، من تضييع عظيم الثواب في شهر رمضان المبارك، خصوصاً بتضييع الوقت ساعات الصيام وإهداره فيما لا يعود على المسلم بالخير والأجر كأداء المزيد من الطاعات وفعل الخيرات.
يقول فضيلة المفتي الأسبق إننا ما زلنا نعيش في تلك النفحات الربانية والمنح الصمدانية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «إن لربكم في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها» [رواه الطبراني في الأوسط].
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال «التمسوا الخير دهركم كله وتعرضوا لنفحات رحمة الله فان لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده واسألوا الله أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم» [رواه ابن أبي شيبة في مصنفه].
وأضاف جمعة، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك: ما زلنا نعيش في شهر القرآن، فلا ينبغي للمسلم أن ينشغل في رمضان بعلم غير القرآن، فارجعوا إلى القرآن واحتموا بحماه، واقرأوه واسمعوه بالليل والنهار، واختموه مرات من بعد مرات. حتى وإن لم يفهم المسلم معاني بعض الكلمات فهو يقرأ ويحصل الثواب، وإن لم يخشع قلبه فيقرأ ويستمع للقرآن، فإن فهم المعنى وخشع القلب فذاك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وأضاف عضو هيئة كبار العلماء: نستلهم من آيات القرآن في هذا الشهر سمة من سمات القرآن ومن سمات الإسلام والمسلمين، يقول تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة :185] فيقول تعالى «وبينات من الهدى والفرقان» في إشارة إلى سمة من سمات القرآن الكريم وهي الوضوح والصراحة، فالله سبحانه وتعالى لا يحب الخيانة ولا الكذب والخداع، قال تعالى : ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ﴾ [الأنفال :58]، وقال سبحانه : ﴿وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى كَيْدَ الخَائِنِينَ﴾ [يوسف :52]. وقال سبحانه : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال :27].
وقد أسمى الله القرآن بيانا، قال تعالى : ﴿هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران :138].
وجعل القرآن مبينا لكل شيء وهدى ورحمة، قال تعالى : ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ [النحل :89].ومنَّ علينا ربنا بأنه علمنا البيان، قال تعالى: ﴿الرحمن * عَلَّمَ القُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ البَيَانَ﴾ [الرحمن :1 : 4].
وتابع جمعة: فالمسلم واضح لا غموض فيه، ولا خبث ولا مكر، وغير المسلمين من المجرمين يمكرون، والله توعدهم في كتابه فقال تعالى : ﴿سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ﴾ [الأنعام :124].
وأكد أن القرآن هدى للناس، والقرآن بينات، والقرآن فرقان والله سبحانه وتعالى يحب الفرقان بين الحق والباطل، ويعلم المسلم أن الله كره لنا طريق أهل الكتب الذين تعمدوا الخلط والتلبيس، فقال تعالى : ﴿يَا أَهْلَ الكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران :71].
وتابع جمعة: فترى اليهود إلى اليوم يحبون التلبيس وقلب الحقائق ويسمون الهزيمة نصرا، ويسمون النصر هزيمة، ويسمون الحق باطلا، ويسمون الباطل حقًا هذا شأنهم في تصريحاتهم وفي إعلامهم وفي كل ما يصدر عنهم، ولذا استحقوا لعنة ربنا، قال تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا﴾ [النساء :52].
وأشار فضيلة المفتي الأسبق إلى أن رمضان فرصة عظيمة لإصلاح النفس والحال مع الله، والعودة إلى الفرقان والوضوح، فتكون فارقا بين الحق والباطل، جامعا لخصال الخير، نبيلا في صفات الأخلاق، وهذه أخلاق ميسورة ييسرها الله على من أراد قال تعالى : ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ﴾ [البقرة :185] فهذه الأخلاق ميسورة لأن الله قد أرادها بنا، فهذه الآية هي عنوان شريعتنا، فاليسر ورفع الحرج، والمشقة تجلب التيسير، هذه القواعد والمبادئ نتذكرها في رمضان والناس تجوع لله، وترك عاداتها لله، وتعيش في هذا الجو الذي نرجو أن يكون جوا رحمانيا وليس جوا شيطانيا كما أراده الألبالسة لله.
فاحذر أيها المسلم أن تقضي ساعات صيامك في الجو الإبليسي بحجة تسلية الصيام، سلي صيامك بذكر الله، والدعاء واعلم أن الله حرم عليك ما أباحه في غير الصيام من الطعام والشراب والشهوة المباحة، فمن باب أولى أن تتجنب ما حرمه عليه ولم يبحه في وقت من الأوقات كالنظر إلى المحرمات والإثارة والضجيج هناك وهناك.
ويعقب الله آيات الصيام بآية الدعاء، قال تعالى : ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى وَلْيُؤْمِنُوا بِى لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة :186]، وفيها إشارة ربانية لطيفة إلى مكانة الدعاء بصفة عامة، ومكانته في رمضان بصفة خاصة، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «للصائم عند فطره دعوة مستجابة» [رواه النسائي].
وختم جمعة، لافتا إلى انه لا يخفى على كل مسلم ما يحدث لأمتنا من إهانة وظلم وقتل، وانتهاك للحرمات، وتدنيس للمقدسات، فينبغي لكل مسلم أن يتذكر المستضعفين من إخوانه المسلمين في كل مكان ويدعو لهم بالنصر والتمكين والأمن والاستقرار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
اقرأ أيضًا:
من أين يبدأ المسافر في الأخذ بِرُخص السفر في الفطر وقصر الصلاة؟.. مجدي عاشور يجيب
هل النظر لإمرأة غير محتشمة يعتبر زنا بالمعنى الحرفي؟.. علي جمعة يوضح
أول وآخر وقت لأداء صلاة الضحى.. تكشف عنه الإفتاء