اقتصاد

كيف أثر انقطاع المياه والكهرباء 4 أيام على أهالي الجيزة؟ (صور)



06:15 م


الخميس 31 يوليو 2025

كتب وتصوير: أحمد الخطيب:

في ظل موجة حر شديدة تجاوزت فيها درجات الحرارة حاجز الأربعين، عاشت مناطق واسعة من محافظة الجيزة أزمة خانقة في المياه والكهرباء، حيث امتد الانقطاع في بعض المناطق إلى خمسة أيام متتالية، قبل عودتها محوّلاً الحياة اليومية للأهالي إلى رحلة بحث مرهقة عن أبسط مقومات العيش.

في منطقة فيصل المكتظة بالسكان يروي أحمد سمير، موظف في شركة لأنظمة نقاط البيع، أحد المتضررين من انقطاع الكهرباء جانبًا من معاناة أسرته خلال انقطاع الكهرباء: “زوجتي تواجه صعوبات في تحضير الطعام، ومع ندرة المياه النظيفة، أصبحت عبوة المياه المعدنية سلعة نادرة تُباع بأسعار خيالية، وصل سعر الواحدة منها إلى 39 جنيهًا بعد أن كانت بـ 10 جنيهات”.

شهدت محافظة الجيزة خلال الأيام الماضية أزمة غير مسبوقة في إمدادات الكهرباء والمياه، إذ امتد الانقطاع في بعض المناطق إلى أربعة وخمسة أيام متواصلة، وسط موجة طقس شديدة الحرارة تجاوزت فيها درجات الحرارة حاجز 40 درجة مئوية.

وكانت محطة محولات كهرباء جزيرة الذهب التابعة للشركة المصرية لنقل الكهرباء، قد توقفت عن العمل، نتيجة تكرار العطل في كابل الجهد العالي (66 ك.ف) بمنطقة ساقية مكي؛ ما أدى إلى انقطاع التيار عن عدد كبير من المناطق.

حياة مشلولة

خلال فترة انقطاع الكهرباء والمياه يقول سمير “في الأيام الأخيرة كنت أحرص على الذهاب إلى موقع عملي مبكرًا لأتمكن من الاستحمام قبل قدوم زملائي، أمّا أولاي فعلى عكسي لم يتمكنوا من الاستحمام منذ 5 أيام رغم الحرارة التي بلغت ذروتها هذه الأيام”.

يضطر سمير، إلى توفير جزء من احتياجات أسرته من المياه عبر أحد الصنابير المستمدة من المياه الجوفية بمنطقته، ويوضح: “أملأ عبوات كبيرة الحجم نسبيا منها وأقوم بحملها صعودا إلى الطابق الثاني عشر حيث أقيم مع أسرتي”.

مع ازدياد الطلب على عبوات المياه المعدنية في المحال التجارية في منطقة فيصل بمحافظة الجيزة، شهدت أسعار العبوات سعة لتر ونصف اللتر زيادات مهولة رغم عدم توافرها فارتفع سعر العبوة من 10 جنيهات إلى 39 جنيها، يقول سمير: “بدأ أصحاب المحال يقترحون علينا شراء المياه الغازية كبديل للمياه التي لا تتوفر لديهم”.

أزمة مزمنة

ويؤكد سمير أن هذه الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل امتداد لتراجع مستمر في الخدمات منذ سنوات، قائلاً: “أسكن هنا منذ بداية الألفينات. كان انقطاع المياه لا يتجاوز ساعتين، أما اليوم فقد تصل الانقطاعات إلى 18 ساعة يوميًا”. ويضيف: “تواصلنا مرارًا مع شركة المياه، ووعدونا بمحطات جديدة، لكن شيئًا لم يتحقق”.

لم تقتصر معاناة سمير على تحمل الحرارة في ظل انقطاع المياه والكهرباء فقط، بل امتدت إلى عملها الذي يضطر في كثير من الأحيان إلى استكماله من المنزل عبر الإنترنت: “أُجبرت على شراء راوتر هوائي من شركات المحمول بتكلفة بلغت 1800 جنيها فضلا عن جهاز لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية لتشغيله، وأقوم بشحن حاسوبي المحمول في مكان عملي”.

“انقطاع المياه والكهرباء ليس جديدا”

وفي حين أن الأزمة لم تتخطى بضعة أيام، يشير سمير إلى أنها الواقع من حيث انقطاع إمدادت المياه والكهرباء ليس بجديد عليهم إذ يأتي استكمالا لحالة من التراجع التدريجي في جودة الخدمات بمنطقته على مدار السنوات الماضية.

يوضح سمير: “أسكن بهذه المنطقة منذ بداية الألفينات؛ حيث كان انقطاع التيار الكهربائي والمياه لا يتخطى الساعتين، لكن الأمر بدء يسوء على نحو تدريجي مع ازدياد الكثافة السكانية، حتى بلغت فترة انقطاع المياه في بعض الأحيان 18 ساعة يوميا”، ويضيف: “تواصلنا مع شركة المياه عدة مرات وأخبرتنا أنها ستقوم بإنشاء محطات جديدة وهو ما لم يحدث”.

اعتذار رسمي وتفسير للأزمة

أمام تصاعد الغضب الشعبي، خرج الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ليقدم اعتذارًا رسميًا للأهالي، مشيرًا إلى أن السبب الرئيسي للأزمة يعود إلى عطل في كابلات محطة محولات “جزيرة الذهب”، التي كانت تعمل بأحمال تفوق طاقتها، ما أدى إلى توقفها وتأثر محطة المياه التابعة لها.

أوجاع المواطنين تتفاقم

بعيدًا عن التصريحات، تتفاقم معاناة الأهالي في الشوارع. في أحد أفران الخبز بمنطقة فيصل، يصف الشاب إسلام (20 عامًا) لياليه بأنها “كابوس خانق”، قائلاً: “أقضي النهار في حرارة شديدة داخل الفرن، وعند عودتي لا أجد ماءً للاستحمام ولا كهرباء لتشغيل مروحة.. الليل أصبح امتدادًا للعذاب”.

أما “أبو مكة”، عامل توصيل، فيحكي كيف أفسد انقطاع الكهرباء الأطعمة المخزنة في ثلاجته، مؤكدًا أن الظلام في الليل يُرعب أطفاله، بينما يضطر إلى شحن هاتفه المحمول من أحد المقاهي التي تعمل بمولد كهرباء خاص.

محمود حسن، موظف في الأربعينيات، يلخص الوضع بقوله: “نعيش كأننا في خيمة بالصحراء.. نشحن هواتفنا من محطات المترو ونستحم بمياه الطرمبات من محطات الوقود.. الأمر أصبح غير إنساني”.

كلفة مائية باهظة

محمد موسى، ميكانيكي بمنطقة ساقية مكي، اضطر خلال ذروة الأزمة لشراء عبوات مياه معدنية بـ400 جنيه في يوم واحد فقط، لتوفير احتياجات أسرته المكونة من 6 أفراد. ويقول: “حتى المياه استخدمتها لتبريد جسدي أثناء البحث عن مصدر مجاني.. لا طاقة لنا بهذه التكاليف”.

غياب الحلول وازدياد الضغط

رغم حديث المسؤولين عن “ضغوط استثنائية” و”خطط طوارئ”، لم تجد هذه التبريرات صدى لدى سكان مناطق مثل فيصل، الطوابق، المنيب، الهرم وغيرها من المناطق الأكثر كثافة سكانية في الجيزة، حيث لا يزال آلاف المواطنين يواجهون صيفًا ملتهبًا بلا كهرباء، ولا مياه، ولا رؤية واضحة لحل قريب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى