مقالات

كيف نخرج الدنيا من قلوبنا؟.. علي جمعة يضع روشتة ربانية للنجاة والثبات



12:33 م


الأربعاء 13 أغسطس 2025

كتب – علي شبل:

وجه الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، عدة نصائح إيمانية بمثابة روشتة ربانية للنجاة في زمن الفتن وإخراج حب الدنيا من القلوب والتعلق بسفينة الإيمان والثبات على الحق.

ويقول الدكتور علي جمعة إن ربنا -سبحانه وتعالى- يعلمنا كيف نخرج الدنيا من قلوبنا ونجعلها فى أيدينا, ويعلمنا –سبحانه- ألا نوقر الوهن فى قلوبنا، فنخشى الموت ونحب الدنيا. ولا يمكن أن نخرج مما نحن فيه إلا بعكس ذلك تمامًا: أن نخرج الدنيا من قلوبنا، وأن نجعلها فى أيدينا.

وأضاف فضيلة المفتي الأسبق مستشهدًا بقول ربنا -سبحانه وتعالى- وهو يدفعنا إلى الآخرة، لمن فقه عنه مراده: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.

وأوضح: {تِلْكَ} اسم إشارة، يشير به إلى رفعة شأن الآخرة وعظم قدرها، {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ} – وسماها الآخرة – أى أنه ليست بعدها دار، فإن كانت الدنيا جسرًا فإنما هى جسر للآخرة. وفى الأخرة يصدق عليك قول الشاعر:

وألقت عصاها واستقر بها النوى .. كما قر عيناً بالإياب المسافر

ويتابع جمعة، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك: فأنت في هذه الدنيا مسافر؛ تحتاج إلى زاد من العمل الصالح حتى تستقر عند ربك فى ذلك اليوم الآخر الذى لا يتلوه يوم آخر. وقد استعملت الكلمة هنا فى صريح معناها وكنايتها؛ فالدار فى اليوم الآخر هي الدار الآخرة، لأنها آخر الدور، وهى الحيوان أي الدار الحقيقة الباقية، حيث الخلود الذي لا موت فيه.

وأضاف عضو هيئة كبار العلماء: في قوله تعالى {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا} جَعْلُ الله –سبحانه- حَقٌّ لا يتخلف أبدًا، كما قال: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}، وقال: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا } فالجَعْلُ من الله حكم مقضى، وأمر لا رجعة فيه. وقد حكم الله على الدنيا بالدنو وبالدناءة، وحكم على الآخرة بأنها هى دار المتقين، ودار السلام، ودار الحقيقة، والحيوان.

وبين جمعة أن هذا هو مراد الله أيها المسلم، فاختر ما شئت: اختر دنيا فانية، أو آخرة باقية. اختر بين مراد الله ومراد أهل الشهوات، بين دنيا محدودة مضى لك منها سنوات، واقترب أجلك – سواء أكنت شابًا أو شيخًا- وبين آخرة جعلها الله لمن لا يريد علوًا فى الأرض ولا فسادًا.

وتابع فضيلة المفتي الأسبق: فمن أراد العلو والفساد فقد ينال شيئًا من ذلك في الدنيا، لا لعزٍ له فيها، بل لذلٍ له فى الآخرة، فاثبت على الحق, وافهم أن مراد الله أن يُمكن لبعض الكافرين فى الأرض بعض الوقت، ثم بعد ذلك يمكن المؤمنين، كما قال تعالى: { الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}. ويُمكّن لبعض الكافرين فى الأرض حتى تقوم عليهم الحجة: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}، وحتى تعلم -أيها المسلم- كيف دينك وكيف كفرهم، فهم يريدون علوًا وفسادًا، وقتلًا وتشريدًا وحصارًا، والله يريد منك أن تطبق كلمته.

حين قامت الحروب الصليبية وجاء المعتدون من أقطار الأرض على بلادنا وأعراضنا وديننا ومقدساتنا، كانت تجارة الهند تمر بالشام ومصر تحت سيطرة المسلمين، وكانوا قادرين على أن يفرضوا حصارًا قاتلًا على أوربا، لكنهم تذكروا قول النبي ﷺ في شأن امرأة دخلت النار فى هرة حبستها، لا هى أطعمتها ولا هى تركتها تأكل من خشاش الأرض.

فلم يحاصروا الشعوب، ولم يقطعوا عنهم التجارة، لأنهم علموا أن القتال في الإسلام نُبل، وأنه قتال في سبيل قضية، لا انتقامًا ولا إبادة. وفي التاريخ الإسلامي لم ندمر شعبًا، ولم نمتهن إنسانًا.

وختم الدكتور علي جمعة: أقول هذا لأن الوعى أول السعى.. فينبغى عليك -أيها المسلم- أن تفهم دينك وتعتز به فى العالمين، وتعلم أن أجدادك فهموا عن الله، ونقلوا لك الدين غضًا طريًا، وصبروا على الأذى، فاستمر الإسلام وانتشر حتى من غير دعوة مباشرة، لأنه دين نظيف جميل رحيم، آخر رسالة من الله للعالمين؛ فمن اتبعها فبها ونعمت، ومن أعرض فإن الله غنى عن العالمين.. {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.

اقرأ أيضاً:

أمين الفتوى: لا يجوز كتابة كل المال للبنات إذا كان فيه حرمان للورثة (فيديو)

زوجتي مريضة ولن تستطيع الإنجاب فهل يجوز التبرع لها بالبويضات؟.. عالم أزهري يوضح

ما حكم من يقول لمن يريد الزواج منها “تزوجتُك شهرًا” وهل يصح هذا الزواج؟.. المفتي يرد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى