اقتصاد

مقترح ساويرس.. هل يحل بيع الأصول بالدولار أزمة ديون مصر الخارجية؟



01:49 م


الخميس 28 أغسطس 2025

كتب- أحمد والي:

عرض نجيب ساويرس رجل الأعمال المصري، مقترحا على على الحكومة المصرية للخروج من أكبر أزمة سداد الديون الأجنبية التي وصفها بأنها “العقبة الوحيدة”.

وقال ساويرس في تدوينة عبر حسابه على منصة “إكس” (تويتر سابقًا) إن الاقتصاد يزداد تحسنًا في مصر “لكن فاضل بس سداد الديون الخارجية، دي العقبة الوحيدة وحلها سهل، الدولة تطرح الأراضي المتبقية في الساحل الشمالي والبحر الأحمر بالدولار للمصريين والأجانب، وتخصص الكام شركة اللي بقالنا ميت سنة بنقول هنخصخصها”.

ارتفع الدين الخارجي لمصر 1.6 مليار دولار خلال الربع الأول من العام الحالي ليسجل 156.7 مليار دولار مقابل 155.1 مليار دولار بنهاية 2024، بحسب بيانات وزارة التخطيط المصرية.

في فبراير 2024 وقعت مصر على أكبر صفقة استثمارية مع الإمارات بقيمة 35 مليار دولار لتطوير مشروع رأس الحكمة المطل على البحر الأبيض المتوسط بمساحة 170 مليون متر مربع.

ساعدت هذه الصفقة في خروج مصر من أكبر أزمة نقد أجنبي مرت بها في 2022 و2023 وكذلك تراجع الدين الخارجي على مصر وتحول صافي الأصول الأجنبية للبنوك المصرية من سالب إلى موجب.

بين التفاؤل والحذر

وصف الدكتور محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي وعضو لجنة الاقتصاد الكلي الاستشارية لمجلس الوزراء، مقترح ساويرس بأنه مُقدر ومهم لكنه لا يمثل الحل الكامل للأزمة الاقتصادية.

وأوضح فؤاد أن تخفيف بصمة الدولة في الاقتصاد ضرورة، غير أن الأزمة أعمق من مجرد عمليات بيع أو خصخصة، مشيرًا إلى أن مصر تواجه مشكلات هيكلية ممتدة يمكن تلخيصها في ثلاثة محاور رئيسية.

المحور الأول يتمثل في بصمة الدولة الثقيلة التي تجعلها في الوقت نفسه لاعبًا ومنظمًا.

أما العامل الثاني ضعف القدرة على تعبئة الموارد، إذ لا يمكن للاقتصاد الاستمرار معتمدًا على بيع الأصول أو الاقتراض أو الموارد الريعية دون التحول إلى اقتصاد إنتاجي يولّد قاعدة ضريبية حقيقية، وأخيراً، ملف الطاقة الذي يثقل كاهل الموازنة العامة ويضع المالية تحت ضغط دائم.

وأشار فؤاد إلى أن التحول إلى اقتصاد إنتاجي مستدام هو التحدي الحقيقي، وأن التخارج أو بيع الأصول يكون بلا جدوى إذا لم يرتبط برؤية شاملة لمعالجة جذور الأزمة.

تجربة بيع الأراضي السابقة

وأوضح الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، أن فكرة بيع أراضٍ بالعملة الأجنبية للمصريين في الخارج أو الأجانب، كما اقترحها ساويرس، ليست جديدة، وتم تنفيذ مشاريع مماثلة مثل مشروع “رأس الحكمة” بقيمة 35 مليار دولار، ومشروع آخر مع الحكومة القطرية بقيمة 4 مليارات دولار، بمشاركة المصريين بالخارج.

وأشار بدرة إلى أن بيع الشركات الحكومية والأراضي قد يصل إلى 4–5 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة، لكنه شدد على أن ربطها بسداد الدين الخارجي البالغ 155 مليار دولار أمر غير منطقي زمنيًا، لأن تحقيق هذا المبلغ سيستغرق سنوات عديدة.

وأكد أن الحل الأكثر فاعلية يكمن في تسريع كل أشكال الاستثمار -مباشر، سياحي، عقاري أو صناعي- وتسهيل بيئة الاستثمار بما يتيح للمستثمرين بدء مشاريعهم بسرعة دون عقبات إدارية أو ضريبية.

المخاطر والتحديات

رأى الدكتور وائل النحاس، المستشار الاقتصادي وخبير أسواق المال، أن اعتماد بيع الأراضي والخصخصة كحل لأزمة الديون صعب التحقيق.

وأوضح أن المصريين في الخارج لم يعودوا لديهم نفس الحافز للاستثمار في الأراضي، وأسعار العقارات المرتفعة تقلل جاذبيتها، والأموال المستثمرة فيها لا تعتبر استثمارًا منتجًا بل تؤدي إلى تجميد السيولة.

وأضاف النحاس أن تباطؤ القطاع العقاري قد يؤثر على القطاع المصرفي، حيث استردت بعض الشركات الكبرى وحدات بقيمة تتجاوز مليار جنيه بسبب عجز العملاء عن السداد.

وختم النحاس بأن ما يطرحه ساويرس أقرب إلى تسويق أفكار لخدمة مصالح محددة أكثر من كونه حلًا واقعيًا لأزمة الديون، مؤكداً أن الحلول تتطلب سياسات اقتصادية أوسع لجذب استثمارات إنتاجية حقيقية.

الطريق الطويل للتنمية

وأشار محمد عبد العال، الخبير الاقتصادي، إلى أن جزءًا من حل أزمة الدين الخارجي قد يكون عبر خصخصة الساحل الشمالي وبيع الأصول بالدولار، مع التأكيد على أن التنمية الاقتصادية تحتاج إلى استراتيجية طويلة المدى وبنية تحتية قوية تشمل الطرق والموانئ والمطارات لجذب المستثمرين الأجانب وإقامة مشاريع إنتاجية.

وشدد عبدالعال على أن الاقتراض يُمكن الاعتماد عليه عند الحاجة للبناء، طالما هناك قدرة على السداد.

وأكد أن التوجه الاستراتيجي الحالي هو الاستثمار المباشر كبديل للاعتماد على الاقتراض، عبر جذب المستثمرين الأجانب لتمويل المشاريع محليًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى