هل يجوز رد الدين بزيادة بسبب انخفاض القيمة الشرائية للنقود؟.. عالم أزهري يفصل الرأي الشرعي

10:58 ص
الأربعاء 14 مايو 2025
كتب – علي شبل:
كشف الدكتور عطية لاشين استاذ الفقه وعضو لجنة الفتوى بالأزهر عن حكم رد الدين بزيادة بسبب انخفاض القيمة الشرائية النقود، وذلك ردا على سؤال تلقاه من شخص يقول: أقرضت شخصا 5000 من الجنيهات هل يجوز عند رد القرض أن أطلب منه أن يرد 6000 نظرا لانخفاض القوة الشرائية للنقود؟
وفي رده يقول العالم الأزهري، قبل الإجابة عن هذا السؤال: نهمس في أذن الذين يستحلون، ويستبيحون أموال الناس عن طريق الاقتراض، فنقول لهم: إن الدين هم بالليل ،وذل بالنهار، وقد استعاذ صلى الله عليه وسلم منه فكان يقول يوميا في أذكار صباحه ومسائه (اعوذ بك من غلبة الدين، وقهر الرجال)، وفي أداء صلواته الخمس المكتوبات كان يستعيذ بالله من الدين عقب فراغه من قراءة التشهد الأخير وقبل السلام كان يقول (٠٠٠٠ وأعؤذ بك من المأثم والمغرم)٠
وفي وصف الذين يستدينون يقول القرآن الكريم: (أو مسكينا ذا متربة) أي التصق جسمه بالتراب من شدة الجوع.
وفي الجواب عن هذا السؤال، أورد عضو لجنة الفتوى بالأزهر ثلاثة أقوال لأهل العلم، هي:
القول الأول:
رأي الجمهور: الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في المذهب عندهم ذهب هؤلاء إلى وجوب رد القرض بمثله دون زيادة أو نقصان حتى وإن تغيرت قيمة النقود بالانخفاض بمرور الزمان
راجع في فقه الأحناف المبسوط وعند المالكية مواهب الجليل للحطاب وعند الشافعية البيان للعمراني و المجموع للنووي وعند الحنابلة المغني لابن قدامة أدلة الجمهور واستدل الجمهور على ما ذهبوا إليه بالسنة والقياس:
أولا السنة
روى الشيخان البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يد ا بيد)٠
وجه الدلالة من الحديث الشريف على رد القرض بمثله دل الحديث دلالة صريحة على أن التماثل المعتبر في الشريعة إنما هو التماثل في القدر ولا عبرة في التفاوت بالقيمة ما دامت الأموال يجري فيها الربا وعلى ضوء ماتقدم فإذا كان المقترض اقترض 5000 مثلا كما جاء في السؤال وعند الرد طلب منه أن يردها 6000 فا الملتزم بالسداد الذي هو المقترض زاد والملتزم له (هو المقرض) استزاد وهذا ما حذر منه سيدنا محمد رسول الله حينما قال :(فمن زاد أو استزاد فقد أربى)٠
الدليل الثاني: القياس
وهو القياس على عقد السلم أي قياس تغير قيمة النقود للرخص قبل القبض على رخص السلعة في السلم قبل تسليمها إلى المسلم الذي هو المشتري فلو رخصت السلعة في السلم قبل تسليمها إلى المشتري ليس له غيرها أي ليس له أن يعوض هذا النقص عن طريق طلب الاستزادة في مقدار السلعة فكذلك عند تغير قيمة النقود ليس للمقرض إلا ما دفع
القول الثاني:
يرى أن ترد النقود بقيمتها من الذهب عند تغير قيمة النقود رخصا أو غلاء وهذا ما ذهب إليه أبو يوسف في قوله الأخير والحنابلة في رواية.
القول الثالث:
يجب رد النقود بقيمتها من الذهب عند تغير قيمة النقود تغيرا فاحشا فقط فإذا كان تغيرا يسيرا فترد بمثلها وهذا ما ذهب إليه الرهوني من المالكية.
والراجح، يختم لاشين فتواه عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، قائلًا: نرى أن رأي الجمهور القائل برد القرض بمثله عددا هو الراجح، وكان هذا راجحا للأسباب الآتية:
1- إنه رأي الجمهور ولا يمكن تجاوزه أو العدول عنه إلى آراء فردية لأن الحق في جانب الجماعة أولى من كونه في جانب فرد
2- إن القول برد القيمة فيه شبهة ربا ويجب البعد عن ذلك لقول سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم :(فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه )٠
3- القياس على عدم التسعير الذي طلب منه صلى الله عليه وسلم فقال :(إن الله هو المسعر القابض الباسط )
4- أيرضى الدائن في المقابل العكسي أي حينما ترتفع القوى الشرائية للنقود أن يرد المقرض بالقيمة أو أنه يصر على طلب المثل لا شك أنه يتصلب عند طلب الرد بالمثل
5- إن عقد القرض ليس عقد استرباح أو مشاركة أو استثمار بل هو عقد إرفاق يرجى منه ثواب الله وعوض الله لأن المقرض لا يقرض عبدا مثله بل يقرض الله عز وجل قال ربنا سبحانه: (إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم)
وفي الختام يقول لاشين: إن حال المدين لا يخلو من واحد من أمرين:
الأمر الأول:
أن يكون عدم أدائه للدين أنه في عسرة ولقد اوجد القرآن الكريم حلا لهذه الحالة حيث قال ربنا في القرآن :(وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة )٠ بدون فوائد تأخير ( وإن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون)٠ أي بالعفو عن الدين وإبراء المدين منه ،وهبته له ،وليس بمطالبته برده زيادة عما أخذ٠
الأمر الثاني:
إن كان سبب عدم أدائه الدين استمراءه أكل أموال الناس والجحد والمماطله في الوقت الذي عنده الملاءة والقدرة على رد الدين، فقد أوجدت السنة النبوية حلا لهذا الأمر فروت كتب السنة عنه صلى الله عليه وسلم (مطل الغني ظلم) فاعتبر حينئذ ظالما، والظالم في حاجة إلى من يردعه، ويوقف ظلمه، يوقف ظلمه بماذا؟.. بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم (لي الواجد يحل عرضه وعقوبته)، أي يرفع أمره للقضاء ليتثبت القضاء من جحده وملاءته ،وحينئذ عزره القاضي بما يراه رادعا وله تعزيره عن طريق المال، فيحكم عليه برد الدين وزيادة عليه بما يقدره القاضي، وليس يما يطلبه الدائن.
ولفت العالم الأزهري إلى أنه يمكن توظيف خلاف العلماء الوارد في هذه المسألة لمن يثبت بيقين أنه يقترض أموال الناس لللضرورة ولا لحاجة إليها ،ولكن ليدخل بها مشروعات استثمارية فحينئذ يحكم عليه أن يجعل لصاحب الدين فضلا عن رد رأس مال القرض يحكم عليه بأن يرد معه قدرا من الربح الذي حصل عليه.. لكن تبقى القاعدة العامة أن الدين يرد بمثله عددا وليس قيمة.. والله أعلم
اقرأ أيضاً:
شقيقي عاجز عن دفع مصاريف مدارس أولاده فهل يجوز دفعها من زكاة مالي؟.. عالم أزهري يجيب
هل يجوز أن أصلي الفريضة خلف شخص يصلي السنة؟.. المفتي السابق يوضح
أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط