مصر 2025.. كيف يمكن أن يخرج قطاع البترول والطاقة من الأزمة؟
03:54 م
الأربعاء 01 يناير 2025
كتبت- دينا كرم:
يرى خبراء في قطاع البترول أن عام 2025 سيشهد تحديات كبيرة، في الوقت الذي تعتمد فيه مصر بشكل كبير على الغاز الطبيعي لتشغيل القطاعات الصناعية والكهرباء، في ظل تفاقم العجز بين الإنتاج والاستهلاك، والذي يمثل أحد أبرز الأزمات التي تواجه القطاع.
رفع إنتاج الغاز الطبيعي
قال مدحت يوسف، نائب رئيس الهيئة العامة للبترول سابقًا” لمصراوي”، إن أهم التحديات التي تواجه قطاع البترول في مصر في 2025، تتمثل في كيفية رفع إنتاج الغاز الطبيعي في ظل التناقص الحاد الذي حدث مؤخرًا.
وأوضح أن مصر تعاني عجزا في إنتاج الغاز الطبيعي، وهذا العجز يختلف باختلاف الفصول، حيث يقدر بـ 1.8 مليار قدم مكعب يوميًا في الشتاء، ويزداد إلى 3 مليارات قدم مكعب يوميًا في الصيف، خاصة مع ازدياد استهلاك الغاز محليا في القطاعات الصناعية والكهرباء.
وأضاف، أن هذا التناقص سببه الأساسي هو غياب اكتشافات كبيرة أو ذات إنتاجية عالية مثل حقل ظهر الذي بلغ ذروة إنتاجه في 2020/2021، بالإضافة إلى ظاهرة تقادم الحقول والتي تؤدي إلى تناقص طبيعي في إنتاج هذه الحقول، مما جعل الفترة الحالية والقادمة تشهد تحديا في كيفية تدبير احتياجات البلاد من الغاز.
وبحسب بيان سابق لوزارة البترول والثروة المعدنية، فقد بلغ إجمالي الاستهلاك المحلي السنوي من الغاز حوالي 2.2 تريليون قدم مكعب، بمتوسط حوالي 6 مليارات قدم مكعب غاز يومياً، وجاء قطاع الكهرباء في مقدمة القطاعات المستهلكة للغاز الطبيعي بنسبة تناهز 58% من إجمالي استهلاك مصر من الغاز.
وأشار مدحت، الي أن الفترة القادمة تتطلب البحث عن حلول لتأمين احتياجات البلاد، منها أنه يمكن التفكير في شراء سفينة إعادة تغويز لزيادة الإنتاجية من خلال استثمار مشترك مع القطاع الخاص المصري أو الأجنبي، مشيرًا إلى أن ملكية القطاع الخاص المصري لهذه السفينة ستعود بالفائدة على الاقتصاد المحلي.
الاكتفاء الذاتي التحدي الأكبر
وأكد يوسف، أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية يمثل تحديًا كبيرًا، فالحقول الحالية ما زالت في مرحلة الحفر لتغطية جزء من احتياجات السوق.
في حين أن الاكتفاء الكامل يعتمد على اكتشافات جديدة، وحتى الآن، لم تظهر أي اكتشافات جديدة تستطيع سد هذه الفجوة، وكل ما يحدث حاليا هو تنمية الحقول القديمة، وعلى افتراض أنه ظهرت فجأة شركة تعلن عن اكتشاف حقل ضخم، فإن دخوله مرحلة الإنتاج سيستغرق على الأقل 4 سنوات.
وفرة البترول
واتفق حسام عرفات، رئيس شعبة المواد البترولية بالغرف التجارية مع الرأي السابق في أن ضمان وفرة المواد البترولية بجميع أنواعها، سواء الغازية أو السائلة، يعد أمرًا حيويًا الفترة المقبلة، وهذا أكبر تحدي أمام القطاع، ومن أهم ما يتطلب الاهتمام به خلال الفترة القادمة.
وأضاف عرفات، في حديثه مع مصراوي أن تحقيق ذلك يتطلب وضع خطة زمنية دقيقة بناءً على الإمكانات المتاحة، مع توفير الموارد المالية اللازمة لضمان تلبية الطلب المحلي.
وأشار إلى أن ذلك يتحقق من خلال معرفة الموارد المتاحة وما يستلزم توفيره سواء بالضخ من الداخل أو بالاستيراد من الخارج، وذلك حتى لا يقع القطاع أمام تحديات أكبر خلال الفترة المقبلة، وحتى لا تتكرر أزمة انقطاع الكهرباء التي سبق وتكررت في صيف 2024.
مشروع أنوبك خطوة هامة
وأشار مدحت يوسف، إلى أن مشروع “أنوبك” بأسيوط المتوقع تشغيله في 2025، يمكن أن يمثل خطوة مهمة لسد جزءا من احتياجاتنا من الغاز، لكنه أوضح أن تأثير المشروع على تلبية احتياجات السوق لم يتضح بعد.
وأكد على ضرورة اختيار الوقت المناسب لتشغيله لتحقيق أقصى استفادة منه.
ومشروع أنوبك يستهدف إنتاج نحو 2.5 مليون طن سنوياً منتجات بترولية، يأتي في مقدمتها السولار بالمواصفات الأوروبية، بواقع 1.6 مليون طن لتقليل الاستيراد من هذا المنتج الحيوي، وتأمين استهلاك محافظات الصعيد من خلال هذا المشروع بديلا عن نقل السولار إليها من شمال مصر، وكان من المقرر أن تبدأ أعمال تجارب التشغيل خلال 2025.
وأوضح يوسف، أنه بافتراض اكتشاف حقول جديدة بطاقة إنتاجية متوسطة، مثل حقل نورس والذي يقع في منطقة امتياز أبو ماضي الغربية بدلتا النيل، والذي كان ينتج بنحو 1.2 مليار مكعب غاز يوميا، أو اكتشاف حقول مثل حقول شمال الإسكندرية والتي كانت تنتج بنحو 600 مليون قدم مكعب غاز، فإن مثل هذه الاكتشافات ستساعد في سد جزء من الاحتياجات ولكن ستظل هناك فجوة بين الإنتاج والاستهلاك لم يوجد حل لسدها سوي بالاستيراد.
وتابع يوسف، أن هذا يضع القطاع أمام تحدي جديد، وهو توفير السيولة الدولارية، وتدبير العملة من أجل استيراد المواد البترولية لتلبية وسد الاحتياجات المتزايدة.
وقال نائب رئيس الهيئة العامة للبترول سابقا، ورئيس شعبة المواد البترولية، إن قيام الدولة بإطلاق حزمة محفزات لتشجيع الشركاء الأجانب، سيساعد على استئناف برامج البحث والتنقيب من جهة، والقيام بعمليات التنمية للحقول القائمة من جهة أخرى، وذلك قد يساعد في رفع الإنتاج والاستغناء تدريجيًا عن عملية استيراد المواد البترولية.