ليس الفقراء فقط.. أغنياء أمريكا يتجهون نحو السيارات الرخيصة – تحقيق
ديترويت – (أ ب):
لو كانت ميشيل تشوملي أرادت شراء سيارة رياضية متعددة الأغراض (إس يو في)، جديدة ذات السعر الباهظ والاختيارات الكثيرة، لفعلت ذلك.
ولكن عندما آن أوان استبدال سيارتها طراز شيفروليه بليزر، ذات الدفع الرباعي، والتي دفعت فيها نحو 40 ألف دولار قبل ثلاث سنوات، اختارت تشوملي سيارة أصغر، وأقل ثمنا.
واشترت تشوملي سيارة الدفع الرباعي المدمجة شيفروليه تراكس في يونيو الماضي، لتنضم بذلك إلى عدد متزايد من المستهلكين الذين أقبلوا على شراء سيارات في نطاق دون المتوسط، يتراوح بين 20 ألف دولار، و30 ألف دولار، وذلك هو القطاع الأسرع نموا في سوق السيارات الجديدة بأمريكا.
وقالت الممرضة تشوملي، التي تبلغ من العمر56 عاما، والتي تقيم خارج أوكسفورد بولاية أوهايو، قريبا من سينسيناتي: “لست بحاجة إلى هذه السيارة الكبيرة، وإلى دفع كل هذه الأموال على الوقود”.
ويقول محللو صناعة السيارات إن “التحول في القدرة على تحمل التكاليف” بدأ يتأصل. ويقود هذا الاتجاه أشخاص يشعرون بأنهم لم يعودوا يستطيعون شراء سيارة جديدة تكلفهم ما يقرب من متوسط سعر البيع حاليا، والذي يربو على 47 ألف دولار- في قفزة تزيد بواقع 20٪ عن المتوسط قبل كوفيد-.19
ومن أجل شراء سيارة جديدة بهذا السعر، يتعين على المشتري العادي إنفاق 737 دولارا شهريا، إذا ما تلقى تمويلا بمتوسط سعر الفائدة الحالي على القروض، والبالغة 7.1%، لمدة تقل قليلا عن ست سنوات قبل أن يتم سداد ثمن السيارة، وذك وفقا لموقع “إدموندز دوت كوم”، لأبحاث وأسعار السيارات. وهذا أمر بعيد المنال من الناحية المادية بالنسبة لكثيرين.
ورغم ذلك، هناك زبائن آخرون، مثل تشوملي، يستطيعون تحمل العبء المادي، غير أنهم قرروا أن الأمر لا يستحق هذه التكلفة. وقد أجبر هذا الاتجاه شركات صناعة السيارات الأمريكية على إعادة تقييم استراتيجياتها الخاصة بالمبيعات والإنتاج.
وفي ظل الأسعار التضخمية والفائدة المرتفعة على القروض التي تواجه المستهلكين، زادت مبيعات السيارات الأمريكية الجديدة بنسبة 1%، فقط خلال شهر سبتمبر الجاري، مقارنة بالشهر المقابل من العام الماضي.
وحال ثبت أن الاتجاه نحو شراء السيارات ذات الأسعار المنخفضة سيكون أمرا دائما، من شأن الخصومات الأكثر سخاء أن تسفر عن تراجع متوسط أسعار السيارات وتباطؤ أرباح الصناعة.
ويقول كيفن روبرتس، مدير معلومات السوق لدى موقع “كار جوروس”، للتسوق في مجال السيارات: “صار المستهلكون أكثر حكمة في وقت يواجهون فيه الغموض الاقتصادي، وأسعار الفائدة التي لا تزال مرتفعة، وأيضا أسعار السيارات المرتفعة… ويحدث كل النمو فيما نراه مجموعات أسعار معقولة”.
وفي ظل الضغوط التي تواجهها الشركات للإفراج عن الطرازات الأكثر تكلفة، لجأت إلى خفض أسعار البيع على العديد منها، إلى حد كبير عبر تقديم مزيد من الخصومات.
وتضاعف متوسط الحافز لكل سيارة تقريبا العام الماضي، ليصل إلى 1.812 دولارا، بحسب موقع “إدموندز”. وقالت شركة جنرال موتورز إنها تتوقع انخفاض متوسط سعر البيع بواقع 1.5% خلال النصف الثاني من العام.
وبحسب تقديرات روبرتس، من موقع “كار جوروس”، زادت مبيعات السيارات الجديدة للأفراد بنسبة 7%، مع استبعاد المبيعات لشركات التأجير والأساطيل التجارية الأخرى.
وجاء 43٪ من معدل هذا النمو في النطاق السعري الذي يتراوح بين 20 ألفا و30 ألفا- وهي أكبر حصة لهذه الفئة السعرية خلال أربع سنوات على الأقل. (أما بالنسبة للسيارات المستعملة، فقد كان التحول أكثر وضوحا: نمو المبيعات بنسبة 59٪ في النطاق السعري الذي يتراوح بين 15 ألف دولار و 20 ألف دولار خلال هذه الفترة).
وبحسب بيانات شركة “كوكس اوتوموتيف”، زادت مبيعات السيارات الصغيرة والمتوسطة وسيارات الدفع الرباعي من ماركات السيارات الرئيسية على نحو أسرع من أي عام سابق، منذ عام 2018.
يشار إلى أن المكاسب من مبيعات السيارات ذات الأسعار المعقولة تشكل في جزء منها عودة إلى النمط الذي كان موجودا قبل كوفيد-19.
وفي عام 2018، كانت السيارات المدمجة والصغيرة الحجم – عادة ضمن المركبات الأكثر شعبية ذات الأسعار المعتدلة – تشكل قرابة 35٪ من مبيعات السيارات الجديدة في الولايات المتحدة.
وأخذت هذه النسبة في التراجع خلال 2020، عندما تسبب الوباء في نقص رقائق الكمبيوتر على المستوى العالمي، وهو ما أجبر شركات صناعة السيارات على إبطاء عمليات الإنتاج وتخصيص أشباه الموصلات النادرة للشاحنات الأكثر تكلفة وسيارات الدفع الرباعي.
وفي ظل إقبال العملاء، بشكل متزايد، على هذه السيارات ذات الأسعار الأعلى، سجلت الشركات نموا قويا في أرباحها.
وفي الوقت نفسه، أٌقرت هذه الشركات بأن هوامش الأرباح لسيارات الأسعار المنخفضة ضئيلة للغاية، حتى أنها لا تبرر إنتاج كميات كبيرة منها. وبحلول عام 2022، تراجعت الحصة السوقية للمركبات الصغيرة والمتوسطة إلى أقل من 30%.
وخلال العام الجاري، انتعشت الحصة ووصلت إلى 34%، وهي آخذة في الارتفاع. وزادت مبيعات سيارات السيدان المدمجة بنسبة 16.7% في شهر سبتمبر الماضي مقارنة بنفس الشهر قبل عام.
وعلى النقيض من ذلك، ذكر موقع “كار جوروس”، إن الشاحنات الكبيرة، ارتفعت أسعارها بنسبة تقل قليلا عن 6%. ولم تخقق مبيعات سيارات الدفع الرباعي الكبيرة نموا يذكر على الاطلاق – أقل من 1%.
ولا تزال الشاحنة “إف-سيريز” هي الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة خلال العام الجاري، كما كان الحال منذ قرابة نصف قرن، تليها شيفروليه سيلفرادو.
ولكن الشاحنة رام، من شركة ستيلانتس، والتي عادة ما تحل في المركز الثالث، تراجعت إلى المرتبة السادسة، حيث تفوقت عليها سيارات الدفع الرباعي الصغيرة الأقل تكلفة: تويوتا راف 4، وهوندا سي آر في، وتيسلا موديل واي (مع إعفاء ضريبي أمريكي قدره 7500 دولار).
وحدث التغير في معنويات المشترين في ما يخص القدرة على تحمل التكاليف سريعا هذا العام، مما فاجأ العديد من شركات صناعة السيارات، في ظل توفر عدد قليل للغاية من السيارات في نطاقات الأسعار المنخفضة.
ويقول المحللون إن أحد أسباب التحول هو أن العديد من الزبائن المستعدين لخفض ما يقرب من 50 ألف دولار لشراء سيارة جديدة، فعلوا ذلك بالفعل خلال السنوات القليلة الماضية.
أما هؤلاء الذين لديهم قدرة أقل – أو رغبة أقل- في إنفاق هذا الكم الكبير من المال، فقد احتفظوا في كثير من الحالات بسياراتهم الحالية لسنوات. لقد آن أوان استبدالها، ويبدو أن معظم هؤلاء لا يريدون إنفاق أكثر مما يجب عليهم إنفاقه.
وفي ظل تواصل ارتفاع معدلات القروض، وصعود متوسط أسعار التأمين على السيارات بنسبة ضخمة، وصلت إلى 38% على مدار العامين الماضيين، قال كيث مكلوسكي، الرئيس التنفيذي للوكالة التي اشترت منها تشوملي سيارتها تراكس: “يريد الجمهور فقط أن يكون مقتصدا على نحو أكبر فيما يخص هذا الأمر.”
وأشار روبرتس، من كار جوروس، إلى أنه حتى العديد من المشترين من أصحاب الدخل المرتفع يختارون سيارات أقل حجما وسعرا، وهو ما يرجع في بعض الحالات إلى الغموض بشأن الاقتصاد والانتخابات الرئاسية الوشيكة.
وأسفر هذا التحول إلى زيادة مخزون بعض شركات صناعة السيارات بعدد كبير للغاية من الشاحنات وسيارات الدفع الرباعي باهظة الثمن.
وحذر البعض، مثل شركة ستيلانتس، التي تنتج سيارات كرايسلر وجيب ورام، من أن مثل هذا التحول من شأنه أن يؤثر على أرباحها هذا العام.
وبالنسبة للعلامة التجارية شيفروليه، من إنتاج جنرال موتورز، توقع المسؤولون التنفيذيون الانصراف بعيدا عن السيارات “باهظة الثمن”، وكانوا قد استعدوا بالتصميم الجديد للسيارة تراكس، والتي ظهرت في ربيع عام 2023، حسبما أشار مايك ماكفي، مدير عمليات مبيعات شيفروليه.
وارتفعت مبيعات تراكس في أمريكا بنسبة 130% حتى الآن هذا العام ، مما يجعلها السيارة الرياضية متعددة الأغراض، المدمجة، الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة.
وقال ماكفي: “بشكل أساسي، نحن نضاعف حجم مبيعاتنا (تراكس) مقارنة بالعام الماضي.”
وليس من الواضح إلى متى سوف يتواصل نهج تفضيل سيارات الأسعار المنخفضة.
ويقول تشارلي تشيسبرو، كبير خبراء الاقتصاد لدى “كوكس اوتوموتيف” إلى أن سلسلة التخفيضات المتوقعة في معدلات الفائدة يجب أن تؤدي في نهاية المطاف إلى انخفاض أسعار الفائدة على قروض السيارات، وهوما سوف يجعل السيارات كبيرة الححم في متناول الجميع.
وتوقع تشيسبرو أنه من المحتمل أن تبدأ الاتجاهات في التغير حال بدأت أسعار الفائدة في الانخفاض… سنشهد المستهلكين وهم يبدأون في الانتقال إلى هذه المركبات الأكبر حجما”.
اقرأ أيضًا:
استقلها السيسي اليوم..”أوروس” سيارة خارقة يدير بوتين من داخلها حربًا
أرخص 5 سيارات سيدان “أتوماتيك” جديدة في مصر
بـ13.8 ألف جنيه.. قسط أحدث سيارة تقدمها هافال الصينية في مصر