ماذا تستفيد مصر من صفقة توريد الغاز الإسرائيلي بقيمة 35 مليار دولار؟

05:07 م
الأحد 10 أغسطس 2025
كتبت – دينا كرم
أثار إعلان شركة “نيو ميد”، الشريك في حقل الغاز الطبيعي الإسرائيلي “ليفياثان”، الخميس الماضي، عن توقيع صفقة لتوريد الغاز إلى مصر بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار، جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، مما طرح تساؤلات حول الأسباب لتوقيع هذه الصفقة وماذا تستفيد مصر منها؟
تفاصيل الصفقة
كانت شركة “نيو ميد”، إحدى الشركاء في حقل الغاز الطبيعي الإسرائيلي “ليفياثان”، أعلنت أن الحقل وقع صفقة لتوريد الغاز إلى مصر بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار، وهي أكبر صفقة تصدير في تاريخ إسرائيل، وبموجب الصفقة، سيصدر الحقل حوالي 130 مليار متر مكعب من الغاز إلى مصر حتى عام 2040 أو حتى يتم الوفاء بالكميات المتعاقد عليها بالكامل.
بدأ حقل ليفياثان في توريد الغاز إلى مصر بعد وقت قصير من بدء الإنتاج في عام 2020، وكان قد وقّع اتفاقًا مبدئيًا في عام 2019 لتوريد 60 مليار متر مكعب، ومن المتوقع الانتهاء من تلبية هذه الكمية بحلول أوائل الثلاثينيات.
ويقع حقل ليفياثان قبالة الساحل المتوسطي لإسرائيل، وتُقدّر احتياطاته بنحو 600 مليار متر مكعب، وقالت شركة NewMed إن الحقل قد صدّر بالفعل 23.5 مليار متر مكعب من الغاز إلى مصر منذ عام 2020،
ماذا تستفيد مصر
قال مصدر بقطاع البترول، “لمصراوي”، إن مصر تعظم الاستفادة الاقتصادية من الغاز الطبيعي المستورد من إسرائيل، سواء من خلال توجيهه للاستخدام المحلي أو عبر إعادة تصديره كغاز مسال من خلال مجمعات إسالة الغاز في إدكو ودمياط على ساحل البحر المتوسط.
وأوضح المصدر أن مصر تعمل كمركز إقليمي لتجارة وتداول الطاقة، وأنه في حال وجود فائض من الغاز عن احتياجات السوق المحلي، تتم معالجته وتسييله ثم إعادة تصديره بأسعار أعلى، بما يعظم العائد الاقتصادي لمصر.
وأضاف أنه في حالة الاحتياج المحلي، فيستخدم الغاز كمادة خام تدخل في صناعات مهمة مثل الأسمدة والبتروكيماويات، مما يسهم في توفير منتجات للسوق المحلي أو تصديرها كمنتجات نهائية مما يعزز الاستفادة الإقتصادية أيضا.
وأشار إلى أن أولوية استخدام الغاز حاليًا للسوق المحلي، لكن في حال تحسن الظروف والعودة لزيادة معدلات الإنتاج في مصر، قد يعاد تصدير جزء من الكميات المستوردة، موضحًا أن مصر تحصل حاليًا على نحو مليار قدم مكعب يوميًا من الغاز الإسرائيلي.
وقال الدكتور رشاد حامد، مستشار منظمة اليونيسيف لتحليل البيانات، في منشور عبر صفحته الرسمية على موقع أكس، إن المكاسب الاقتصادية المتوقعة تنقسم إلى ثلاثة محاور رئيسية، وهي عوائد إعادة التصدير، فإذا أعادت مصر تصدير 60% من الغاز بعد تسييله، فإنها تحقق عائدًا صافياً يُقدر بـ 22 مليار دولار حتى عام 2040.
وأشار إلى أن تفاصيل العائد على النحو التالي تكلفة الشراء تبلغ 7 دولارات /MMBtu، وسعر التصدير العالمي يبلغ 15 دولارًا/MMBtu، والفرق الصافي يبلغ 8 دولارات/MMBtu، والكمية المعاد تصديرها تسجل 78 مليار متر مكعب ≈ 2.75 مليار MMBtu، أي أن العائد الإجمالي: 22.03 مليار دولار.
وتابع أن هناك مكاسب إضافية، منها رسوم استخدام محطات الإسالة (إدكو ودمياط) وهي تتراوح بين 1.5 و 2 دولار/MMBtu، بالإضافة رسوم النقل عبر شبكة الأنابيب المصرية، بالإضافة إلى عوائد الضرائب والتوظيف الناتجة عن العمليات الفنية واللوجستية داخل مصر، إضافةً إلى توفير العملة الصعبة وتقليل واردات الوقود، واستخدام الـ40% المتبقية محليًا يلغي الحاجة لاستيراد الوقود السائل (غاز مسال وسولار)، مما يحسن الميزان التجاري ويعزز احتياطي النقد الأجنبي.
وأوضح أن إجمالي المكاسب المتوقعة من إعادة التصدير تبلغ 22 مليار دولار ، والمكاسب الإضافية تبلغ 30 مليار دولار ، أي أن المجموع الكلي يبلغ 52 مليار دولار.
وأشار إلى أنه رغم وجود خيارات نظرية، إلا أن البدائل تواجه تحديات كبيرة، فحقل “أفروديت” واعد، لكن تطويره متعثر، والخط المزمع لنقل الغاز لن يُنجز قبل 2027 أو 2028، والغاز المسال العالمي (LNG) مكلف جدًا، بتكلفة تتراوح بين 9.5 و16.5 دولار/MMBtu، مقارنة بـ 6 إلى 8 دولارات للغاز الإسرائيلي. الفارق يصل إلى 27.5 مليار دولار.
وتابع أنه بالنسبة للعراق وليبيا رغم الإمكانيات، إلا أن الأوضاع السياسية والأمنية وغياب البنية التحتية تجعل الاعتماد عليهما غير عملي حاليًا، لذلك النتيجة هي أن إسرائيل هي المصدر الوحيد حاليًا القادر على تلبية احتياجات مصر بكميات كبيرة، بأسعار تنافسية، وباستقرار في التدفقات.
وأكد على أنه على الأثر الاستراتيجي والسياسي، فإن الصفقة تعزز من مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة، خاصة ضمن منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF )، حيث تُعد القاهرة مقرًا له وتملك البنية التحتية الوحيدة المؤهلة لتسييل وتصدير الغاز إلى أوروبا.
كما تكرّس مصر كشريك رئيسي للاتحاد الأوروبي في ملف أمن الطاقة، في ظل سعي أوروبا لفك الاعتماد على الغاز الروسي، مما يمنح مصر نفوذًا دبلوماسيًا واقتصاديًا ويفتح الباب أمام تمويلات واستثمارات أوروبية في البنية التحتية.
موضحًا أنه رغم الجدل السياسي، تمثل صفقة الغاز مع إسرائيل خيارًا عقلانيًا واستراتيجيًا لمصر في الوقت الراهن، نظرًا للفوائد الاقتصادية المباشرة، والتكلفة المنخفضة، والمردود السياسي الكبير.
وأشار إلى انه رغم المكاسب، لابد أن تعمل مصر بالتوازي على تعزيز الاستثمارات في التنقيب والإنتاج المحلي، وتسريع مشاريع الربط مع قبرص وليبيا، بالإضافة الحفاظ على التوازن السياسي مع شركاء المنطقة.
ماذا قالت وزارة البترول؟
قال معتز عاطف المتحدث الرسمي بوزارة البترول والثروة المعدنية، أن هذه الصفقة امتدادًا لاتفاقية قائمة من 2019، وذلك يأتي في إطار استراتيجية الوزارة لتنويع مصادر الطاقة، لعدم الاعتماد على مصدر واحد.
وأكد أن هذا يهدف إلى تعزيز تداول الغاز داخل السوق المصرية وتحقيق هدف تحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة، إلى جانب استخدامه في الاستهلاك المحلي وإعادة تصديره.
وفيما يتعلق بمدة الاتفاقية الجديدة الممتدة حتى عام 2040 وقيمتها المعلنة البالغة 35 مليار دولار، أوضح عاطف أن هذا الرقم ليس نهائيًا، مضيفًا: “العمل بعقود طويلة الأجل يحقق لنا تأمينًا استراتيجيًا لمصادر الطاقة، بحيث إذا احتجنا الغاز يكون متوفرًا، وإذا لم نحتاجه لا تكون هناك مشكلة، لكن الأهم هو ضمان وجوده كمصدر بديل للتأمين”.
اقرأ أيضًا:
الشركة الإسرائيلية تكشف تفاصيل “صفقة الغاز الكبرى” مع مصر
وزير البترول الأسبق يوضح أسباب تراجع إنتاج الغاز في مصر
بعد قفزته عالميا.. كيف يتأثر سعر البن في مصر؟ رئيس الشعبة يوضح