في ذكرى المولد النبوي.. 5 أسئلة جدلية ومثيرة عن الاحتفال بالمولد تجيب

02:21 م
الأربعاء 03 سبتمبر 2025
كتب – علي شبل:
يترقب المسلمون في مختلف أنحاء العالم حلول ذكرى المولد النبوي الشريف، في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول، والتي تُعد من أهم المناسبات الدينية في الوجدان الإسلامي، ومع اقترابها يتزايد الاهتمام بمعرفة حكم الاحتفال بتلك الذكرى العطرة، ومظاهرها المختلفة، حيث تحمل هذه الذكرى في طياتها معاني المحبة والرحمة والاقتداء بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وتشهد ذكرى الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من الجدل حول مشروعية الاحتفال ومظاهره من جلسات الذكر والمديح وتوزيع الحلوى والتهادي بالطعام، وهو ما كشفته دار الإفتاء المصرية في أكثر من فتوى تؤكد مشروعية الاحتفال وتوافقه مع الشرع، وقد تصدت الإفتاء للرد، عبر صفحاتها الرسمية، على تلك الأسئلة الجدلية المثيرة حول الاحتفال ومشروعيته، ومن تلك الأسئلة:
1- قالوا: هل الاحتفال بالمولد عبادة وطاعة تُقرِّب إلى الله؟
تقول الإفتاء: نعم، الاحتفال بذكرى المولد النبوي العظيم عبادة وطاعة تقرِّب إلى الله تعالى؛ فمعنى الاحتفال هو: إظهار الفرح والسرور، ومعنى العبادة هو: أداء الأقوال أو الأفعال التي يُقصد بها القربة لله تعالى؛ سواء كان ذلك بالفرائض؛ مثل الصلاة والصيام والزكاة، أو النوافل مثل الصدقات وذِكر الله وجميع أوجه البر.
فالاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف هو إظهار الفرح بنعمة الله المتمثلة في بعثة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رحمة للعالمين؛ وقد قال تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [يونس: 58]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: “فضلُ الله: العلمُ، ورحمتُه: مُحَمَّد صلى الله عليه وآله وسلم”. وذلك الاحتفال يكون بالصيام أو الصدقات أو الذكر وتلاوة القرآن، وكل ذلك من جنس العبادات المأمور بها شرعًا.
2- قالوا: هل احتفل الرسولُ صلى الله عليه وسلم بمولده؟ وكيف؟
تقول الإفتاء: نعم، احتفل الرسول صلى الله عليه وسلم بمولده الشريف، وهذا ثابت بالسُّنة؛ فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه أنه سُئِل عن صوم يوم الإثنين، فقال: «ذاكَ يَومٌ وُلِدتُ فيه» أخرجه مسلم، ففضَّل النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بيان علة الصوم على بيان حكمه الشرعي؛ للإشعار بفضل صوم يوم مولده العظيم.
واحتفل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذكرى مولده الشريف بالصيام؛ فقد سُئِل عن صوم يوم الإثنين، فقال: «ذاكَ يَومٌ وُلِدتُ فيه» أخرجه مسلم.
3- قالوا: مَن الذي كان يقرأ المولد من الصحابة؟
تقول الإفتاء: إن طرح السؤال بهذه الطريقة فيه إيهام شديد على عوام الناس بأن قصة المولد النبوي الشريف لم يكن لها أصل في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والحق أن يقال: هل قصة المولد النبوي لها أصل في الدين؟
والجواب- تقول الإفتاء: إن قصة المولد النبوي الشريف ما هي إلا سرد خالص لجزء من سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، هذا الجزء متعلق بفترة زمنية تبدأ من إرهاصات (ممهدات) مولده الشريف مرورًا بذِكر معجزات وقعت في فترة حمل السيدة آمنة رضي الله عنها به صلى الله عليه وآله وسلم وختامًا بذِكر لحظة مولده المبارك مع ذكر مجموعة من صفاته وكمالاته البشرية، ما يجعلنا نقول إن قصة المولد بشكل عام نوع من ذكر محاسنه وشمائله ومعجزاته صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا له أصل عظيم في الدين، فقد مدحه الله تعالى فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]، وقد مدح نفسه فقال: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر»، ومدحه جمع من الصحابة رضي الله عنهم ولم ينكر النبي على أحد منهم ذلك، مثل سيدنا حسان بن ثابت وكعب بن زهير وأم معبد والعباس عم النبي، وهذا مما لا يخفى على أحدٍ.
وما دامت قصة المولد بهذه الحال، فما المانع من ذِكرها وسردها في يوم مولده المنيف؛ وقد ألَّف فيها جماعةٌ من العلماء الذين لا يشق لهم غبار؛ ومنهم: الحُفَّاظ: ابن دحية، والعز، والعلائي، والعراقي، وابن ناصر الدين الدمشقي، والناجي، والسيوطي، وابن كثير.
-4 قالوا: أين كان يحتفل النبيُّ صلى الله عليه وسلم في مكة: داخل الحرم أم خارج الحرم؟ وأين كان يحتفل في المدينة حدد المكان؟ وهل ساحة المولد كانت خاصة بالرجال دون النساء أو الرجال والنساء جميعًا؟
تقول الإفتاء: العبرة ليست بمكان الاحتفال إنما العبرة بمشروعية الاحتفال، فالاحتفال بذكرى المولد النبوي أمر مشروع بالكتاب والسُّنة وعمل الأمة، فما الذي يفيده المكان؟!
ويجب تنزيه الصحابة رضي الله عنهم عنه وإلا وقع السائل في حرج عقدي عظيم الخطر! مع رفضنا القاطع لما يحدث في بعض الاحتفالات -في عصرنا هذا- من الاختلاط المحرم شرعًا.
وحتى نشفي صدر السائل نقول: إذا كان الاجتماع على ذِكر النبي والاحتفاء به له أصل، وهو خروجهم لاستقباله في المدينة عند الهجرة والإحاطة به حتى وصوله إلى الموضع الذي بركت فيه ناقته.
5- قالوا: هل كانت تُضرب الموسيقى والطبول؟
تقول الإفتاء: لقد كان استخدام الدف في عصر النبوة أمرًا مشهورًا للإعلان عن الفرح والسرور في المناسبات الاجتماعية، وكان مستخدمًا في كثير من الاحتفالات بحضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كالعيدين مثلًا ولم ينكره النبي، أما غير ذلك من الآلات فلم يكن معروفًا أو مشهورًا. ومع ذلك، فإن تلك الآلات الموسيقية المذكورة أو غيرها هي مجرد جمادات تصدر أصواتًا بفعل مستخدمها
إن غاية ما هنالك أنه إن استُخدمت تلك الآلات في غناء مشتمل على محرم كتهييج الغرائز أو إثارة الشهوات مع مقارعة الخمور أو المسكرات ومشاهدة المحرمات فالأمر كله حرام شرعًا، لا لذات الآلات، بل لما اشتمل عليه فِعل الناس من المحرمات، أما إذا ما استخدمت فيما أحلَّه الله كالمدائح النبوية أو الإنشاد الديني أو الأغاني الوطنية وما يماثلها فلا مانع من ذلك شرعًا، لا لذات الآلات أيضًا بل لما اشتمل عليه فعل الناس من المباحات، فظهر بذلك أن الآلات في ذاتها لا حكم لها إنما الحكم يتعلق بفعل المكلف نفسه.
اقرأ أيضاً:
ما حكم الإشارة بإصبع السبابة اليُمنى وتحريكها في الصلاة؟.. الإفتاء توضح
كيف ترى النبي في المنام؟.. 5 خطوات يكشف عنها عمرو خالد
خلاصة القول في حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.. يكشف عنه مجدي عاشور