ملتقى أزهري: الصحابة قدموا لنا النموذج والقدوة في كيفية مواجهة الأزمات والشدائد

10:32 ص
الخميس 13 مارس 2025
مصراوي:
عقد الجامع الأزهر، أمس الأربعاء، ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية، وكان موضوع حلقة اليوم: “الأزمات وأخلاق الصحابة”، وذلك بحضور الدكتور حسن يحيى، الأمين المساعد للجنة العليا لشئون الدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور نادي عبدالله، أستاذ الحديث وكيل كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، وأدار الملتقى الشيخ إبراهيم حلس، مدير إدارة الشؤون الدينية بالجامع الأزهر.
أكد الدكتور نادي عبدالله أن النبي “صلى الله عليه وسلم” قد خرج جيلا يتصرف ويتخلق وينطلق في حياته من الوحي الإلهي، من القرآن الكريم وسنته صلى الله عليه وسلم، فقد رباهم “صلى الله عليه وسلم” على معنى الأخوة، وربط بينهم برباط الأخوة الوثيق، الذي هو أقوى من أي رباط في الدنيا، مصداقا لقوله تعالى: “إنما المؤمنون إخوة”، فكان صحابة رسول الله “صلى الله عليه وسلم”، يتحابون ويتوادون ويقف بعضهم بجوار بعض، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”، فالمسلم يفرح لفرح أخيه المسلم ويتألم لألمه.
وبين وكيل كلية الدراسات الإسلامية أن صحابة رسول الله “صلى الله عليه وسلم” قد قدموا لنا النموذج والقدوة الحسنة في كيفية مواجهة الأزمات والشدائد، والتي نحن في أمس الحاجة إليها في أيامنا هذه، ومن ذلك ما حدث في غزوة تبوك، والتي كانت غزوة شديدة على المسلمين، حيث تعرض المسلمون فيها لبأس عظيم وصفه القرآن بقوله: “تولوا وأعينهم تفيض من الدمع”، فكان بكاؤهم بكاء رجال لا يجدون ما يتحملون عليه للقتال، لا بكاء على الدنيا، لأنهم أرادوا أن يقفوا موقفا عظيما مع نبينا “صلى الله عليه وسلم”، فيأتي في هذه الأثناء سيدنا عثمان بن عفان “رضي الله عنه” بثلاثمائة بعير مجهزة للقتال، وبعشرة آلاف دينار من الذهب، وضعها في حجر نبينا “صلى الله عليه وسلم”، فجعل النبي يقلبها ويقول: “ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم”، فضرب لنا مثلا يحتذى في كيفية مواجهة الأزمات والشدائد.
من جانبه، أوضح الدكتور حسن يحيى أن الأزمات هي التي تمحص المجتمع وتجعله قويا متماسكا قادرا على مجابهة الأحداث، فلو أن صحابة الرسول “صلى الله عليه وسلم” لم يمروا بأزمات، ما استطاعوا أن يخرجوا من مكة ولا المدينة، ولكن ما واجهوه من أزمات هي التي صنعت منهم رجالا، وخلصت قلوبهم لله ـ عز وجل ـ وشحذت هممهم، وفتقت أبصارهم على حلول لكل أزمة من منطلق عقيدة راسخة بأن الله معهم، لافتا أن أخلاقيات الصحابة مع الأزمات كانت أنموذجا يحتذى، ومن ذلك ما رأيناه منهم حين أرغموا على الخروج من دينهم مثلما حدث مع بلال بن رباح “رضي الله عنه”، حين صلب ووضعت على جسمه الحجارة في رمضاء مكة، فما كان منه إلا أن صرخ قائلا “أحد أحد”، فهذه الأزمة مقارنة بما نمر به في حياتنا نجد أنه لا أزمات في حياتنا، فما رآه سيدنا بلال أزمة حقيقية دونها الموت، ورغم ذلك لم تلن له قناة ولم تنحل له عقيدة، مقدما لنا أنموذجا خالدا في مواجهة الشدائد، وصولا إلى أن يصبح بعد ذلك من المشاركين في فتح مكة ويعتلي الكعبة مؤذنا في من عذبوه ليسمع الدنيا كلها “الله أكبر الله أكبر”، لتظهر قيمة التضحية، وأنه عندما تقتنع بقضية وطن وبعقيدة سليمة، فكل شيء دونها، فهكذا علمونا صحابة رسول الله “صلى الله عليه وسلم”.
وأضاف الأمين المساعد للجنة العليا لشئون الدعوة بمجمع البحوث الإسلامية أن الأنموذج الآخر ما فعله سيدنا صهيب بن سنان الرومي، حين خرج مهاجرا ليلحق بصاحبه نبينا “صلى الله عليه وسلم”، فأدركه القوم على مشارف مكة، فأمسكوا به، فقال لهم: “والله إنكم لتعلمون أني أرماكم رجلا”، فقالوا له “جئتنا صعلوكا لا تملك من حطام الدنيا شيء، وتريد أن تلحق بصاحبك لتقويه علينا بمالك، فقال لهم: “إن أردتم المال دللتكم عليه”، لأنه قارن ووازن بين عقيدة يدخل بها الجنة، وبين أموال لا قيمة لها، ثم لما لحق نبينا “صلى الله عليه وسلم”، فما كان منه صلى الله عليه وسلم إلا أن قال له: “ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع أبا يحيى”، في كلمات جبرت خاطر من ضحى من أجل دينه وعقيدته ومقدساته، وفيه نزل قول الله تعالى: ” وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ ۗ وَٱللَّهُ رَءُوفٌۢ بِٱلْعِبَادِ”، مؤكدا أن صحابة رسول الله قدموا لنا نماذج يزدان بها جيد الزمان، فحق لهم أن يفتحوا الدنيا وأن يحيى ذكرهم إلى يومنا هذا، فمكن الله لهم فتح الأندلس ومصر وفارس وغيرها من إمبراطوريات العالم في ذلك الوقت، لأنهم آمنوا بربهم وزادهم هدى، وقال الله في شأنهم: ” مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا”، فجاءتهم التزكية والتشريف من رب العالمين تبارك وتعالى.