ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة: جيل الشباب من الصحابة حمل راية الإسلام وقاد مسيرة الأمة

01:15 ص
الإثنين 10 مارس 2025
مصراوي:
عقد الجامع الأزهر، اليوم الأحد، حلقة جديدة من حلقات ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، والتي تناولت «مكانة الشباب وأهمية الوقت»، وذلك بحضور كوكبة من علماء الأزهر، على رأسهم فضيلة الدكتور عبد الله النجار، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون وعضو مجمع البحوث الإسلامية، وفضيلة الدكتور عبد الفتاح العواري، العميد الأسبق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وفضيلة الدكتور أحمد الهادي، مدرس أصول الفقه بكلية الشريعة بتفهنا الأشراف، وأدار الملتقى الدكتور مصطفى شيشي، مدير إدارة الأروقة بالجامع الأزهر.
أكد الدكتور عبد الله النجار أن مرحلة الشباب هي أهم مرحلة في حياة الإنسان، لأنها المرحلة التي يبدأ فيها التعامل المباشر مع الله عز وجل، حيث يصبح الإنسان مكلفًا مسؤولًا عن أفعاله، ويتلقى أوامر التكليف الإلهي مباشرة. وأوضح فضيلته أن هذا التحول شرف عظيم لا يدانيه شرف، حيث يصبح الشاب مخاطبًا من الله بتكاليف الشرع، قادرًا على حمل المسؤولية، واستثمار قوَّته فيما ينفعه في الدنيا والآخرة.
وأضاف: «لو أدرك الشاب هذه المكانة، لشعر بسعادة غامرة، لأنه صار يتخاطب مع الله عز وجل، ويتلقى عنه أوامر التكليف مباشرة». وأشار الدكتور النجار إلى أن مرحلة الشباب هي فترة الفتوة والقوة، وهي الأداة التي منحها الله للإنسان ليحقق بها المستحيل، ويصنع الإنجازات العظيمة.
من جانبه، أوضح الدكتور عبد الفتاح العواري أن الشباب هم مرتكز الحياة، والطاقة المحركة للمجتمع، فهم القادرون على العمل والبناء في كل المجالات، سواء في التعليم أو الطب أو الهندسة أو الزراعة أو الدفاع عن الأوطان.
وأشار فضيلته إلى أن القرآن الكريم أثنى على الشباب في أكثر من موضع، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾، وقوله على لسان ابنة الرجل الصالح عندما وصفت نبي الله موسى: ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾، مما يبرز قيمة القوة والأمانة في الشباب.
وأشار فضيلته إلى أن النبي ﷺ كان يولّي الشباب المهام العظيمة، مثل تكليف مصعب بن عمير بنشر الإسلام وتعليمه للناس في المدينة، وإسناد قيادة الجيوش إلى أسامة بن زيد وهو في السابعة عشرة من عمره، مما يعكس ثقة الإسلام في الشباب وقدرتهم على تحمل المسؤوليات العظيمة.
أما الدكتور أحمد الهادي، فقد ركّز حديثه على أهمية الوقت وقيمته في الإسلام، مشيرًا إلى أن الله سبحانه وتعالى أقسم بأجزاء الزمن في آيات عديدة، مثل: ﴿وَالْعَصْرِ﴾، ﴿وَالضُّحَى﴾، ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴾، مما يدل على أهمية الزمن في حياة الإنسان.
وأضاف أن النبي ﷺ أكّد هذه القيمة في حديثه: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ»، موضحًا أن الشباب يجمع بين هاتين النعمتين، ولذلك عليهم استغلال أوقاتهم فيما ينفعهم، حتى لا يكونوا من الخاسرين.
واستشهد فضيلته بقول الصحابي ابن مسعود رضي الله عنه: «ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، ونقص فيه أجلي، ولم يزد فيه عملي»، مشيرًا إلى أن إدراك قيمة الوقت نعمة عظيمة يجب شكرها بالعمل الصالح والاجتهاد في الطاعات.
في ختام الملتقى، أكد الدكتور مصطفى شيشي، مدير إدارة الأروقة بالجامع الأزهر، أن هذا اللقاء رسالة للشباب لاستنهاض الهمم وإدراك مكانتهم الحقيقية، مشيرًا إلى أن جيل الصحابة الشباب هو الذي حمل راية الإسلام، وقاد مسيرة الأمة، ونقل لنا هذا الدين الحنيف.
وأضاف أن الوقت هو رأس مال الإنسان، وهو النعمة التي سيُسأل عنها كل شخص يوم القيامة، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ: «إن لله في أيام دهركم لنفحات، ألا فتعرضوا لها»، داعيًا الشباب إلى اغتنام الفرص، واستثمار أوقاتهم فيما يعود عليهم وعلى أمتهم بالنفع والخير.
وقد شهد الملتقى تفاعلًا كبيرًا من الحضور، الذين طرحوا العديد من الأسئلة حول كيفية استثمار الوقت بفعالية، ودور الشباب في نهضة الأمة، وأهمية التخطيط الجيد للحياة، فيما أجاب العلماء على تساؤلاتهم، مؤكدين ضرورة التوازن بين العمل والعبادة، واستغلال الوقت في طلب العلم والتطوير الذاتي، والتخطيط للمستقبل برؤية واضحة وطموحة.