علي جمعة يرصد خصائص وفضائل شهد بها الواقع لسيدنا النبي: (7) نزاهة جهاده وجهاد أمته ﷺ
06:21 م
الإثنين 04 نوفمبر 2024
كـتب- علي شبل:
رصد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، بعضا من الخصائص والفضائل مما شهد بها الواقع لسيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وأوضح جمعة أن من تلك الخصائص والفضائل يأتي سابعا: نزاهة جهاده وجهاد أمته، قائلًا: إذا تكلمنا عن سيدنا رسول الله ﷺ باعتباره قائدًا مجاهدًا شجاعًا نبيلاً، ونراه ﷺ وهو يعلم قواد الجيوش في العالم بأسره حقيقة الحروب، وكيف تدار، ومتى تبدأ وكيف تنتهي، وبالاطلاع على الحقائق التاريخية يتأكد ذلك المعنى، ومن هذه الحقائق: أنه ﷺ لم يسع إلى الحروب وإنما فرضت عليه بسبب الاعتداء عليه، أو رغبة الظلم والعدوان، أو محاربة دين الله والآمنين، فقد فرض عليه ﷺ طوال قيادته للدولة الإسلامية اثنان وثمانون تحركا عسكريا، لم ينشب القتال في ستين منها، وخمس تحركات لم يقتل غير المسلمين، ومجموع القتلى والشهداء من الفريقين 1004 أشخاص منهم 252 شهيدا مسلما والباقي من المشركين.
وأضاف جمعة، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، أن هذه الأرقام ليست من الفظاعة حتى تجبر العالم بأسره أن يخشى من الإسلام ويدخل فيه خوفا من السيف، بل إن عدد قتلى حوادث السيارات في عام واحد في أي مدينة كبيرة يفوق هذا العدد.
ولفت فضيلة المفتي السابق إلى أن ذلك يؤكد أنه ﷺ لم يكن الخيار الأول عنده القتال، وكان يبتعد عن القتال قدر استطاعته حتى لا يجد من القتال بدا بأن يدافع عن نفسه وينصر المظلومين وينشر الإسلام.
وقد أنتجت هذه الحروب نحو ستة آلاف وخمسمائة أسير عفا رسول الله ﷺ عن ستة آلاف وثلاثمائة أسير، ولم يأسر ويستمر الأسر إلا على مائتين، فكانت حروبه ﷺ رحمة للعالمين، وهو سيد ولد آدم ولا فخر.
وبذلك الخلق وتلك الأرقام- يقول جمعة- يعلمنا رسول الله ﷺ كيف نجاهد جهاد النبلاء، كيف نكون أتقياء مراقبين لله حتى في ظل احتدام المعركة، كيف نذكر الله في كل وقت وخاصة في وقت الجهاد، وقد اكتنف جهاده ﷺ حقائق كثيرة ينبغي أن يعلمها المسلمون، فمن كان يجاهد؟ وكيف كان تواضعه ولجوءه إلى ربه في أصعب الأوقات؟ وكيف صار أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ بعده على هديه في الجهاد؟
وقد واصل الصحابة الكرام مسيرة نبيهم ﷺ في نشر الإسلام، والدعوة إلى الله على بصيرة، وبالحكمة والموعظة الحسنة، وكانوا لا يلجئون إلى القتال إلا إذا فرض عليهم من قوى العالم المتجبرة.
وأكد عضو هيئة كبار العلماء أنه لم ينشر المسلمون دينهم بالسيف، وقد شهد بذلك المنصفون من أبناء الحضارة الغربية، فهذا المستشرق الفرنسي جوستاف لوبون في كتابه (حضارة العرب) – وهو يتحدث عن سر انتشار الإسلام في عهده ﷺ وفي عصور الفتوحات من بعده -: «قد أثبت التاريخ أن الأديان لا تفرض بالقوة…، ولم ينتشر القرآن إذن بالسيف بل انتشر بالدعوة وحدها، وبالدعوة وحدها اعتنقته الشعوب التي قهرت العرب مؤخرا كالترك والمغول، وبلغ القرآن من الانتشار في الهند التي لم يكن العرب فيها غير عابري سبيل ما زاد عدد المسلمين على خمسين مليون نفس فيها».
وتابع فضيلة المفتي السابق: نسجل شهادة الكاتب الغربي الذي يدعى (توماس كارليل)، حيث قال في كتابه «الأبطال وعبادة البطولة» ما ترجمته: «إن اتهامه ـ أي سيدنا محمد ـ بالتعويل على السيف في حمل الناس على الاستجابة لدعوته سخف غير مفهوم ؛ إذ ليس مما يجوز في الفهم أن يشهر رجل فرد سيفه ليقتل به الناس، أو يستجيبوا له، فإذا آمن به من يقدرون على حرب خصومهم ، فقد آمنوا به طائعين مصدقين، وتعرضوا للحرب من غيرهم قبل أن يقدروا عليها».
إن من يقرأ التاريخ ويلاحظ انتشار الإسلام على مر العصور يعلم أن الإسلام لم ينتشر بالسيف، بل انتشر بطريقة طبيعية لا دخل للسيف ولا القهر فيها، وإنما بإقامة الصلات بين المسلمين وغيرهم وعن طريق الهجرة المنتظمة من داخل الحجاز إلى أنحاء الأرض.
اقرأ المزيد:
وصفة قرآنية للنبي لتجاوز ضيق الصدر.. يكشف عنها البحوث الإسلامية