الفن والفنانين

المهرجان القومي للمسرح يناقش أساليب الإخراج وآليات الإنتاج غير الحكومي



12:34 م


الخميس 17 يوليه 2025

كتبت- منال الجيوشي

ضمن المحور الفكري للدورة الـ18 من المهرجان القومي للمسرح المصري، والذي يأتي هذا العام تحت عنوان “تحولات الوعي الجمالي في المسرح المصري”، عقدت جلستان فكريتان مهمتان ناقشتا أساليب الإخراج المسرحي المعاصر وآليات الإنتاج المسرحي غير الحكومي، وذلك بحضور عدد من المخرجين والباحثين وصُنّاع المسرح، ووسط تفاعل كبير من الحضور في المجلس الأعلى للثقافة.

أدار الجلسة الأولى الدكتور محمد عبد الرحمن الشافعي، بمشاركة الدكتورة إنجي البستاوي، والدكتورة هبة الله سامي، والمخرج محمد الحضري، حيث دار النقاش حول التغيرات التي طرأت على أساليب الإخراج المسرحي، ودور الارتجال، وتأثير المنهجيات الحديثة والتحديات الإنتاجية على التجارب الإخراجية الشابة.

تناولت الدكتورة إنجي البستاوي الحديث حول أساليب الإخراج المسرحي المعاصر، مشيرة إلى أهمية الارتجال كعنصر فاعل في العملية الإخراجية، وقالت: الارتجال والإبداع هما وجهان لعملة واحدة، والارتجال عنصر مميز جدًا في عملية الإخراج المسرحي، وقد ظهر الارتجال بشكل كبير بين فئات شباب المخرجين، وأصبح اللجوء إلى الارتجال الجماعي له دور كبير في خروج الكثير من العروض المسرحية المرتكزة على الكثير من النظريات والمناهج المسرحية المهتمة بتدريب الممثل، مثل منهج ستانسلافسكي أو أوجستو بوال.”

وأضافت: رواد فن الممثل الذين لجؤوا إلى عمل عروض مسرحية من اللاشيء، ومن أبرزهم تجربة يوجينو باربا، لديهم قدرة فريدة على خلق عرض مسرحي من لا شيء، وكيف نستطيع خلق نص ارتجالي مُحكم للعرض على خشبة المسرح. هذا ينطبق أيضًا على الممثل، وكيفية تكوين الشخصية التي يلعبها، وكيف يقوم بالارتجال بما يواكب تكوين الشخصية الدرامية.”

أما الدكتورة هبة الله سامي، فتحدثت عن الرؤى المنهجية للإخراج المسرحي لدى شباب المخرجين في ظل الظروف الإنتاجية المختلفة، مؤكدة أن: ليست لدينا أزمة في المسرح، ولكن الأزمة الحقيقية تكمن في عدة ملاحظات، أولها التغطية الإعلامية لفعاليات المسرح والمهرجانات، وثانيها الثقافة الخاصة بالمخرجين، وفي الحقيقة، ليست لدينا أزمة تفكير أو رؤى، ولكن لدينا أزمة في الإنتاج. فالمخرج يتحمل مهمة كبيرة، أولها البحث عن جهة إنتاج تستطيع تحقيق رؤيته الإخراجية.”

وأشارت إلى نقطة مهمة تخص المخرجين الشباب قائلة: لاحظت رغم وجود تجارب وأفكار مهمة وملهمة لشباب المخرجين في العروض التي كنت أحكم فيها في أكثر من مهرجان، أن هناك إهمالًا كبيرًا في القراءة، وهو أمر يجب أن ننتبه له جيدًا. ومع ذلك، فإن هؤلاء الشباب، رغم التحديات، قادرون على تقديم عروض مبهرة حتى في ظل ظروف إنتاجية صعبة.”

من جانبه، تحدث المخرج محمد الحضري عن تجربته مع “الجروتيسك” ونظرية إعادة التفكيك للواقع المعاش، قائلاً: هذا المنهج، التفكيك، يعمل على إنتاج صورة مسرحية غرائبية. وهناك فرق جوهري بين كوميديا ديلارتي والجروتيسك، حيث إن الهدف في الأولى هو الإضحاك، أما الجروتيسك فيقدم حالات شعورية مختلفة.”

وتابع: أنا أراعي من خلال العروض التي أخرجها الأنماط الاجتماعية والفكرية المختلفة في التلقي، وأسأل نفسي دائمًا: كيف يمكن للشخص العادي، مثل والدي، أن يفهم ما أقدمه؟ ولهذا أسأل نفسي قبل العرض: ماذا أقدم؟ وكيف أقدمه؟ وأسعد لحظات حياتي هي حينما يخرج الجميع وكل منهم قد أعجبه العرض بالشكل الذي يتناسب مع رؤيته.”

أدارت الجلسة الثانية الفنانة منى سليمان، وشارك فيها كل من المنتجة أروى قدورة، والمخرج سامي داوود، والفنان رامي دسوقي. وناقش المشاركون التحديات التي تواجه الإنتاج المسرحي غير الحكومي، واستعرضوا نماذج من تجاربهم في دعم المسرح الحر والمستقل.

قالت المنتجة أروى قدورة، رئيس مجلس إدارة مسرح الهوسابير، إن هدفها الرئيسي من خلال تجربتها في المسرح خلال 20 عامًا هو تخريج جيل جديد من المسرحيين، مشيرة إلى: أنا أستهدف من خلال العروض المسرحية التي أشرف على إنتاجها مراعاة الذوق العام للجمهور العادي، ولهذا أدقق كثيرًا في نوعية العروض المسرحية التي أقدمها، وفي كثير من الأحيان، أقوم بصرف أغلب العائد من المسرح على بعض العروض الواعدة. ولهذا أُطلق عليّ لقب (منتجة الهواة) من كثرة العروض التي أنتجتها للهواة في المسرح.”

وأضافت: الأمر الذي يهمني هو الإبداع الخاص والمصنوع من قبل المبدعين والموهوبين، خاصة في الخط الجديد للمسرحيين سواء من ناحية الأساليب الإخراجية أو الديكور أو النص المؤلف، والهدف الأساسي هو تقديم أفكار جديدة تهم المجتمع، مثل قضايا التنمر، الصداقة، إعادة التدوير، وسيطرة الألعاب الإلكترونية، فضلًا عن قضايا المرأة. وأسعى من خلال المسرح لتقديم باقة من الموضوعات المهمة التي تحقق إقبالًا جماهيريًا في الوقت نفسه.”

قال المخرج سامي داوود إن هناك نوعين من الإنتاج المسرحي غير الحكومي، الأول يستهدف الربح، والثاني يوجه جزءًا من هذا الربح لدعم التجارب الشبابية، موضحًا: إنتاج أي عرض يجب أن تتوفر له عدة مقومات أهمها التمويل، أماكن العرض، والجمهور المستهدف، وأغلب المنتجين يتجهون إلى تحقيق الربح، بينما هناك قلة من المنتجين الذين يديرون نمطًا مزدوجًا: تحقيق الربح من عروض معينة، ودعم تجارب مسرحية أخرى موجهة للشباب.”

وتابع: جزء كبير من عملي كمدير لبعض المهرجانات الدولية كان هدفه ليس فقط دعم عرض، بل مشروع ثقافي متكامل يشمل الورش الفنية، والإدارة الثقافية، والتسويق، والإضاءة، من خلال دعم مادي وفني شامل.”

تحدث الفنان رامي دسوقي، المدير المالي لاتحاد المعاهد الثقافية الأوروبية (EUNIC) في مصر، عن المنح الإنتاجية التي تقدمها المؤسسة، وقال: في يونيك نحاول كسر مركزية القاهرة والإسكندرية، وإعادة توزيع المنح على المحافظات الأخرى. نحن لسنا جهة مانحة فقط، بل شركاء في تنفيذ المشاريع، ونعمل مع مؤسسات مثل المركز الثقافي الفرنسي لتوفير المساحات، ونعمل مع وزارة الثقافة لإيجاد فضاءات إبداعية جديدة.”

وأضاف: نستقبل سنويًا أكثر من 700 استمارة، وهو ما يجعل عملية الاختيار معقدة، ونحرص على أن يتضمن الدعم فرصًا للتدريب والسفر، وليس فقط الدعم المادي. نحن نهتم بإيجاد فرص للفنانين الشباب لتوسيع خبراتهم على المستويين المحلي والدولي.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى